لستُ من عشّاقك ولا كنتُ أثق بقدراتك،لكنّكِ كنتِ شيئا ذا بال في حياتي الكالحة كما هو حال غيري من أبناء الشعوب العربية...كان لا بدَّ من بريقِ أملٍ نصنعه وهْمًا من خوائكِ... نلجأ إليكِ هربا من عجزنا رغم قناعتنا أنّنا بذلك "كالمستجير من الرمضاء بالنار"...
حال الشعوب العربية اليوم ينبئ بنور في آخر النّفق،والحقيقة لستِ أنتِ النّفق بقدر ما كنتِ انعكاسا له ولِمَا آلت إليه أوضاعنا من تيهٍ وضياع نقتات عذابه في تلك القمم المضحكة المبكية التي ترعاها بوصفك "خيمة ألعرب" أو جامعة الدّول العربيّة...
إنّ ما تخشاه الشعوب العربية في راهنها الذي تريده مغايرا لماضيها،هو هذا الإصرار من "جامعتها" على الوفاء لنفس النّهج الذي درجت على اعتماده منذ انبعاثها إلى اليوم،وكأنّ شيئا لم يحدث...كأنّ مصر التي تحتضن مقرّ الجامعة لم تُسقطْ نظام حسني مبارك ولم ترتوِ بدماء الشهداء ولم تشقَّ طريقها نحو الحرّية والديمقراطية،كما هو الشأن في تونس وليبيا واليمن و...
ألم يكن من البرّ بثورات الشعوب ودماء شهدائها أن تستحي جامعة الدول العربية حتى من تسميتها فتبحث لنفسها عن أخرى تنسجم مع إيقاع الشارع العربي الغاضب والراغب بقوّة في التغيير؟...
ألم يكن مطلوبا منها أن تُغيِّر جلدها،على الأقل استِحْياءً،في انتظار تغيير الجوهر الذي يُسلّم بيقظة الشعوب وتصميمها على امتلاك إرادتها الحرّة في كلمة جامعة بين العرب من الخليج إلى المحيط ؟...
ليس من المبالغة في شيء إنْ جزمنا بأنّ صخب جامعة الدول العربية راهنا،لا يصل صوته إلى شعوبها إذ هذه الأخيرة لم تعد تقبل بمظلّة من سرابٍ خادع..
الشعوب العربية تعيش لحظة حاسمة وفارقة في تاريخها المعاصر مُشْبَعَة بالإرادة والأمل ومحفوفة بالمخاطر والهزّات...فهل تستفيق جامعة الدّول العربية من سباتها لكي لا تُسمِعَ شخيرها،إنما صوت يقظتها على استحقاقات الشعوب التي هي مشغولة عن كلِّ إيقاع لا ينسجم مع إيقاع نبض الحياة التي يسكنها حاضرا؟...
أيتها الموقّرة المُفقّرة جامعتنا العربية،إننا لا نسمع صوتك اليوم،رغم كلّ ضجيجك وكثرة ولائمك...إنّ صمتكِ عمّا لا يجوز الصمت عنه مريب..مريب.
التعليقات (0)