لا يا أنصار جاليري
متاجر "أنصار جاليري" المتعددة الأقسام في المنامة يمكننا الإشادة بها لما تساهم به من جهد مقدر في زيادة منافذ البيع أمام المستهلك بأسعار معقولة ... وهي بين الحين والآخر تقوم بتقديم عروض خاصة عامة ومحدودة لا بأس بها .... ولكن تظل مشكلتها الكأداء وسلبيتها وكعب أخيلها يتمثل في جلافة موظفيها من النيبال بوجه خاص الذين والله أعلم كأنهم كانوا جنودا سابقين في صفوف الثوار الماويين ؛ أو كأنهم جاءوا إلى مطار البحرين من قمم وشعاب سلسلة جبال الهمالايا رأسا دون العبور بمرحلة من المدنية تعلمهم الذوق العام وحسن ردود الأفعال وإتيكيت طيب الكلام وكيفية التعامل مع الزبائن بالود والتهذيب والأريحية اللازمة مثلما يفعل غيرهم في المتاجر والمجمعات الأخرى التي تملأ أرض البحرين بطولها وعرضها.
أحد الأصدقاء ذهب اليوم السبت بتاريخ 11/6/2011م الساعة الثانية عشر والنصف ليتسوق هناك فقرأ عن "عرض خاص" على وجبة البرياني الهندية الشهية.
العرض مغري وفق ما حكي لي الصديق عبر الهاتف ، هبط بالسعر المعتاد للكيلو من 1.5 دينار (15 ريال) إلى 0.990 فلس فقط لا غير (2.6 دولار أمريكي).......
ومن المتوقع أن يكون صديقي الموظف العازب الغلبان هذا قد سارع بإبتلاع ريقه ، وهرول يركض ويعتلي السلالم ويستعجل في مشيه يتخطى أكتاف الزبائن كي يصل قبل فوات الأوان إلى كاونترات المطعم الخاص بهذه المحلات التجارية . فيكتال لنفسه كيلوجرام بالكمال والتمام يكفيه مؤونة الغداء ربما ليومين قادمين.
ولكن سرعان ما خاب ظن الصديق حين وصل إلى "كاونتر" الطعام فوجد أكثر من زبون وقوف ومكان حاوية البرياني الهندي الشهي الملهلب بالبهارات خاليا حتى من حبيبات الأرز المتساقطة على الجنبات ....
توجه صديقي بالسؤال إلى البائع النيبالي الجنسية بستفسر بلهجة العاشق الولهان المشتاق عن البرياني الهندي المأمول ؛ منتظرا إجابة دبلوماسية تطيب خاطره أو وعد مبذول يشقي الغليل . ولكنه فوجيء بالبائع النيبالي المتعجرف الخشن المقال ينتهره ويرفع عقيرته بالصوت ويرد عليه بإهانة بالغة ويشوح له بيديه أن ينتظر قائلا:
- Wait ….. Wait
رددها البائع النيبالي المتعجرف بجفاء وطريقة مهينة ؛ كأنه يرد على "إبن سبيل" و "ذي حاجة" و "بائس معتر" جاء يمد يده يستجدي الطعــام في موائـــد اللئـــام ...
عقدت الدهشة والمفاجأة لسان صديقي العازب الجائع فترة وكأنه لا يصدق ما جرى له من إهانة جرحت كرامته وحطت من قدره وكبريائه أمام الزبائن الذكور منهم عامة والإناث بوجه خاص ، والذين وجهوا إليه نظرات حب الإستطلاع اللحوحة المحرجة رغبة في قراءة ومشاهدة ردود أفعاله ودفاعه المشرع عن النفس حيال ما جرى له من إهانة يندي لها الجبين على لسان ويد وتعابير وجه وجسد هذا العامل النيبالي المتعجرف.
حاول صديقي الهروب من النظرات اللحوحة التي بدت وكانها تطالبه بالدفاع عن كرامته ورد الصاع صاعين . ولكنه لم يجنح سوى للسلم ، فهو كما عرفته شخص طيب وقور متسامح هين لين العريكة غير ميال للدخول في عراك ومشاجرات ومشاحنات ...
جالت عينا صديقي وسط الباعة الآخرين يبحث عن حل سلمي وخروج مشرف من الأزمة على طريقة الجامعة العربية . فرأى موظفا مصريا قادما من بعيد ؛ كان هو الوحيد العربي الوجه واليد واللسان وسطهم. فانتظره حتى اقترب ثم سأله :
- هل من مسئول أستطيع التقدم إليه بشكوى؟
رد عليه المصري بكل تهذيب:
- نعم أنا المسئول.
حمد صديقي الله على الوصول إلى بر السلامة ودنو ساعة الخلاص من الإحراج . فشكا له ما دار بينه وبين البائع النيبالي الذي ما أن فهم بذكائه المتواضع أن الحديث يحمل شكوى عنه حتى سارع بترك ما كان ينشغل به. وعاد يقفز نحوه كالتيس الجبلي الأصفر الأقرن والشرر يتطاير من عينيه وهو يلوح في وجهه بالمغرفة الحديدية البيضاء الضخمة صارخاً :-
- ?I TOLD YOU WAIT WAIT . YOU DONT UNDERSATAND
وترجمتها لمن يكره الإنجليزية هي "قلت لك إنتظر ... إنتظر... ألا تفهم؟
التعليقات (0)