منقول
(إن بعض الذين يريدون تغييب المرأة عن مختلف ميادين العمل في المجتمع، ويقولون: إنهم يستندون في ذلك إلى ما يريده الإسلام يجب عليهم ما يلي:
1- أن يتلوا كتاب الله عز وجل عن المرأة المجادلة التي سمع الله قولها من علياء سمائه فأنصفها في جدالها مع نبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، عندما تحركت في المجتمع الإسلامي الأول متبنية قضيتها "القانونية" بنفسها، أي في ميدان "التشريع"، علنا، والحديث في ذلك هو حديث العلاقة الجنسية بين الزوجين!.
2- أن يقرءوا الأحاديث الشريفة من قبيل حديث الفتاة الشابة المسلمة التي اعترضت على الملأ أن يزوجها أبوها بمن لا ترغب، وكان ذلك أشبه بتنظيم "مظاهرة" فردية بمفاهيمنا المعاصرة، وقد أفصحت عن غايتها أنها أرادت أن تعلم بنات المسلمين بهذا الحق الاجتماعي القانوني!.
3- أن يستشهدوا في كتاباتهم وخطبهم بأدوار الصحابيات المشاركات في الجهاد مع الرجال في معركة أحد وسواها في التمريض وفي القتال، أو الصحابيات المشاركات في الشورى في مثل قضية صلح الحديبية باعتبارها من قضايا "الحكم والعلاقات الدولية"، وفي أداء مهام أمنية من العيار الأول كما كان في الهجرة النبوية الشريفة، أو في تولي إدارة الحسبة في عهد الفاروق رضي الله عنه!.
إن ظهور المرأة في مختلف الميادين في المجتمع الإسلامي لا يحتاج إلى اجتهاد جديد، قدر ما يحتاج إلى تطبيق مباشر لِما كان ساري المفعول من الأصل، وإلى بيان الظروف والضوابط المطلوبة، والسعي لتأمينها دون تشنج، مثلما يوجب الإسلام علينا أن نفعل أيضا في ميادين أخرى، كالنهوض العلمي، أو تقويم المناهج المدرسية، أو سوى ذلك!.
أما التخويف من عمل المرأة إطلاقا بدعوى الحرص على تجنّب أخطاء قد تقع، فإن مثل هذا التشدد في "دين التيسير لا التعسير، والتبشير لا التنفير، والوسطية لا التنطع"، هو في حد ذاته من أكبر الأخطاء التي نقع فيها. ونعلم -عندما لا يكون الموضوع المطروح هو موضوع "المرأة"- أن وقوع الأخطاء لا نأخذه ذريعة لمنع أو حظر، وإلا لوجب حظر ظهور الرجال في أي مجال من مجالات الحياة، فأخطاؤهم لا تنقطع!.
لا ينبغي لمسلم أيا كان في مجتمعنا المعاصر أن يستند إلى أن "هذا المجتمع أصبح بعيدا عن تطبيق الإسلام"، كما تقول مواقف بعض المتشددين، كي يزعم لنفسه الغيرة على النساء المسلمات، أكثر مما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسـلم، فيمنع ويحظر، وما منع الرسول صلى الله عليه وسلم ولا حظر، وكان عهده هو عهد التشريع الأول، وكان المجتمع الذي تحرّك الرعيلُ الأول من المسلمين فيه هو المجتمع الذي حفل بألوان المخاطر والمفاسد والمؤامرات والمكائد، فلقد ضم المنافقين واليهود في الداخل، وأحاط به المشركون الكافرون من كل صوب، وما استدعى ذاك ولا أكثر منه -في حينه- حبسَ النساء في البيوت، وهذا ما كان الأمر عليه مع المرأة المجادلة على الملأ، والناصحة من بعدُ لأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أن يتقي الله في الرعية، فكانت مقولته المشهورة: أيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر؟!.)
التعليقات (0)