بالاضافة الى إستغلال العاملين الزمني و الاقتصادي بذکاء من قبل النظام الايراني، هناك أيضا ثمة نقاط حساسة و حيوية ساعدته کثيرا على إمتصاص الضغط الدولي و إشغال المجتمع الدولي بأمور ثانوية مفتعلة تبعد النظر عنه و عن مشاريعه المثيرة للتوجس و القلق، و من المفيد هنا أن نشير الى:
ـ النظام الايراني، قام بتأسيس أحزاب و منظمات سياسية مؤمنة بخطه الفکري ـ السياسي في کل من أفغانستان و العراق و لبنان و دول الخليج، کما مد ذراعه بإتجاه السلطة الفلسطينية ليجعلها شبه مشلولة بسبب من تدخله غير المنطقي في دعم حرکة حماس من أجل أهداف سياسية محضة و ليس من أجل القضية الفلسطينية نفسها کما إدعى و يدعي هذا النظام الدجال المخادع، وقد تمکن النظام الايراني ومن خلال هذه المنظمات و الاحزاب من ممارسة الضغط و التهديد على دول المنطقة بشکل خاص، الغرب بشکل عام، و سعيه الدؤوب من أجل الربط بين هذه المنظمات و الاحزاب من جهة، و بين برنامجه النووي، من جهة أخرى، وان إصراره على أن البرنامج النووي يتم حسمه من خلال شوارع بغداد و بيروت و دول المنطقة و ليس عبر طاولة المفاوضات، تعطي إنطباعا کبيرا بخصوص النوايا العدوانية و الشريرة للنظام الايراني من خلال تأسيسه لهکذا منظمات و احزاب سياسية.
ـ النظام الديني المتطرف، على الرغم من الطابع العدائي الظاهري الذي يميز علاقته بالولايات المتحدة الامريکية، لکنه في نفس الوقت، يسلك اسلوبا ملتويا و حرباويا بهذا الخصوص، وان نظرة متفحصة على دور النظام الايراني في عمليتي الغزو الامريکيتين لکل من أفغانستان و العراق، تعطي إنطباعا بأن هذا النظام يسلك کل السبل من أجل ضمان مصالحه وانه على إستعداد للتعامل مع الشيطان نفسه من أجل درء الخطر عن نفسه، والملفت للنظر أيضا هو أن النظام الايراني وفي الوقت الذي کان بمثابة(جسر)و عامل(خدمة)ممتاز من الطراز الاول لمساعدة واشنطن على بلوغ أهدافه في کل من أفغانستان و العراق، فإنه وفي نفس الوقت، قد سلك اسلوبا مشبوها و بالغ الخبث عندما قام بمد يد لأطراف و جهات معادية لأمريکا(وقد قام بنفسه إنشاء البعض منها)، و قدم لها الدعم المادي و التسليحي من أجل مواجهة الامريکان، وان کل جندي أمريکي سقط على يد التنظيمات و الاحزاب المتطرفة، انما سقط اساسا بيد النظام الايراني، وکما قام النظام الليبي بإسقاط طائرتين مدنيتين باسلوب غير مباشر، لکنه أجبر أخيرا على تحمل مسؤولياته کاملة و دفع التعويض صاغرا، فإن النظام الايراني أيضا مسؤول تماما عن الدماء الامريکية المراقة على يد التنظيمات و الاحزاب المرتبطة او الممولة من قبله، لکن، وفي الوقت الذي تتمسك الولايات المتحدة الامريکية بمزاعم واهية بصدد تورط منظمة مجاهدي خلق في عملية إغتيال عسکريين أمريکان خلال عقد السبعينيات من القرن العشرين وهو أمر فيه الکثير من الالتباس و قد اوضحت المنظمة لأکثر من مرة أنها بريئة من تلك العملية وان الذين قاموا بها هم أفراد إنشقوا عنها و قد أثبتت ذلك بالدليل القاطع، فإنها تتجاهل و تغض النظر بصورة مريبة و ملفتة للنظر عن مئات من عمليات قتل و إعاقة الجنود الامريکان على يد تنظيمات تابعة للنظام الايراني. هذا من جانب، ومن جانب آخر، لو نظرنا بدقة الى العلاقة(الاستثنائية)و(البالغة السرية) بين ملالي طهران و تنظيم القاعدة، وکذلك علاقتهم الوثيقة جدا بعدوهم(الطائفي)للأمس منظمة طالبان، کافية تماما لفضح ماهية هذا النظام و إعتماده على اسلوب دعم و تمويل المنظمات و الاحزاب الارهابية من أجل خدمة مصالحه، وقد توضح و عبر ثلاثة عقود من عمر هذا النظام المتطرف، ولعه الشديد بتغيير و تنويع المصادر التي يعتمد عليها و لايحبذ الاعتماد على مصدر واحد کي لايستخدم هذا المصدر ضده او على الاقل حتى لايفرض عليه ثمة إملائات و خيارات قد لاتکون في صالحه، ولذلك فإننا نجده وفي الوقت الذي يعلم الجميع أن(المجلس الاسلامي الاعلى) في العراق هو اساسا من صناعته، لکنه و على الرغم من ذلك قام بدعم التيار الصدري و جعله ندا قبالة المجلس و هو عندما يساعد الامريکان و يغدو بمثابة حليف غير معلن لهم، فإن هذا النظام يتوجس شرا من الامريکان و لذلك يجد من أنه لامناص من الاستحواذ على"اوراق"ضغط مهمة يستخدمها في الوقت المناسب ضدهم، ولاغرو من أن النظام الايراني و بإعتراف الامريکيين أنفسهم أجاد و يجيد هذه اللعبة بل و يکاد أن يمتاز يتفوق بها على الاخرين، و حتى أنه وفي کثير من الاحيان يجعل من مساحة و وقت المناورة للطرف الآخر عسيرة و معقدة وحتى غير ممکنة.
