لا وجود للأمازيغ.!!!! في لقاء مع وفد مغربي يضم ممثلين عن الأحزاب السياسية وبرلمانيين وفعاليات نسائية و منظمات شبابية ورجال أعمال، قال العقيد الليبي معمر القذافي : " ان أولئك الذين تقولون عنهم في المغرب أمازيغ هم عرب أقحاح "، ودعا الى إغلاق جميع الإذاعات والقنوات التلفزيونية الناطقة بالأمازيغية، لأن الابقاء عليها يمثل " استجابة للمقولة الخاطئة أن هناك عربا وغير عرب ".
الخرجة الاعلامية لملك ملوك افريقيا لم تكن مفاجئة، فمواهب العقيد لا تنتهي و حكمته لا تنضب. وليس مستغربا أن يصدر مثل هذا الكلام عن وريث و زعيم " القومية العربية ". والقذافي بتصريحاته هذه يقفز على الحقائق و ينسجم مع المثل القائل : " عنزة ( أو معزة ) ولو طارت "، اذ لا يهم هنا ما يقوله التاريخ، فللعقيد تاريخ خاص لم يقرأه الآخرون على ما يبدو. و بعد فشل كل المشاريع القومية التي دافع عنها الزعيم لمدة طويلة، يبدو أنه استنتج أن العائق أمام الوحدة العربية هو قضية الأمازيغية التي شتت الصف العربي و فرقت الإخوة العرب. وعندما يؤكد القذافي أن ( الأمازيغية فكرة استعمارية دسها المستعمر بيننا لتفريقنا وتشتيتنا )، فهذا يعني أن الثقافة واللغة الأمازيغية التي مازالت حية في شمال افريقيا منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة، لا تعني شيئا و لا تشير الى أية هوية انسانية. و تعليق الأمازيغية على مشجب الاستعمار يندرج ضمن أسطوانة المؤامرة التي لا يمل العرب من تكرارها في كل المواقف و الحالات.
عند تعريض مواقف الحركة الأمازيغية في المغرب والجزائر على الخصوص للقراءة و التعليق، يتفق كثير من النقاد والمهتمين بأنها تحمل خطابا راديكاليا ومتطرفا. لذلك لا بد أن نسأل هنا: من الراديكالي الحقيقي؟ هل هو من يطالب بحقوقه الهوياتية المشروعة أم ذلك الذي ينكر أي وجود لهذه الهوية؟. طبعا لا يحتاج السؤال الى جواب. إذ من الواضح أن منطق العروبة يتأسس على الأحادية و يختزل كل المكونات الثقافية في اطار واحد. ولا يمكن لأي عاقل أن يقبل أطروحة أن الأمازيغ من أصول عربية، في الوقت الذي تثبت شواهد التاريخ أنهم سبقوا العرب الى شمال افريقيا بمئات السنين. لكن يبدو أن هذه الحقائق لا معنى لها في عرف هؤلاء الذين يريدون استئصال الأمازيغية بدعوى الحفاظ على وحدة المجتمع. وهذه الثقافة التي تستقي أفكارها من تراث القبلية و العشيرة، تظهر حجم الانغلاق و غياب التعددية في الفكر القوماني العربي الذي مازال رغم كل الدروس والعبر يرفع شعارات وهم الوحدة العربية، ويحاول تجاوز إخفاقاته بالعزف على أوتار حساسة بالنسبة لآخرين.
إن مثل هذه الأفكار الاستئصالية التي لا يتورع البعض عن التصريح بها هي التي تحتاج الى نقد و تقويم، فالأمازيغية حقيقة ثابتة لا يمكن القفز عليها بجرة قلم أو ببضعة كلمات مرتجلة. و ليس للأمازيغ أية مصلحة في معاداة العرب والعروبة، وإنه لأمر ايجابي أن يمثل العرب في الشرق عمقا استراتيجيا لأمازيغ شمال افريقيا. لكن ما لا يمكن القبول به هو هذا الاصرار على إماتة الأمازيغية وطمس معالمها و التشكيك في وجودها. ولأن قدر هذه المنطقة هو أن تكون نقطة تلاقح بين الأمازيغ والعرب، فإن المستقبل لا يمكن أن يصنع إلا عبر الإعتراف الرسمي والواقعي بالهوية الأمازيغية، وهذا لا يتأتى إلا عبر إنقاذها من الفولكلورية و رفع الوصاية العربية. محمد مغوتي.03/06/2010.
التعليقات (0)