لا أريد لهذا الحبّ أن ينتهي ...
لا أعرف لما كلما أذكر تفاصيل أشيائك ينتابني إحساس بأن هذا الكون جزء صغير منك لم تبدأ بدايته بعد و أنّك تمتلك القدرة على إفناء الذات بقدر ما تمتلك القدرة على إحيائها و كأنك الله... و قد اغتصبت امتيازه في السّطوة على تجارب الإحياء و العدم الإفناء ، و البعث الوجود و الإعدام ...
كانت بداية الطريق معك شبيهة بقصّة الانفجار الكبير انبثاق فجائي لنور منحوت بأيادي اللّامرئي يبشّر بموسم قطف زهور الجليد البرتقالية .
كان هذا البياض القاني يزحف بيننا مخلّفا ركاما من الأحاسيس الملتهبة
كنت أتمنّى أن تتفاقم على يديك انزياحاتي اللاشعورية التي تملأ حقول الرّغبة
بنرجس الشّهوات ...
كم رغبت في إطلاق سراح لقالق العشق و أحرّر ما ظلّ فينا رهن الكبت و الخوف و أحفر في الهواء قبر الصّمت المتدفّق و أدفن ما تبقّى من نشازات
التّردّد و ذرّات الخراب في حنجرة العدم الخرساء .
فمتى ينعتق قلبك و لسانك و روحك من ممارسة طقوس وثن التّحفّظ و تطأ مرافئ هذا القلب المطلّ على شرفات الأمل .
كلّ أمنياته الهجرة معك فيك حدّ الثمالة و التّيه في انتشاءات شفّافة بلّورية غامضة حدّ إحتراق شموع شراييني ...دم قرنفليّ شديد الزّرقة كثيف الحرارة ينفلق شفقا فضّيا ينير عتمة الذّهول و الدّهشة اللامتوقّعة .
كم أريد لكلمتي أن تصبح ناموس لغوسك و عالمك الفريد ما إن أتكلّم حتّى تراني أراك ...أنا الكلمة و أنت مدادي الذي لا ينضب و حبر دمي الذّهبيّ .تمزّق بلون الحلم دعابة اللامتناهي تفعل فيك ما لا يفعله فجر منمّق بضوضاء الصّمت و كستناء التّأمل وهو يقاتل ليلا فوضويّا منتصبا في سماء مغرقة بنور الظّلمات ..
هل يصلك صدى كلمات الفعل و الإنفعال ؟ و أنت مجرّتي و مجموعاتي الشّمسية التي أعدل بها إستواء اللّيل بالنهار و كيف تتدحرج الفصول الأربعة في عينيك فيهطل منهما الأزهار و الأنهار و الأشجار ...
أيقظ ما تبقّى من قصائد الشّعر المندسّة في دمي المتورّد .. بعثر كلماتها كما يبعثر اللّيل النّهار ..أسطو على ما تبقّى من ناطحات العشق.. أشعل في أركان بيتي البارد كل معجزات حرائقك الأرجوانية ..لا تبقي و لا تذر مكانا لاحتمالات أخرى ممكنة أو مستحيلة ..
أعبر ما طاب لك بزوارق الأمل الطّائرة كلّ تفاصيل اللّامرئي تسرّب إلى دهاليز تمرّدي و أعدّ له ما استطعت من رباط جأش الجنون و خيول الرّغبة الجامحة
...............................................................................
كن على سبيل الحقيقة لا المجاز منيرفا حب يحلّق عند مروج المساء ،دون مقدّمات يكسر طوفان الصّمت و يستبدل تقاليد شهريار في ممارسة فن الاستماع ..سأندسّ بينك و بيني.. و كالصّمت بين عذب الكلام .فبعض من نكهة صمتي أبلغ من صراخ الكلمات ..
أسدل كلّ ستائرك الكريستاليّة فثمّة إجراءات عاجلة من السّكون النّاضج نحتاجه لممارسة طقوس الإنتشاء على صليب الأمنيات ..
نحن على ذمّة بعضنا نركض خلف موج مشاعر في حالة من المدّ و الجزر الإستثنائي تأخذنا سنة الوضعيات القصوى إلى إهدار أسرار أشيائنا الواقعة
خلف مرتفعات الضّباب الخصب ؟.الحبّ الطّارئ . فكم يلزمنا من سفر المعاناة و كم يلزمنا لنحتمل إجراءات هذا الصّمت العنيف و الكبت المعمّد في جسد الماء ...
قد يتراءى لنا أنّنا المستحيل و لكن المستحيل مرشدنا السياحي إلى قارات الحبّ العجوز يضيء دروب اللّانهايات.. تلك الدّروب التي تظل ّغاية لا تدرك ومستحيلا عصيّا على من لا يحسن حثّ خطى الأحلام ...تذكّر دوما هذا الأفق" لا أريد لهذا الحبّ أن ينتهي" بفعل رغبة لم تتجاوز حدود الرّغبات ".
الكاتبة التونسية سلمى بالحاج مبروك
التعليقات (0)