خطيئة عظمى..وكبيرة سياسية لا تغتفر..يرتكبها العرب لو استمروا في تجاهل تواتر الانباء عن النار المنتشرة في هشيم الحراك الشعبي في ايران..
والاكثر مدعاة للشعور بالاسف.. سيكون ادارة الظهر القصدية لتنامي وتعاظم قوة الشارع الايراني المعارض وتمدده على كامل الخريطة الوطنية واستقطابه للمزيد من الداعمين..
ولن يكون من الحكمة مطلقا استمرار اتباع سياسة اتخاذ القرارات حسب مفردات نشرات الاخبار العالمية في ظل المؤشرات المتواترة عن امكانية التغيير الذي من الممكن ان يعتري رأس السلطة والذي لن يتوقف قبل وصول سيد جديد الى سدة الحكم في طهران..
فالانبثاق المفاجئ والقوي للفعاليات الشعبية المناهضة للخلل الديمقراطي الذي تعاني منه العملية السياسية الايرانية.. وفي مناسبة تستدعي استنفارا امنيا مكثفا ..يوحي بان المعارضة قد انتقلت من الطور العفوي العاطفي الى مرحلة التنظيم السياسي المحكم والمتحصل على امتياز الامتداد الافقي الواسع..
قد يكون للغرب اسبابه في النظر الى احمدي نجاد كرئيس اكثر نجاعة من حاكم يأتي من خلال المظاهرات الشعبية..فللرجل تاريخ طويل من المفاوضات والمواقف المعلنة والسرية مع الولايات المتحدة واوربا..ولقد اسرف في اطلاق التصريحات الملتهبة المبرئة لذمة الغرب في حالة الاضطرار الى توجيه ضربة استباقية لبرنامج ايران النووي ..هذا البرنامج الذي لا يحتاج الا الى الوقت الذي سيوفره بالتاكيد تغيير دراماتيكي في راس السلطة مع بقاء المؤسسات الدستورية الاخرى في الحد الادنى من التماسك..
ولكن هذه الاسباب ليست ملزمة للعرب ولن يكون من المجزي استبدالها بالعلاقات التاريخية الممعنة في القدم ما بين الشعبين العربي والفارسي ..والتي وان افرط الطرفان في تحميلها شحنات عقائدية مؤدلجة اضرت بها وعسرت من امكانية الالتقاء على المستوى السياسي الرسمي..فانها تبقى قابلة للاستثمار الذكي –ان وجد-من قبل النظام الرسمي العربي للاستفادة منها كورقة ضغط ثمينة تجاه كلاً من الغرب وطهران ..في الوقت الذي عزت فيه على العرب امكانية التحصل على كرسي –للاطلاع على ما يجري على الاقل-في طاولة التفاوض الطويلة والمبالغة في تبديد الوقت والفرص ما بين الطرفين..
اقول قولي هذا..وانا لا املك اوهاما على ان العرب يفضلون ان يسوموا شر العذاب على يد فكي كماشة ايران والولايات المتحدة على ان يروا نظاما ياتي على اكتاف الشعب المنتفض والمطالب بحقوقه الدستورية ..والذي قد يكون مثالا سيئا وغير مرغوب فيه لشعوب المنطقة..وخسارة العرب للشارع العراقي ليس عنا ببعيد..ولكنها النصيحة.. وعدم القدرة على اكتناز ذهب السكوت في سنوات الجمر التي نعيشها وتعتاش علينا..وهي تذكرة لمن يمتلك اذنا واعية..فان من الخطل الاعتماد على السياسة الامريكية الراهنة في الوقت الذي اطمئن فيه الرئيس اوباما ..ان الكلام..والكلام فقط..كافيا له للحصول على جائزة نوبل للسلام..حتى لو كان يغوض حتى اذنيه-واذنيه هنا مجازيا- في حربين مستعرتين..
التعليقات (0)