قد تكون تصريحات السيد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري لوسائل الاعلام ..والتي اشار فيها الى انخفاض العمليات الارهابية وتحسن الوضع الامني في بلادنا بعد النجاح الواعد الذي رافق اول خطوات مطالبة العراق بتشكيل محكمة تحقيق دولية في احداث الاربعاء الدامي.. هي التي دفعت الوالغين في استرخاص الدم العراقي الطاهر الى اختيار هذا التوقيت بالذات لتنفيذ العملية الاحدث في مسلسل حرب الابادة المسعورة التي تشن ضد ارواح وامال وتطلعات الشعب العراقي العظيم في حياة حرة كريمة واستقلالية القرار السياسي والوطني..
ان هذه العملية والتي ادت الى استشهاد 132 شهيدا واصابة المئات من الجرحى تمثل تجسيدا فاضحاً وصارخا لاستكلاب القوى الارهابية والتكفيرية وعدميتها وافتقادها الى اي وازع اخلاقي او مبدئي من جهة ومن جهة اخرى يشير بما لا يقبل الشك الى تمتع الارهاب المستهدف للدم العراقي بتمويل مسرف ودعم استخباراتي ولوجستي واعلامي ذو امتدادات داخلية مرتبطة باجندات اقليمية معروفة ومشخصة..وتؤكد من دون مواربة بأن المطلوب هو رأس العملية السياسية برمتها باستخدام العراقيين كرهائن في الستراتيجية الاجرامية والشيطانية لاجتثاث السلام من العراق و إدامة حالة اللاأمن واللاإستقرار وإثارة الهلع والرعب في صفوف المواطنين وإشاعة الفوضى وعدم الثقة بالاجهزة الامنية الوطنية وقدرتها على استلام زمام الملف الامني وزرعه من جديد بخلايا الموت والتدمير بعد ان استطاع العراقيون ان يوثقوا اواصرهم ويقتلعوا جذور الارهاب وحواضنه وداعميه من بين ظهرانيهم وازالة الغبار الذي نثرته قطعان الارهاب ومطاياه على جسد الوحدة الوطنية العراقي الناصع ..
ان التجاهل المخجل والتواطؤي والمبارك لكل هذا الاستنزاف المسرف للارواح العراقية من قبل بعض دول الجوار والقوى الشديدة العناية بالحيلولة دون نشوء العراق القوي السيد المعافى والديمقراطي والتعددي..والاعلام المرتزق الذي يروج لمسؤولية الخلافات السياسية بين بعض القوى السياسية الوطنية عن مثل هذه الجرائم متشفيا وشاتما ومبرئا للجناة الحقيقيين..يجب ان يدفع الجانب العراقي الى المزيد من الجهود من اجل ادراج وتوثيق وتدويل هذه القضايا في اروقة الامم المتحدة ومجلس الأمن والعمل على استصدار وتخليق آليات قانونية ملزمة للدول المعنية لاضفاء الهم الإنساني على مثل هذه القضايا باعتبارها جرائم ابادة واعتداء على البشرية ولتحقيق الكشف الكامل وامام الرأي العام العالمي عن حجم ونوع وطبيعة المآسي والمجازر التي عانى منها الشعب العراقي وتجربته الديمقراطية نتيجة تحالف انظمة دكتاتورية امنية قمعية رجعية كهنوتية ترى فيه تهديدا لوجودها ونموذجا خطرا ملهما لشعوبها..
ان التصعيد الخطير في النشاط الارهابي واستهداف الرموز السيادية للدولة العراقية ، واستهداف التفجيرات الواضح والجلي لزعزعة مسار العملية السياسية، وفي هذا التوقيت الذي نقترب فيه من استحقاقات سياسية مهمة ينتظر منها ان تؤسس لمرحلة جديدةمن العمل الوطني المشترك وتبشر بعتبة اكثر ارتفاعا من الاصطفافات الوطنية النابذة للطائفية والمحاصصة ..وفي هذه المرحلة التي تشهد تعاظم الانفتاح الاقتصادي الدولي على العراق، وتصاعد المساعي المبذولة لاعادة اطلاق الحياة الاقتصادية وتشجيع الاستثمار وتوسيع قدرة الاقتصاد العراقي على خلق فرص العمل وتنشيط قطاعاته المختلفة.. يجب ان ينظر اليه على انه حافز ودافع ورسالة الى جميع القوى السياسية الوطنية في عراقنا الحبيب، للدعوة الى تغليب ما هو مشترك جامع على المواقف الضيقة والانعزالية، والى إشاعة روح الالفة والتفاهم وتقبل الاخر والسلام والعيش المشترك، وتفعيل لغة الحوار والتفاهم ومنطق العقل.. لتعسير مهمة قوى الإرهاب والجريمة المنظمة والمتربصين والمتصيدين من الداخل والخارج ..ومنعها من القيام بهذه الاختراقات الأمنية الخطيرة، التي تمادت في الاساءة الى دماء اهلنا وسلمنا الاهلي..
ويتوجب على القوى الوطنية العراقية أن تستخلص من كل هذه الآلام ما يدفعها الى الارتقاء الى مستوى التضحيات التي يقدمها الشعب العراقي البطل والعظيم والى مستوى محنة الوطن الجريح..من أجل الوصول بالعملية السياسية الى منتهى غايتها في بناء العراق الديمقراطي المزدهر والمستقل والمعافى والمهم والمؤثر في محيطه العربي والاقليمي والدولي والكامل التحرر والسيادة.
رحم الله شهداؤنا الابرار والهم آلهم وذويهم وابناء شعبهم الصبر والسلوان والخزي والعار الى اعداء الشعوب والحرية والانعتاق والديمقراطية وحقوق الانسان..
التعليقات (0)