اليمين الأوروبي يصعد استهدافه للمسلمين:
لا للمآذن..لا للمساجد..ومخططات إرهابية خطيرة!
اعتقالات في أوروبا ونيوزيلندا وأستراليا
بقلم/ ممدوح الشيخ
في مفاجأة غير متوقعة أعلن في بريطانيا الكشف عن حملة خططت لها جماعات يمينية متطرفة لمهاجمة المساجد، حجم المخطط ودقة التجهيزات والطبيعة الأسلحة المضبوطة قد تشير إلى ما هو أخطر، وقد تكون كما يقول التشبيه الشهير "قمة جبل الجليد العائم". فبريطانيا كانت دائما تفخر بأنها ذات تقاليد ليبرالية عريقة ونموذج تعددي حقيقي يجعلها بمأمن من أعاصير التشدد العرقي التي تضرب القارة الأوروبية بانتظام منذ سنوات.
قنابل وخرائط ومنشورات
السلطات البريطانية قامت بمصادرة 300 قطعة سلاح و80 قنبلة من شبكة تشتبه بأن أعضائها من المتطرفين اليمينيين. واستجوبت الشرطة البريطانية 32 شخصاً في إطار عملية أثارت المخاوف من احتمال أن يكون متطرفون يمينيون يخططون لشن حملة تفجيرات واسعة ضد المساجد في بريطانيا بعد عثور الشرطة على بطاقات عضوية في الحزب القومي البريطاني ومنشورات يمينية متطرفة خلال مداهمة منزل أحد المشتبهين وجهت ضده لاحقاً تهماً بموجب قانون مكافحة الإرهاب.
وفي أكبر عملية تستهدف أسلحة الإرهابيين في بريطانيا منذ سنوات صادرت الشرطة راجمات صواريخ وقنابل وعبوات ناسفة وأسلحة نارية في الأسابيع الستة الماضية خلال مداهمات طالت أكثر من 20 منزلاً واحتجزت بموجبها عشرات الأشخاص وجهت بحقهم لاحقاً تهماً بموجب قانون مكافحة الإرهاب.
وتخطط الشرطة البريطانية تخطط لاعتقال المزيد من الأشخاص المشتبه بتورطهم في حملة التفجير في إطار عملية على صلة باعتقالات نفذتها الشرطة في أوروبا ونيوزيلندا وأستراليا، وتحقق الآن للتأكد من مزاعم عرض أسلحة للبيع عن طريق شبكة الإنترنت على زوار موقع يميني متطرف. والمثير في المعلومات المتوفرة حتى الآن أن الشرطة صادرت خرائط ومخططات لمساجد من منازل ناشطين يمينيين متطرفين فيما يراقب جهاز الأمن الداخلي (إم آي 5) تحقيقات الشرطة عن كثب.
فوبيا المآذن
ويأتي الكشف عن هذه المعلومات التي تكشف عن تطور لا سابقة له في استهداف اليمين البريطاني للمسلمين متواكبة مع تطورات متفاوتة الحدة في مختلف أنحاء أوروبا، ففي سويسرا ندد الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية بالحملة التي يقوم بها اليمين السويسري لمنع بناء المآذن على الأراضي السويسرية محذرا من تأجيج "المشاعر المعادية للأجانب" في البلاد ومنبها إلى أن الحملة تنطوي على تشهير بمسلمي ومسلمات سويسرا. وتسعى قوى يمينية سويسرية بموجب المبادرة تسعى لإضافة بند في دستور البلاد يحظر المآذن.
وتستغل هذه الحملة مخاوف لدى السويسريين وتعزز المشاعر المناهضة للأجانب لتحقيق مكاسب سياسية. وكان اليمين الشعبوي السويسري قرر عام 2008 الدعوة إلى تصويت شعبي على بناء المآذن في سويسرا إلا أن موعد هذا التصويت لم يحدد بعد. ويعتبر اليمين الشعبوي السويسري القوة الأولى في البلاد ونجح سابقا في جمع نحو 100 ألف توقيع ضد بناء المآذن، معتبرا أن هذا البناء لا يرتدي طابعا دينيا فحسب بل "هو الرمز الظاهر لمطالبة سياسية دينية بالسلطة ما يعيد النظر بالحقوق الأساسية" للسويسريين. وأثارت المبادرة ردات فعل سلبية إلا أن البرلمان اعتبر الدعوة إلى التصويت قانونية. ومن جانبها دعت الحكومة السويسرية لرفض المبادرة متخوفة من أن تؤدي إلى "تعريض السلم الديني للخطر" في سويسرا التي يعيش فيها نحو 310 آلاف مسلم من أصل سكان يبلغ عددهم 5,7 مليون نسمة. ويوجد في سويسرا مسجدان فقط مزودان بمآذن في مدينتي زيوريخ وجنيف
وكشفت نائبة سويسرية عن تدابير عديدة اتخذتها الحكومة لمواجهة مثل تبعات مثل هذا الحظر ففي ردها على استفسارات كاتي ريكلين النائبة عن "الحزب الديمقراطي المسيحي" أشارت الحكومة السويسرية لمخاطر وانعكاسات سلبية للمبادرة على صورة سويسرا واقتصادها وسياحتها وأمنها، كما جدد الحكومة في رسالتها للنائبة رفضها المبادرة التي ستخضع لاستفتاء شعبي قبل نهاية العام. ولا تستبعد الحومة السويسرية اتخاذ بلدان مسلمة تدابير انتقامية ضد سويسرا أو ضد شركات سويسرية، أو أن يقاطع المستهلكون المسلمون منتجات سويسرية. بل لم تستبعد الحكومة حدوث أعمال عنف ضد مصالح سويسرية في الخارج في حال إقرار المبادرة. وكشف رد الحكومة السويسرية عن عمل مشترك تساهم فيه المخابرات السويسرية (DAP) وإدارة المخابرات الاستراتيجية (SND) لمراقبة ردود الفعل الإسلامية المُتطرفة.
