مواضيع اليوم

لاتجزعوا من الفيدرالية الكوردستانية

فارس مشعل تمو

2010-04-13 22:01:53

0

 فقد اختارها الكورد للحفاظ على الحدود الوطنية، لا لتقسيمها، ولحماية روابط التآخي مع الشعب العربي، وباقي الشعوب لا لمعاداتهم.

فلا معنى للغصة التي يصاب بها الاخوة السياسيين والكتاب والمثقفين العرب، كلما ذكرو اقليم كوردستان العراق الفيدرالي في تصريحاتهم وكتاباتهم، حيث يستدركون غصتهم بذكر عبارة "الحفاظ على وحدة العراق" الى جانب عبارة " اقليم كوردستان العراق"، وكأن الكورد هم من يطالبون بتقسيم العراق، وليس تدخلات الاشقاء العرب، ودول الجوار.

كما لايخلو الاعلام العربي اليومي، سواء كان مطبوعاً او مسموعاً او مرئياً او الكترونياً، من تسويق صورة سيئة للفيدرالية العراقية، والتحريض المبطن للراي العام العربي ضد الكورد في العراق، لانهم سبب هذه الفيدرالية.

في ذات الوقت انتهاج التعتيم الاعلامي، السياسي، الثقافي على المخططات الشمولية الاقليمية، الهادفة الى العبث بشؤون العراق الداخلية، وزرع الشقاق بين شعبه، فقط لاثبات وجهة نظر اسياد الديكتاتوريات، وجمهوريات التوريث التي تعاني رعب مشترك نظراً لوجود الاجزاء "الشمال والشرق والغرب كوردستانية" ضمن حدودها الوطنية.

لذا فانها لا تتردد عن استخدام كافة الوسائل المتاحة سواء كانت اعلامية، مالية، سياسية، ارهابية، مخابراتية، تفخيخية، لاحباط امال الشعوب ومنها العربية، والكوردية الخاضعة لها، والمقموعة بقوة الحديد والنار، وإرعابها من العملية السياسية الديمقراطية في العراق الجديد.

فالدولة ذات الشعب الواحد، واللون الواحد، واللغة الواحدة، والحزب الواحد، لم يعد لها وجود سوى في مخيلة الشموليين والنازيين، وكل دول العالم في الواقع، هي دول متعددة القوميات، اي متعددة الشعوب.

واصحاب اوهام اللون الواحد الى الزوال هم ماضون، مهما حاولوا اطالة اعمارهم بزيادة قمعهم وتسلطهم وتمسكهم بزمام المركزية الصارمة لحكم الشعوب الخاضعة لهم، فكل هذا مؤقت، لان الشعوب لاتموت، ولا تباد، ومهما طال سباتها، فهي في النهاية تستيقظ، وتسقط امام يقظتها اشد الديكتاتوريات بطشاً، كما أزالت نهضة الشعوب اعظم الامبراطوريات على مر التاريخ.

لذا يعتبر النظام الفيدرالي من انجح النظم القانونية والدستورية في تنظيم علاقة الحاكم بالمحكوم، وعلاقة الشعوب بمفهوم الدولة، ومفهوم المواطنة والحفاظ على الحدود الوطنية، خاصة في الدول متعددة القوميات، لما تتميز به شعوبها من اختلاف في الثقافة واللغة، كما هو حال العراق وسورية وايران وتركيا.

فلا نظام يؤدي الى حكم مستقر وعادل في تلك الدول، سوى النظام الفيدرالي، لانه اتحاد طوعي يستند على ارادة الشعوب المتنوعة على العيش ضمن حدود الدولة الوطنية، ولما يتمتع به من مرونة في تقنين دستور ينظيم علاقة الشعوب ببعضها البعض، وعلاقة الاقليم بالمركز في العاصمة الوطنية،وارساء القيم الديمقراطية في الدولة والمجتمع، من خلال احترام حقوق القوميات الثقافية والسياسية والاقتصادية، واحترام حقوق الانسان، وتوزيع عادل للثروات الطبيعية.

لذا نجد العديد من دول العالم تحكم شعوبها بنظام حكم فيدرالي اتحادي اختياري، في اميركا مثلاً تم توحيد اكثر من خمسون ولايه او مقاطعه باسم الولايات المتحده الامريكيه، وكذلك في شبه القاره الهنديه التي يتجاوز تعداد سكانها عن المليار نسمة، تعيش تحت نظام اتحادي فيدرالي تعددي ديمقراطي .

وكذلك الامر في سويسرا والمانيا وكندا وباكستان، ودول اوربيه، وعربيه كالامارات العربيه المتحده ودول كثيره اخرى نظامها اتحادي فيدرالي تعددي .

وبعيدا عن نظريات المؤامرة التي لازال يؤمن، ويروج لها البعض، وفق مبدأ "من ليس من لوني فهو خائن وعميل وصهيوني وامبريالي وعدو الله" هذه الاكذوبه التي يراد بها التضليل والمراوغه والمزايدة في الوطنية المزيفة.

فالكورد من اشد المحافظين على الحدود الوطنية، ومشروع الفيدرالية الكوردستانية في العراق، في سبيل الحفاظ على روابط الجوار، والتآخي مع الشعب العربي، وتنظيم العلاقة بين كردستان العراق، والحكم المركزي في بغداد، كمشروع سياسي قديم قدم التاريخ الحديث، يعود إلى مرحلة تشكيل الدولة العراقية، ابتداءً من 1921، وتحديدا في الفترة التي تلت عقد مؤتمر القاهرة في 12 آذار 1921، الذي كان من مهامه تحديد مستقبل الولايات الثلاث في ما كان يعرف بـ«ما بين النهرين»، وهي البصرة وبغداد والموصل، واختيار شكل النظام السياسي ورئيسه، بتعبير آخر، كان على بريطانيا، إعادة تنظيم علاقاتها السياسية والمالية والعسكرية مع العراق، وكوردستان الجنوبية الواقعين ضمن انتداب «ما بين النهرين».

