إن ما نسمعه من التفريق والمفاضلة بين المذاهب يضر ولا ينفع
الغلو في الدين معيب على أهل الكتاب ومنهي عنه ومن باب أولى معيب على المسلمين ومنهي عنه. ونأخذ مثلا من ألشيعة فمنهم من يسب الصحابة. ونقول لهم إن الصحابة قد أفضوا إلى ربهم فإن كانوا كما تقولون فحسابهم على الله يعذبهم أو يعفو عنهم وإن لم يكونوا كما تقولون يؤخذ من حسناتكم ويضاف إليهم ثم يؤخذ من سيئاتهم ويطرح عليكم وتكون هذه كرامة لهم أن قيض الله لهم من يسبهم إرادة من الله أن يرفع درجاتهم. وكذلك كل من أساء إلى ميت أو حي من أتباع أي مذهب. ثم نقول لمن يدافع عنهم من أهل السنة هلا رضيتم بالله حسيبا؟ فلا تشغلوا أنفسكم إلا بالكلمة الطيبة والعمل الصالح, ونقول لأهل السنة ماذا عليكم لو بقي الشيعة على ما أقامهم الله فيه؟ وهل عندكم من علم أنهم على غير الهدي؟ ولو كانوا كذلك أليس الله بأحكم الحاكمين؟ ولو كانوا كذلك فلا تزر وازرة وزر أخرى. ونوجه نفس العبارة للشيعة عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم. ونقول لكل الفرقاء إشتغلوا بهداية أنفسكم فقد قيل للرسول لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين. وكذلك نقول لأهل المذاهب كلها أمسكوا عليكم ألسنتكم فالميت ترد عنه الملائكة والله فلا تجعلوا الله خصمكم.فهل لو تبنينا هذا المنهج في حوارنا وتركنا الحكم لله ألا يكون أنجي لنا من الوقوع في درك الفتنة؟ ثم إذا اختلفنا على من رحلوا وهم بين يدي الله وقد أفضوا إلى ما قدموا, ولم نكن معهم ولم نخالطهم, فهل ما وصل إلينا من خبرهم حق لا يقبل الشك؟ وهل نحن مفوضون في الحكم عليهم؟ تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون. هذه جزئية من جزئيات الاختلاف ومثلها الكثير, إن اختلاف المسلمين شر ماحق وخراب لاحق فلماذا نقطع رقابنا بأيدينا؟ خاطب الله الناس كلهم وقال يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم فالتعارف هو المطلوب وليس الشقاق والتنافر. والعقائد والأديان في العقول والقلوب يحاسب الله عليها بينه وبين عباده, ولكننا نرفض ما يظهر لها من تأثير في حياة الناس عدوانا وتسفيها يقود إلى التراشق بالسباب قد يتعاظم حتى القتال بالسلاح. وهذه هي الجريمة التي يحاسب عليها من يجر البسطاء إلى أتونها. ولقد أمر المسلمون بجدال أهل الكتاب بالتي هي أحسن فهل لا نتحاور بالتي هي أحسن؟ والعلماء الذين يتسببون في هذا التراشق بالألفاظ المشينة وتسفيه الغير, وينقاد إليهم أتباع بغير علم هم المسئولون أمام الله عن تباغض المسلمين, ويكفينا في هذا الصدد أن نقول لهم لو تبادلتم أماكن الميلاد لتبادلتم المذاهب دون شك بل لو تبادلتموها مع أهل الأديان الأخرى لتبادلتم الأديان. إن إرادة الله في تنوع العقائد والأديان ثابتة في القرآن, ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين. ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن عما كنتم تعملون, والضلال والهداية حكمهما عند الله وحده وليس لعقولنا ولا لأهوائنا, والله يقول لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا. وأبواب الله لا يحصيها العدد فلماذا يقصر البعض أبواب الله على الباب الذي دخل منه ويقفل ما دونه من الأبواب؟ والتنوع سنة وناموس إلهي, لولاه ما عمر الكون. و لو طبعت الأجيال المتعاقبة على قلب واحد لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن. ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت السماوات والأرض. ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا. والتفاضل والتفاخر وتزكية النفس مرفوضة ومنهي عنها شرعا وعقلا, لقوله فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى, ولكن الإنسان جبل على الإعجاب بالرأي, وتقال الرزق, إلا من رحم الله.
التعليقات (0)