هل الاختلاف نعمة ؟
نعم .نعمة ورحمة ....فلماذا .؟
لكى نعرف قيمة الاختلاف تعالوا نتصور الحياة بدون اختلاف..
هل يمكن تصور الحياة لونا واحدا ؟
تخيل :أنت لك رأى فى مسألة ما وعندما طلبت رأى الآخرين وجدت كل الآراء تتفق معك...ماذا تقول ؟والله هذا شىء جيد معناه أنى على صواب تماما...طيب ماذا لو كان هذا هو الحال فى جميع المسائل ؟هل هذا ممكن عقلا ؟لاأظن ..ولو حدث لكان شيئا ثقيلا مملا إلى أقصى حد .
هل معنى هذا أن الاختلاف له لذة ؟
أقول لك :إى والله له لذة وفائدة كبرى ..كيف ؟
كل واحد منا له عقل .وأنت عندما تطلب رأى غيرك إنما تستعين بعقله وإذا طرحت الأمر للرأى العام فمعناه أنك تستعين بعدد كبير
من العقول ..ولو افترضنا أن ألف عقل يفكر معك فهل تظن أن تلك العقول تجانب الصواب ؟أليس هذا بعيدا جدا ؟
حتى لو استبان خطأ تلك العقول جميعا فإن لك ألف عذرولن يلومك أحد .
ومن هنا كان الاختلاف نعمة ورحمة...ولكن أتدرى أن هذه النعمة قد تتحول إلى نقمة .؟
نعم .إذا تجاهلنا آداب الاختلاف واعتبرنا من يختلف معنا عدوا لنا
نعم .إذا أعمانا التعصب لآرائنا فملأ آذاننا وقرا فلم نسمع إلا أنفسنا
نعم .إذا خندقنا على عقولنا وصادرنا على عقول الآخرين .
إننا لو فعلنا هذا لكنا أول ضحايا هذا الخندق القاتل .
يا أحبائى..
قد نختلف أنا وأنت .ومع ذلك نكون أنا وأنت على حق...لأن الاختلاف لايعنى بالضرورة خطأ أحد الرأيين ..فقد يكونان صوابا
وقد يكونان خطأ...
هناك حكاية تقول :إن ثلاثة أشخاص أدخلوا على فيل فى مكان مظلم ولما خرجوا طلب من كل مهم أن يصف الفيل فقال الأول :
هو شىء طويل ...وقال الثانى :هو جسم عريض وقال الثالث :
هو جسم صلب مدبب ....
لقد وصف كل واحد حسب ما أحس بما وضع يده عليه.
ولقد كانوا جميعا مخطئين ولو جمعنا إجابتهم جميعا لكنا أقرب للصواب .
أمور حياتنا تشبه إلى حد كبير هذا الفيل ومن الخير أن يتمتع كل منا بفضيلة التواضع العقلى بمعنى أن يرجح صواب رأيه على أن يرى صواب رأى غيره محتملا ...وهذا بالضبط ما وصل إليه أسلافنا العظماء عندما قال قائلهم :(رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب )ومن أجل رحابة عقولهم وسعة مداركهم كانوا كبارا ..كبارا فى عقولهم كبارا فى معارفهم كبارافى العلاقات بينهم فكان الحب والاحترام والتواصل حصيلة
فهمهم الحق لمعنى الاختلاف .واستفادت الحضارة الإسلامية من هذا الاختلاف فكان هذا العطاء الفذ المتنوع .
والمتأمل فى مسيرة الحضارة الإسلامية يرى بوضوح أن ذبولها
ثم أفولها كان نتيجة حتمية للجهل بعبقرية الاختلاف والذى حوله إلى خلاف أكل الأخضر واليابس .وألقى على تلك الحضارة الرائعة ركاما أسود هائلا من التعصب المقيت .
أيها الأحبة:
لاتقلقوا تعالوا ننبذ التعصب ...تعالوا نختلف بوعى ..تعالوا نلقى بالرأى مغلفا بالابتسامة ...تعالوا نختلف ثم نتصافح ألم يقل من قبلنا
(اختلاف الرأى لايفسد للود قضية )؟
التعليقات (0)