لم أعرف "محمد عفيفي مطر" شخصيا. ولكنني احترمته لموهبته ومواقفه. وسمعت عنه ممن عايشوا أحلامه وغضبه وآلامه. علي أرض مصر وفي سنوات الغربة.
كانت شهادة "البكاء في زمن الضحك" صوتنا جميعا بعد نكسة يونيو المهينة.
وجاء موقفه من "كامب ديفيد" سببا في هجرته مع كثير من المثقفين المصريين.
فلما عاد وتقدم به السن وعكف علي كتابة الشعر لم يطق عربدة أمريكا في البلاد. فاعتقل. وترك التعذيب آثاره علي وجهه وجسده. وهو ما سجله للأجيال القادمة في ديوانه "احتفالية المومياء المتوحشة".
لم يكن لمثله أن يدخل حظيرة الدولة لإيواء المثقفين.. وان بدا غريبا أن يحصل علي عدد من جوائز التقدير. وهم يتربصون به حتي السجن!
ولد ودفن في قرية صغيرة "رملة الأنجب" بمحافظة المنوفية.. وبدأ عمله بعد دراسة الفلسفة مدرساً في "كفر الشيخ" حيث أصدر مجلة أدبية اقليمية "سنابل" كان صوتها يصل إلي كل مكان.. حتي أغلقت بعد نشرها قصيدة "الكعكة الحجرية" الشهيرة للشاعر "أمل دنقل" أيام انتفاضة الطلبة في السبعينيات.
علي سرير "لكم أن تتصوروه" في مستشفي "منوف" العام "لكم أن تتخيلوه". رقد "محمد عفيفي مطر" حتي الموت. بعد أن استبد به داء الكبد. ولم يجد من يمد يده لعلاجه. بينما رعاية أصحاب النفوذ والصوت العالي ومن يرضون عنهم بغير حساب وعلي نفقة الدولة.
ربما تعفف أهله. ولكن هل كان يجب أن يلحوا في الطلب.
ربما يغضب الحكام. ولكنه وردة علي جبين مصر.
فإذا كانوا قد عذبوه. فلابد انهم يعرفون قدره
وصدق من قال عار علي أمة أن يعذب شعراؤها.. وأضيف: وأبناؤها.
التعليقات (0)