انه منهم وهم منه وانهم هم من قتلوه خوفا من افتضاح اسرارهم، والاهم من ذلك فان قدر من يسلم مقدرات بلاده وتقرير مصير شعبه للفرنجة لايمكن ان يكون مصيره الا على شاكلة ما رأى العالم على شاشات التلفزة: طاغية يستسلم للثوار فاقدا لكل حيلة وبينما يريده الثوار حيا للمحاكمة تأتي التعليمات سريعا من ممثلة الشيطان الاكبر ان اقتلوه فورا لانه ان حوكم سيفضح امرنا واسرارنا، وهكذا تبرع احد ثوار الناتو المأمورين لهذا الغرض وهم بالطبع غير ثوار الشعب الليبي الحر والعظيم ليقتله بكل دم بارد، فيصبح مصداق الآية القرآنية الشريفة:
كمثل الشيطان اذ قال للانسان اكفر فلما كفر، قال اني بريء منك اني اخاف الله رب العالمين!
انهم يكذبون البتة فلا هم يخافون الله ولا هم يحزنون، انهم تعبوا من الالحاح عليه في الآونة الاخيرة ليمنحهم قواعد عسكرية ثابتة فامتنع رغم انه قدم لهم ليبيا كاملة على طبق من ذهب ولما يئسوا منه وحانت الفرصة المناسبة قرروا اكمال السيناريو الذي بدأوه معه من خلال استنزاف قوى الشعب الليبي العظيم ليصلوا الى محطة تعب الثوار الحقيقيين واستنفاد حيلهم ليتقدموا هم للتنافس فيما بينهم من اجل تقاسم الكعكة قبل فوات الأوان كما صرح كاميرون : علينا الاسراع في اقتناص حصتنا من النفط الليبي بسرعة وعدم ترك الساحة لامريكا وفرنسا وغيرها لوحدها ....!
هذا هو قدر كل من يسلم امره لارباب الحروب والفتن والمؤامرات الخفية بدل ان يسلم امره لله ويعتمد على شعبه في ارساء حكم الله على الارض.
هذا هو الدرس الاهم الذي يتركه لنا مقتل الطاغية القذافي والذي لا بد من التوقف عنده طويلا!
بالمقابل لا بد من التوقف عند مثل الجمهورية الاسلامية الايرانية التي تعيش حصارا ظالما لمدة تزيد على الثلاثة عقود ولا يجد الفرنجة من يلاقيهم ولو في وسط الطريق ليعقد معهم ولو صفقة واحدة اقلها ابقاء بعض قواتهم في العراق المنهك والضعيف مقابل طريق آمن الى البحر المتوسط عبر سورية!
لكن كلمة الرفض والاحتجاج التي رضعها الثوار الايرانيون مع حليب امهاتهم علمتهم الا يمدوا ايديهم الى الشيطان ولو طال الحصار الف عام!
لذلك اسمعوا ما يقوله نويت غينجرج مرشح الرئاسة الامريكية الجمهوري عنهم كما ورد في مناظرة له عبر شبكة الفوكس نيوز:
ينبغي علينا التفكير جديا ببديل للحكم الايراني الحالي لان هذا الحكم متعهد بتدمير اسرائيل واخراجنا من الشرق الاوسط .... لقد اهانت ايران الولايات المتحدة مرات ومرات ... وبالتالي فان علينا استخدام نهج ريغان معها لاسقاطها باي ثمن كان كما فعلنا مع الاتحاد السوفييتي السابق لاننا لن نكون في امان ما دام هذا الحكم مستمرا، وعليه لا بد من اعتماد خطة حازمة في اطار من الحرب الناعمة التي تقدم الاسناد والدعم المالي لكل القوى المعارضة وكما فعل ريغان وتاتشر وجان بول الثاني، علينا تشديد الحصار النفسي والامني والاقتصادي ودعم المنظمات المعارضة وتجهيزها بكل الامكانات المطلوبة مثل راديو ايران الحرة تلفزيون ايران الحر اينترنيت ايران الحر، وما تشديد العقوبات الاقتصادية عليها الا الخطوة الصحيحة اليسيرة في هذا المجال......
الى ان يقول وهنا يأتي بيت القصيد في كلامه:
علينا الا نسير على خطى اوباما الذي يبحث عن طريق تفاهم مع هذا الحكم لان هذا الحكم لن يتصالح معنا مطلقا وهو في كل تصرفاته يحتقر ادارة اوباما، انه عدونا الذي اقسم على ان لا يصالحنا مطلقا!
ومن يعرف خفايا ما يجري في الغرف المغلقة منذ نهاية السبعينات حتى الآن يعرف تماما بان اكثر من موفد غربي وعربي ولاسيما الخليجي منهم لطالما حملوا رسائل تحمل كلمة السر الشهيرة ان تصالحوا مع اسرائيل ولكم ما تريدون!
لكن رد ايران عليهم كان دائما: انها مبادئنا التي لن نتخلى عنها وهي كلمة السر التي اودعها مؤسس الثورة بين يدينا: اليوم ايران وغدا فلسطين!
نعم، منذ محاولات المرحوم ياسر عرفات التي لم تتوقف حتى آخر موفد خليجي غادر طهران مرورا بكل اشكال الرسائل السويسرية وغيرها والكلام واحد: اسكتوا عن اسرائيل على الاقل، واتركونا نحن نتفاهم وبعض الفلسطينيين ... وبعد ذلك لكل حادث حديث!
غير ان الجانب الايراني كان رده في كل مرة اكثر حزما وآخرها كلام الامام السيد علي الخامنئي في مؤتمر دعم الانتفاضة الفلسطينية وبحضور كافة القيادات الفلسطينية المقاومة: نريد كل فلسطين لكل الفلسطينيين، وفلسطين التاريخية من النهر الى البحر يجب ان تعود الى سكانها واهلها الحقيقيين!
من الطبيعي ان يحنق الفرنجة على مثل هكذا قرار ويقرروا فتح النار على طهران وحكامها ويلفقوا لهم ذلك الفيلم البوليسي التافه والسخيف: اي محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن!
لو قبلوا في اسراطين فقط لكان توقف كل شيء مؤقتا ... لكنه لم يكن ليطول وكان مصيرهم سيكون قطعا مثل مصير القذافي الذي قتل برصاصة ناتو امريكية رخيصة وبكل دم بارد رغم كل الخدمات الكبرى التي قدمها لهم لاسيما منذ ان فكك منشآته النووية وقدمها لهم خردة حديد!
لكن الايراني اذكى من ذلك واكثر حكمة وحنكة ودهاء، وكما يقول المثل الايراني الشهير: من يطالبك بنطق الالف لا تقبل لانك ستجبر على قراءة الحروف الابجدية حتى الياء!
ومقتل الطاغية القذافي عبرة لمن يعتبر من الواقفين على بوابات استجداء التدخل الاجنبي، ولدينا في كنوز الشاعر المصري الكبير امل دنقل ما يفيد كثيرا في هذا السياق حيث يقول:
لا تصالح وان توجوك بتاج الامارة ....
فها هو المتوج بملك ملوك افريقيا على حساب شعبه وشعوب القارة المستضعفة عندما جد الجد كان ثمنه رصاصة ناتو رخيصة لا غير!
محمد صادق الحسيني
التعليقات (0)