في ذلك المؤتمر حصل استقطاب في الآراء بحيث تشكّل فريقان متضادّان تجاه نوع العلاقة المستقبلية بين الدولة العربية المزمع إنشاؤها والتزاماتها تجاه الإقليم الكوردستاني.

فمن ناحية، نادت كتلة الأقلّية والمتمثّلة بالموظفين الميدانيين "كوكس" و"بيل" بإلحاق إقليم كوردستان الجنوبية بالدولة العربية فوراً، مدّعين أن سكانها لن يعارضوا هذا الالتحاق لارتباطهم اقتصادياً مع بغداد، ومن ناحية ثانية، طالب فريق الأكثرية، والذي قاده هيو برت يونغ (مساعد سكرتير شعبة الشرق الأوسط في وزارة المستعمرات) بتشكيل دولة منفصلة في كوردستان، كي تؤدّي وظيفة حزام استراتيجي يحمي الدولة العربية في بغداد من أيّ عدوان تركيّ كماليّ.

وبحسب كتاب "كردستان العراق - الجذور التاريخية لمشروع الفيدرالية" الذي الفه سعد اسكندر، ونشره معهد الدراسات الاستراتيجية فإنه ما بين انتهاء مؤتمر القاهرة في ربيع 1921 وتصميم حكومة المحافظين الجديدة على إلحاق كردستان الجنوبية بالدولة العراقية في أواخر 1922، قام كلّ فريق بتطوير أطروحته حول العلاقة المستقبلية بين كوردستان الجنوبية والعراق.
فمن ناحيته، قام كوكس، الذي تجاهل قرارات المؤتمر، بطرح مشروع إداري وسياسي معقّد، ثلاثي الأبعاد، لإدارة إقليم كوردستان الجنوبية.

حيث كان على أقضية مقاطعة الموصل الكوردية أن تشكّل وحدة إدارية خاصة (لواءً ثانوياً) داخل تلك المقاطعة الإدارية. وهنا يعتبر الكاتب مشروع كوكس هذا أول مشروع فيدرالي استهدف تنظيم العلاقات السياسية والإدارية والمالية بين إقليم كوردستان والدولة العراقية عبر دور بريطاني مباشر.

ويرى الكاتب أن تشرشل ويونغ ظلا يؤكّدان على ضرورة بقاء إقليم كوردستان الجنوبية منفصلاً عن الدولة العربية، فطرحا إقامة نوع من العلاقات الكونفدرالية بينهما تحت إشراف بريطاني. وفي 14 حزيران 1921 قال تشرشل في مجلس العموم البريطاني: «أريد أن أوضح بشكل جلي أننا نطوّر، كما كنّا، مبدأ الحكم الذاتي في كوردستان الجنوبية ضمن ما بين النهرين، في الوقت الذي نطوّر فيه حكومة عامّة فيها.

ويذكر الكاتب بأن الملك فيصل انذاك أظهر نفسه كما لو أنه سيقبل بضمّ ذلك الإقليم الى العراق وفق علاقة فيدرالية، حتى أنه دعا البريطانيين إلى تبني سياسة التصدّي للتهديدات التركية الكمالية من طريق إقناع سكان كوردستان الشمالية بالانضمام إلى كوردستان الجنوبية كي تتمتع بحكومة ذاتية ضمن المملكة العراقية.

وبعد فقدان تشرشل لمنصبه ووصول المحافظين إلى الحكم في لندن، والذي صاحَبه تغيير في السياسة البريطانية تجاه كوردستان الجنوبية، تمّ التراجع عن مشروع إنشاء كيان سياسي مستقلّ فيها لصالح إلحاقها بالدولة العربية، فأصدر فيصل وكوكس بياناً عراقياً - بريطانياً يطلب من الكورد القبول بفكرة الفيدرالية مع العراق.

ولم يكن الملك فيصل والضباط الشريفيّين جادّين في وعودهم بخصوص تشكيل حكومة كوردية في إطار المملكة العراقية، التي كان قد قبلها الكورد المعتدلون وفي مقدّمهم الشيخ قادر، شقيق الشيخ محمود البارزاني، لذا تراجع الملك فيصل عن وعوده، هو والوزارات العربية المتعاقبة بعده.

ولم يتراجع عن فكرة الفيدرالية بين إقليم كوردستان الجنوبية والعراق فحسب، بل وقمع الشعب الكوردي ومنع الكورد من ابسط حقوقهم كحقّ التعليم باللغة الكوردية، واقال كافة الموظفين الكورد من وظائفهم في المناطق الكوردية.

نظراً الى كم الوعود الكاذبة التي كانت تعطى للكورد على مر التاريخ من قبل الحكومات المركزية المتعاقبة، وتخفي في طياتها مؤامرات ابادة وتعريب وتبعيث بحقهم، يبقى تثبيت النظام الفيدرالي دستورياً
المظلة الوحيدة التي يتمكن من خلالها الشعب الكوردي من الدفاع عن نفسه بوجه اي مؤامرات مستقبلية، بذات الوقت يحافظ على علاقة التأخي والتعايش السلمي مع الشعب العربي وباقي القوميات، ضمن الحدود الوطنية للدولة.
dostocan@gmail.com

خاص بجريدة التآخي الصادرة عن دار التآخي للطباعة والنشر- بغداد

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات