تحول فانوس رمضان من عادة ومظهر تراثي إلى استعراض سنوي لمنجزات الكرة والفن في مصر، وذلك بعدما غزت فوانيس نجوم كأبو تريكة وحسن شحاتة الأسواق، في حين قررت القاهرة إطلاق مهرجان عربي للفانوس ترويجا للسياحة.
الفوانيس الجديدة، وجميعها صينية الصنع، وجدت طريقها إلى الأسواق قبل شهر كامل من رمضان وتراوحت أسعارها بين 50 و100 جنيه (نحو 9 دولارات إلى 18 دولارا)، وهي أسعار تتحكم فيها شهرة اللاعب وشعبيته وليس حجم الفانوس.
وتحتل فوانيس النجم محمد أبو تريكة ومدرب المنتخب حسن شحاتة والمهاجم عماد متعب صدارة المبيعات، بينما لا يزال فانوس "كورمبو" -وهو شخصية كرتونية ابتكرها أحد المعلنين من أعوام- يلقى رواجا لدى الأطفال.
ويرجع تاريخ تعليق فوانيس رمضان للزينة إلى العهد الفاطمي، فحين وصل المعز لدين الله إلى مشارف القاهرة ليتخذها عاصمة خرج سكانها لاستقباله عند صحراء الجيزة ومعهم فوانيس ملونة رافقته حتى قصر الخلافة.
ويلحظ من يزور مناطق البيع الرئيسة في أحياء الموسكي والحسين والسيدة زينب ومصر القديمة، ازدهارا -رغم ارتفاع الأسعار- لبيع الفوانيس على اختلاف أنواعها، سواء الصينية منها والمصرية التقليدية المصنوعة من الحديد والمزركشة بالألوان والزجاج المعالج، والتي تتراوح أسعارها بين 35 و75 جنيها (نحو ستة دولارات إلى 13 دولارا)، إضافة إلى أنواع كبيرة يصل سعرها إلى 1500 جنيه (نحو 263 دولارا).
وعادة يشتري أصحاب المحلات الفانوس التقليدي المصنوع من (الصاج) الذي يزين بعض الأهالي مداخل عماراتهم به، كما تستخدم ربات البيوت "الفانوس البلدي" لإضاءة المنازل على الشرفات احتفالا برمضان.
المنافسة الصينية
لكن حربا اقتصادية وثقافية في الموضوع، فقد أدى إغراق السوق بملايين الفوانيس الصينية الرخيصة والمتنوعة في أشكالها وإمكاناتها إلى إغلاق آلاف من الورش تصنّع الفوانيس المصرية في شكلها التقليدي.
ويتهم الصناع القدامى مستوردي المنتجات الصينية بأنهم يضرون باقتصاد البلاد، ويقدمون أصنافا مشوهة من لعب الأطفال باعتبارها فوانيس، وهو ما يرون أنه يسيء إلى معناها التراثي والديني.
الموظف صلاح عبد العال (42 عاما) يقول إن زيارة محال الفوانيس الجديدة تعطيه انطباعا بأنه أمام متاجر لعب أطفال، فرغم حب الناس لنجوم الكرة بعد حصدهم بطولات عدة، فإن جمال شهر رمضان الكريم يبقى في خصوصياته من أغان وطقوس وتجمعات وحلوى، والفانوس أشهر هذه المظاهر.
لكن عبد العال اعترف بعجزه عن إقناع طفله بشراء فانوس تقليدي بدل فانوس "كرومبو"، الذي يتابع الطفل حلقاته الكرتونية.
ويقول أبو خالد (سائق أجرة) إن شراء فوانيس لأبنائه الأربعة أمر حتمي كل عام، رغم أن اثنين منهم في المرحلة التعليمية الثانوية، لكنه يفضل الأنواع الصينية الجديدة، فـ"هي تغني عن شراء لعب أطفال أيضا.. كما أن أسعارها متفاوتة ويسهل الحصول على فوانيس للأولاد مثل فانوس أبو تريكة وكرومبو أو للبنات مثل فانوس فلة أو دورا".
الحاج فرغلي صاحب متجر في منطقة دار السلام، يقول إنه يعرض النوعين الصيني والمصري ويتمنى أن تعود الصدارة للفانوس التقليدي بأشكاله الإسلامية وزجاجه ذي النقوش العربية المعروفة، لكنه لا يفعل حسب قوله أكثر من مجاراة السوق والامتثال لرغبات الزبائن، لأن حماية الفانوس بصفته تراثا وقيمة مصرية من واجب الدولة.
مهرجان الفوانيس
وأعلنت الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي تنظيم "مهرجان فوانيس رمضان 2010"، وهو مهرجان عربي ضخم، ينطلق مع بداية رمضان تحت شعار "مصر روحها في رمضان".
وقالت المديرة العامة للهيئة مها حمدي إن هدف المهرجان -الذي يمتد لأربعة أعوام متتالية-، تنشيط وزيادة الحركة السياحية من الدول العربية، خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت والأردن وليبيا وتونس.
كما أن هدف المهرجان حسب مها حمدي بث الروح الرمضانية بين المواطنين والسياح الوافدين، حيث يتضمن أيضا احتفالات خارجية تتمثل في خيم رمضانية تنصب في تونس والأردن والكويت وتقدم موشحات دينية ومأكولات ومشروبات مصرية، بهدف نقل عادات مصر الرمضانية
التعليقات (0)