كما كان متوقعا ..فلقد اختصرت كل الاستعدادات والتوقعات التي رافقت مخاض اللقاء المرتقب بين الرئيس الامريكي باراك اوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين ناتانياهو في سؤال واحد فقط..الا وهو الموقف الذي خرج به الطرفين حول حل الدولتين .وقد لا نبالغ ان حصرنا اهمية هذا اللقاء في هذه النقطة تحديدا.. فإن هذا هو المجال الوحيد الذي يلوح فيه خلاف حقيقي بين نتنياهو واوباما..فلا تناقض جوهري معلن حول التعاطي مع الملف الايراني تزامنا مع الاشارات البعيدة عن الاعتراض او التحفظ الخجول الوارد من الجانب الاسرائيلي حول الحوار الامريكي مع ايران ...كما لا توجد اولوية حاليا لدى الطرفين لطرح يهودية الدولة والذي يعارضه الفلسطينيين بشدة..ولكنها شدة لا تدعو للقلق ولا لما يمكن ان يعكر اجواء اللقاء..
يقول الوف بن قبل اللقاء-وقد صدق حدسه- :" . نجاح اللقاء سوف يتضح بالثواني الأولى من البث الحي والمباشر حين يسأل محررو وكالات الانباء وقنوات الاخبار انفسهم: ما العنوان الرئيسي؟ إذا قال اوباما إن هناك حاجة لدولة فلسطينية، ونتنياهو قال أن لا فسيكون هناك لمحررين عمل سهل: «خلاف ازمة»و «حديث صعب» ولن يهتم احد بقصص الحاشية الاسرائيلية عن الكيمياء الرائعة وعن تبادل الضحك بين رئيس الوزراء والرئيس. "
شقاق نادر..تردد هذا الوصف كثيرا..ولكن الغلبة-كالعادة- كانت للحل البروتوكولي الآمن المطلوب مرحليا كخاتمة للقاء لا يملك الطرفان ادنى رغبة في افشاله ..فاوباما اكد على إن الولايات المتحدة تدعم قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل في أمن وسلام، كحل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.وكطرح يلقى آذان صاغية بما يقرب من الإجماع الدولي، وله انصار حتى بين غالبية الإسرائيليين، وفق استطلاعات للرأي..ودون ان يمارس الرجل الضغوط المرجوة والتي انتظرها العرب طويلا ..مقابل مقاومة ناتانياهو اغراء الطهور كرجل سلام ,وارضاء مضيفه بكلمات قليلة عن المرونة السياسية.. قليلة ولكنها كافية جدا لتفكيك ائتلافه الهش ووصمه بالخرقة البالية على حد تعبير شيمون بيريز.. خصوصا ان عامل الوقت هو حليف تقليدي لاسرائيل في كل ولاية اولى لرئيس امريكي بغض النظر عن لون بشرته..وهذا العامل يبدو اكثر اغراءً " وسط شرخ، لا أمل منه، في اللحمة الفلسطينية، يفتقد فيه رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، السلطة السياسية ليكون شريكاً في السلام." حيث يصف ناتانياهو "محاولات التوصل لاتفاق حل نهائي في الوقت الراهن بأنها "مضللة" و"غير مجدية"، مجادلاً بأن الأولويات يجب أن تنحصر في بناء القدرات الإدارية والأمنية والاقتصادية للفلسطينيين،"
وهنا يبدو جليا ان المحاولات العربية المتمثلة في "حوار المملكتين" بين وزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل ونظيره البريطاني ديفيد ميليباند والتي هدد فيها سمو الامير "«تجاهل الحكومة الإسرائيلية مبدأ الحل الدولي القائم على إقامة دولتين مستقلتين وضربها عرض الحائط بخطة خارطة الطريق وتفاهمات أنابوليس وغيرها من قرارات الشرعية الدولية، كل ذلك من شأنه إعادة عملية السلام إلى نقطة الصفر».و" الرسالة العربية التي وجّهت إلى الرئيس أوباما، بعد اجتماع وزراء خارجية ست دول عربية في عمان، وهي السعودية ومصر والأردن وقطر ولبنان وفلسطين وأمين عام الجامعة العربية عمرو موسى."التي استهدفت دعم الموقف الامريكي تجاه ناتانياهو...لم تأت اكلها كالمعتاد في ظل الافتقار المزمن الى اي من وسائل الضغط المعروفة والتي تدفع بعض الدول الى التفكير-مجرد التفكير-في تغيير مواقفها..ومن المؤكد ان هكذا لقاءات سوف تؤخر صلاة الجماعة العربية الموعودة في المسجد الاقصى الى اشعار بعيد جدا..وان من المستبعد ان يكون باراك اوباما هو من سوف يؤم هذه الصلاة..
التعليقات (0)