الصدمة الألمانية
والجدل حول المآذن في سويسرا جزء من جدل أوروبي أوسع حول الرموز الدينية في المجتمعات الأوروبية، ففي ألمانيا وقعت جريمة عنصرية بشعة هزت مصر كون الضحية صيدلانية مصرية شابة قتلت داخل محكمة ألمانية بثمانية عشر طعن على يد إرهابي ألماني على خلفية الكراهية العنصرية.
والشهيدة مصرية محجبة قتلت طعنا وتعرض زوجها تعرض لـ 3 طعنات في بطنه وتحولت جنازتها في مسقط رأسها بمدينة الإسكندرية المصرية إلى مظاهرة ضخمة رفعت فيها شعارات مناهضة لألمانيا، فيما خرجت تظاهرة أخرى لمئات المبعوثين المصريين في ألمانيا. وأثار قتل الصيدلانية المصرية أجواء من الصدمة والحزن بين مسلمي ألمانيا، ونوه عدد من أفراد الجالية المسلمة إلى وقوع هذه الجريمة بعد أيام من تأكيد وزير الداخلية الألماني عدم تعرض المسلمين في ألمانيا للتمييز. واعتبروا الحادث نتيجة لحملات التحريض الإعلامي التي وضعت كافة مسلمي البلاد في دائرة الاشتباه العام.
ووقائع الحادث بدأت منذ عام إثر مشادة بين القتيلة مروة الشربيني (32 عاما)، والمتهم الألماني في ملاعب للأطفال عندما طلبت القتيلة من المتهم أن يترك الأرجوحة لابنها الطفل فقام بسبها واتهامها بأنها إرهابية لأنها ترتدي الحجاب. ولجأت مروة للمحكمة التي أنصفتها وحكمت بغرامة 750 يورو لمصلحتها, إلا أن الحكم استفز المتهم الذي استأنف الحكم وفاجأ المتهم القضاة والحضور خلال نظر المحكمة دعواه، ووجه للصيدلانية المصرية الحامل في الشهر الثالث 18 طعنة نافذة أدت إلى وفاتها على الفور أمام أعين ابنها البالغ 3 أعوام.
أما زوج الضحية المصرية وهو مبعوث للحصول على درجة الدكتوراه في معهد ماكس بلانك للفيزياء بدريسدن فحاول حماية زوجته غير أن الجاني عاجله بـ 3 طعنات شديدة في الكبد والرئة، مشيرة إلى أن الزوج الذي يرقد في حالة صحية حرجة تعرض أيضا لإصابة بالرصاص من شرطي بالمحكمة.
رهاب المساجد!
وفي ندوة في مدينة كولونيا نظمتها مؤسسة هيربيرت كفانت لحوار الأديان في 30 يونيو تم تقديم كتاب يحمل عنوان "المساجد في ألمانيا". وناقشت الندوة مسألة بناء المساجد في ألمانيا وعلاقتها باندماج المسلمين في المجتمع. فبينما يرى المسلمون أن بناء المساجد حق من حقوقهم التي يكفلها الدستور الألماني، تعتبر فئة من المجتمع الألماني أن بناء المساجد بشكلها التقليدي لا يتماشى مع طبيعة الثقافة الألمانية ويؤثر في التناسق الهندسي والمعماري للمدن، فيما تؤيد فئة أخرى من الألمان حق المسلمين في بناء المساجد. والجدل حول بناء المساجد يتسم في الغالب بالحدة لأن الأغلبية في المجتمع الألماني ما تزال تشعر بالخوف من الإسلام، فالصور المعروضة في وسائل الإعلام تقدم غالبا صورة سلبية عن المسلمين.
وتلقي هذه التداعيات مسؤولية كبيرة على العالم الإسلامي ومسلمي أوروبا والحكومات الغربية في آن واحد، فمعظم مسلمي أوروبا ما زالوا يرتبطون بالدول التي جاءوا منها هم أو الجيل الأول من المهاجرين، وبعضهم ما زالوا يحملون جنسيات الدول التي ولدوا فيها. وفي الوقت نفسه فإن مسلمي أوروبا يمكن أن يكونوا جسرا للحوار والتقارب الثقافي بين العالم الإسلامي والغرب، لكن تداعيات ما بعد 11 سبتمبر ما زالت تؤثر في صورتهم في الإعلام الأوروبي وفي علاقتهم بالمجتمعات التي يعيشون فيها، فضلا عن أن أوروبا تشهد صعودا ملحوظا لليمين المتطرف في الانتخابات البرلمانية الأوروبية الأخيرة ما أطلق المخاوف من تصاعد موجة العداء للمسلمين في مختلف أنحاء أوروبا.
التعليقات (0)