بعد الاداء الاخير لمجلس النواب الاردني ، عاد شعار إسقاط مجلس النواب الى صدارة الشعارات التي رفعتها الحراكات الشعبية والحزبية في فعالياتها ، وقد يكون من المبرر تبني ذلك الشعار في ظل ظروف مغايرة للظروف الحالية التي يعد تبني ذلك الشعار ضمنها غيابا للوعي السياسي والرؤيا الاستراتيجية لدى النخب الفاعلة ضمن تلك الحراكات والأحزاب السياسية وتبنيها لخطاب شعبوي جماهيري .
تنفيذ مطلب حل مجس النواب حاليا يعني أحد أمرين : اولهما إجراء الانتخابات النيابية القادمة طبقا الى قانون الدوائر الوهمية ، وهو القانون الذي مكن نواب المجلس الحالي من الوصول الى المجلس ، فقد تمكن رئيس الحكومة من كسب لعبة الوقت والتهرب من تقديم قانون الانتخاب الجديد طوال الشهور الماضية . والأمر الثاني هو التراجع عن أحد أهم التعديلات الدستورية عبر إعادة السماح للحكومات بإصدار قوانين مؤقتة في ظل غياب مجلس النواب . الخيارين السابقين يشكلان تراجعا وتخليا عن المكتسبات التي حققها الحراك في الشهور الماضية .
قد يكون من الافضل لو إقتصرت مطالب الحراك على تحديد مهمة المجلس الحالي بإقرار قانون انتخاب مرحلي يقود الى تشكيل مجلس نواب جديد يتحمل مسؤولية مكافحة الفساد والمطالبة بحل المجلس والحكومة في نهاية الدورة الحالية التي تنتهي مع نهاية شهر نيسان . أما بالنسبة الى الحكومة فكان من الأفضل أيضا لو تمت المطالبة بتحديد سلطاتها بحيث تكون مجرد حكومة تصريف أعمال تمارس مهام الإدارة البيروقراطية دون مطالبتها بلعب دور سياسي ليست مؤهلة له وكذلك الحال بالنسبية الى رئيسها الذي لا يجيد الا لعبة المماطلة وكسب الوقت .
الفترة المتبقية حتى نهاية شهر نيسان كافية لإصدار القوانين المطلوبة ، ويمكن الاستعانة هنا بالتجارب السابقة كالاعوام 2001-2003 حين أصدرت حكومة ابو الراغب ما يزيد عن مئتي قانون وتجربة حكومة سمير الرفاعي في الفترة السابقة لإنتخاب مجلس النواب الحالي حيث أصدرت عشرات القوانين خلال فترة لا تتعدى شهر ونصف. ويشار هنا الى أن وجود مجلس النواب لن يشكل عقبة في سبيل ذلك حيث لا يتطلب الامر سوى قرار سياسي يتم ابلاغه الى النواب البصمجية بحيث يبصمون على تلك القوانين ويمررونها بحيث يمكن حل المجلس وإسقاط الحكومة دون التراجع عن تعديل المادة .
ردود أفعال الحراكات الشعبية على أداء مجلس النواب الحالي في قضية الفوسفات وسواها من القضايا يجب أن لا تغيب عنها الرؤيا الاستراتيجية ، فالمجلس الحالي لا يمكن أن يؤدي الدور المطلوب في مكافحة الفساد ، ونتفق مع ضرورة رحيله ورحيل حكومة الخصاونة ، ولكن على أن يتم ذلك بطريقة لا تتضمن التخلي عن أي من المكاسب التي حققها الحراك ودون تقديم فرصة لإستنساخ المجلس الحالي .
التعليقات (0)