للشعوب..كما للامم..اخطاؤها..ولا تشذ الانتفاضات والثورات العربية عن تلك القاعدة..ومن هنا قد يسجل التاريخ ان من اكبر اخطاء الثورة السورية..واعظم هناتها..كانت هي في انتظار الخير من تجمع كسيح متهالك تهالك الانظمة التي شرعنته مثل جامعة الدول العربية..
حقيقة تطرحها التصريحات الغريبة والمنفرة وغير المسؤولة التي نسبت الى السيد احمد بن حلي مساعد الامين العام لجامعة الدول العربية مما يثير تساؤلات حادة ومشروعة حول دور الجامعة العربية ومدى اهمية وجودها وفاعليتها في هذا الاتون المتفجر الذي يسم الحياة السياسية العربية المعاصرة بطابع الثورة والدعوة الى الاصلاح والتغيير السياسي..
فرغم يقيننا بصدقية الكلام الذي يتحدث عن ان الجامعة العربية وجدت" لتسيير مصالح الحكومات العربية وليست لتلبية مطالب الشعب العربي"..ولكن صدوره من قبل المسؤول المفترض عن رعاية شعارات التضامن العربي في خضم هذا المخاض الجماهيري الذي يؤجج الساحة العربية واركان الحكم الاستبدادي التعسفي التقليدي في معظم دولها..وفي ضوء المتغيرات السياسية التي نجحت فيها الجماهير العزلاء..وعلى بعد امتار قليلة من مكتب السيد الامين العام المساعد..بفرض ارادتها الوطنية الحرة..فهو مما يشير الى عمق الازمة البنيوية التي تعصف بالجامعة العربية وفشل صيغ العمل العربي التقليدية التي تمثلها..وعجزها عن مواكبة هذه التحولات وتحديث اهدافها وبرامجها وستراتيجيات عملها..وتخلفها الكبير عن فهم طبيعة هذه التحولات وبعدها المخزي عن المقاربة الواقعية للحراك الثوري وافرازاته..
" لا يمكن أن يصدر أي قرار شجب من الجامعة العربية ضد سوريا "يقول السيد بن حلي..ويضيف"لأن الدول الأعضاء يجب أن تتقدم باقتراح إدانة، وهذا لم يحدث، ولن يحدث بسبب وجود عدد من الدول العربية مؤيدين للنظام السوري ومنها الإمارات"..أهو اعتراف بالعجز ام محاولة للتبرير..ام انه اقرار بان الجامعة التي تشكلت برؤية من طرف وزير الخارجية البريطاني انتوني ايدن أصبحت عبئاً على النظام العربي بشقيه الرسمي والشعبي..وأن حجم الأزمات والمشاكل التي تواجه الدول العربية أكبر بكثير من التوقعات التي يمكن أن تقدمها والآمال التي من الممكن ان تعقد عليها وأعظم بكثير من قدرتها على إدارة الأزمات والتعامل معها..وان الوعي السياسي الشعبي قد تجاوزها بعيداً جداً .ولم يعد يجد بكل ما يصدر عنها الى على انه مجرد اجترار وإعادة تصنيع للألفاظ والمصطلحات المستهلكة منذ سنوات المد القومي العتيدة وبسذاجة وسوء اخراج اقرب إلى المسخرة منه إلى الجدية واثارة الاهتمام..
ان الثورة في سوريا ليست مجرد فقرة في جدول اعمال اجتماعات الجامعة المملة لكي تنتظر من يطلب ادراجها فيه..وهي ليست مما تختلف عليه الاحكام او ينظر لتشابك الآراء حولها من منطلق الرأي والرأي الآخر..ولا حياد في حرمة الدم السوري ولا في كرامته التي سفحها النظام على ارصفة الازقة النازفة خذلانا وظلما..وليس هناك من خيار بين ان تقف مع الباطل البواح وتشيح وجهك عن الجماهير التي تصب على رؤوسها الرصاص مع كل غصن زيتون يرفع في تظاهراتهم الحضارية السلمية ..وتسحقهم سرف المجنزرات الغاضبة مع كل هتاف بالحرية..وان اي اندساس في رمال الصمت والتهاون لن يكون الا في صالح
فرق الموت البعثية التي تستبيح حرمة البيوت والمدن السورية..ولا يعد الا مشاركة في كل هذا الايغال في قتل الأطفال والنساء والمدنيين العزل، وفي حرمان الاهل في سوريا من حقهم في الحرية والكرامة وحقوق الانسان..خصوصا مع مثالية القمع والاستبداد والاستئثار التي يمثلها النظام مع الغياب الواضح لاي شكل من اشكال الديمقراطية او التداول السلمي للسلطة او سيادة القانون والدستور والقضاء المستقل او الاعلام الحر وحق تشكيل الاحزاب او الجمعيات السياسية..
قد تكون من علامات الوهن ان لا تأخذك مثل تلك الحماسة التي رافقت القرارات التي صدرت ضد النظام الليبي والتي عدت علامة فارقة في تاريخ الجامعة يؤلمنا ان تكون غير قابلة للتكرار مع النظام السوري الاكثر بشاعة والاشد تطاولا على ارواح ودماء السوريين..ويؤسفنا انك لم تجد امامك اكثر من القول انك"كتبت مطالبكم وسأعرضها على الامين العام للجامعة العربية وأكثر من ذلك لا أستطيع العمل"...فقد تكون لحظة صدق نادرة ان تعترف بانك لن توصل رسالة المحتجين الى الحكومات العربية..والاكثر صدقا عندما اقررت بـ"أنا في عملي لست انسانا وخارج نطاق العمل أنا إنسان"...ففعلا.. لا يمكن لاي انسان يعي ان يكون انسانا..ولا لأي صاحب مبدأ او قيم او ثوابت اخلاقية يتبناها ويلتزم بها..ان يرى بام العين ما يقترف بحق ارض وعرض وكرامة الشعب السوري الكريم..ويقف مع هذا النظام الارهابي المستبد الظالم..
التعليقات (0)