أشياء كثيرة قد تحدث ما بين ليلة وضحاها..كلام سمعناه حد الملل هو والعبارات التي تتحدث عن السيف الذهبي الذي يسلطه الوقت على عاتق المتقاعسين المهدرين السويعات التي لا يمكن اعادتها او تدويرها او اعادة توجيهها الى ما يمكن ان نجد فيه فائدة ما..والاكثر املالا هو كل ذلك التراكم الهائل للامثال والاقوال التي تشكلت عليها ثقافتنا في احترام الزمن واهميته وربطه بالجد والاجتهاد ومسابقة الايام..
وهذه الثقافة قد تكون هي المسؤولة عن كل هذا الاستخفاف والتهاون المر الذي قوبلت به كلمات رئيس الوزراء التركي وهو يعلن عن رسالة حازمة ستوجه الى دمشق على خلفية الانتهاكات التي ترتكب يوميا في ازقة وساحات الشام وهو الذي سفح شهرين كاملين في التحول من "سوف ينفذ"الى "سيبدأ في النفاذ"لوصف صبره العتيد على جرائم النظام المزروع على مدة مئات الكيلومترات على حدوده الملأى بالانين..
رسالة استلمها النظام عن طريق وسائل الاعلام ..وكورها قبل ان يفضها وقذفها في وجه الاتراك قبل ان تطأ اقدام احمد داود اوغلو ارضية مكتب الرئيس الوريث الصلبة المتكئة على صوتية الظاهرة الاردوغانية والدعائية الفجة التي تغلف تصريحاته القلقة من خسارة اكيدة لموقع بني على تكديس الكلمات المحسوبة بدقة على بعضها لتكون هيكل من البطولة الكارتونية التي تقتات على خلو الافق الرسمي العربي من اي من الشواخص والمنابر والقامات التي قد ترتفع عن الارض قليلا..
كلمات اكثر حزما هو ما بشرت به بثينة شعبان وزير الخارجية التركي ..ومطالبة بكلمات اخرى تدين "جرائم القتل الوحشية بحق المدنيين والامن والجيش" هو الموقف الذي سيحصل عليه اوغلو..فالمسألة باولها ومنتهاها لن تتعدى الكلمات..ومن جاء بالكلمات لا ينتظر ان يعود بغيرها ..وثم اي كلمات تلك التي سيكون لها ادنى تأثير على نظام ادمن القمع تجاه مواطنيه وسقط في اطار الحل الامني والعسكري حد التشرنق خلف كلمات اخرى مثل " واجب على الدولة لحماية امن وحياة مواطنيها "ضد " الخارجين عن القانون من اصحاب السوابق الذين يقطعون الطرقات ويغلقون المدن ويروعون الاهالي"والذين قد يؤخرون قليلا مضي النظام"في طريق الاصلاح بخطوات ثابتة".
لا جملة مفيدة ينتظرها الشعب السوري من اردوغان ولا من رسائله مادامت لا تحمل الا كلمات تتنكب الطريق الوحيد الذي قد يفهمه النظام السوري وتلتزم مقاربة الالتزام بالتعامل والتواصل مع الحكم المثقل باكثر من ألف وخمسمائة شهيد، وعشرات ألوف الجرحى والمعتقلين والمهجرين أو اللاجئين، داخل وطنهم وإلى دول الجوار القريبة.
ان تركيا باتخاذها جانب المعارضة الاعلامية الدعائية المنتحلة نفاذ صبر زائف والمبطنة الرغبة في اتاحة الكثير من الوقت للنظام تراهن على سياسة خائبة ومسدودة الافق تجاه اي معجزة قد تعيد الاسد الى صباه وتدفعه لاصلاحات مستحيلة بسبب قناعة النظام ان مثل تلك الاصلاحات لن يكتب لها الحياة الا باقصاءه الكامل ونظامه المتهالك عن المشهد السياسي السوري..وان رأسه سيقطف بالتأكيد ضمن اي قدر او مستوى من الممارسة الديمقراطية الحرة..
ان الجماهير السورىة البطلة التي تواجه اسلحة ودبابات بشار الأسد بصدورها العارية..والتي تقاسي الشعور بالظلم والاضطهاد والتنكيل من قبل ازلام ومرتزقة النظام..والني تطالب بالحرية والعدالة وحقوق الانسان..لها من الحق على جميع الاحرار في العالم بالمؤازرة والدعم والاسناد من خلال المواقف الواضحة والصريحة في نصرة الشعوب في نضالها العادل من اجل التحرر والانعتاق وبناء الدولة المدنية الحديثة ..دولة النظام والقانون والمؤسسات..واي تهاون في هذه المواقف لا يمكن ان يعد الا دعما للنظام الذي لا يحسن الا انتاج المسارات الامنية كاسلوب حياة اصبح هو نفسه اسيرا لآلياته وممارساته بما يبدو انه لا فكاك منه..
ليس لاردوغان ولا لغيره ان يضع احدى قدميه في ركاب الثورة و ان يضع يده الاخرى في يد النظام في نفس الوقت..ولا يمكن النظر في مصداقية الكلمات الغاضبة عن ادانة وتخطئة النظام الذي يطلق النار على شعبه..مع التأكيد الدائم على السعي لتخليق الفرص التي قد تمد النظام بالمزيد من الوقت الذي هو اكثر ما يحتاجه النظام لكسر ارادة الشعب السوري البطل..
ان على اردوغان ان يعي ان الانتفاضة السورية قد تحولت الى واقع جديد ..وانه سيكون عليه وعلى الجميع التعامل معه وعلى اساسه ..وسيكون صالح الوطن والشعب السوريين هو العامل الاول الذي سيحدد مستقبل التعاون مع شعوب العالم..وسيكون من الغفلة المراهنة على نظام كتب نهايته المحتومة بيده مع اطلاق أول رصاصة على المحتجين في درعا قبل أربعة أشهر, وكل الوقائع والأحداث ومجريات الأمور تؤكد حتمية هذا السقوط..ولن ينسى الشعب السوري عندها من وقف مع جلاديه..ومن مد لهم في الوقت الذي اصبح يقاس بالدم..حتى ولو بالكلمات..
التعليقات (0)