وقد تيقن النظام الديني المتطرف بأنه و بعد إنتهاء الحرب العراقية الايرانية و عقب عملية(الضياء لخالد، 2/آب/1988)، التي نفذتها قوات المقاومة الايرانية(جيش التحرير الوطني) و تمکنت من الوصول الى مشارف مدينة کرمانشاه بعد أن حررت مساحات کبيرة من الارض الايرانية، أنه من الممکن جدا"وفي ظل التطورات و المستجدات و التداعيات التي تطرأ على الظروف و الاوضاع في العالم و المنطقة و إيران"، أن تعيد المقاومة الايرانية متمثلة في الطرف الابرز أي منظمة مجاهدي خلق الکرة، وحينها قد لايتهيأ للنظام ماتهيأ له في أثناء تلك العملية بل وان الشواهد کثيرة على أن النظام قد کاد يفقد توازنه في أثناء تلك الحملة العسکرية المباغتة و الفريدة من نوعها لقوات المقاومة الايرانية وانه وفي سبيل الحفاظ على وجوده و الحيلولة دون إنهياره، دفع بکل قواته و إمکانياته الى ساحة المواجهة بما فيها قوات فيلق بدر، وقد تمکن بشق النفس من إبعاد هذا الخطر الداهم عن نفسه و وجوده، ولأجل ذلك، فقد سعى النظام الايراني و بعد أن تيقن من ان النظام العالمي الجديد الذي أفرز بعد سقوط و تلاشي المعسکر الاشتراکي، بات يحدد کثيرا من مجال مناوراته و خططه و ألاعيبه الخبيثة، و جد أن الاجواء قد تتهيأ يوما ما لإجراء أي عمل عسکري او سياسي ضده، فقد صمم على أن يلقي بکل ثقله من أجل عزل و إنهاء دور منظمة مجاهدي خلق على الصعيدين الاقليمي و الدولي، خصوصا وان المنظمة تمثل المحور الاساسي و العمود الفقري للمعارضة الايرانية النشطة و الفعالة ضد النظام، وقد حاول النظام بکل ماأوتي من مکر و دهاء و خبث، من إستغلال الموقف الامريکي تجاهه و الذي بني في وقته على أساس سياسة(الاحتواء المزدوج)، التي إتبعتها الادارة الامريکية أيام الرئيس بيل کلينتون، حيث نجح رجال الدين في ممارسة أکبر عملية خداع سياسي ضد الامريکان بأن أوهموهم بإمکانية"تأهيلهم" و، دخولهم في اللعبة الدولية من خلال تقديم المحفزات لهم. وسعى النظام الايراني و عن طريق أوساط و أطراف ذات صلة به او مقربة منه، من الايحاء للإدارة الامريکية بأن إدراج منظمة مجاهدي خلق المعارضة ضمن قائمة المنظمات الارهابية ستکون خطوة مهمة و فعالة في طريق التقارب بين الامريکيين و النظام الديني، ولذلك فقف قدمت الادارة الامريکية خدمة کبيرة جدا للنظام الايراني بأن قامت بإقصاء أبرز طرف في المعارضة الايرانية و اهمها دورا و تواجدا على الساحة الايرانية مقابل مجرد وعود و خيارات و احتمالات هلامية و ضبابية، وکانت هذه الخطوة غير الحميدة من جانب الامريکيين في نفس الوقت بمثابة رسالة بالغة السلبية للشعب الايراني فحواها أن ألقوا بأحلام و آمال إسقاط النظام الديني جانبا و اسعوا للتعايش و التأقلم معه. وعندما أصدرت وزارة الخارجية الامريکية قرارها المشبوه و سئ الصيت بإعتبار المنظمة ضمن لائحة الارهاب، نست أو تناست بأنها إمتثلت لرغبة مرکز قيادة الارهاب في العالم، وليس بغريب أبدا أن تعتبر البرئ مجرما، طالما کانت المشورة من مشرعني الجريمة، لکن و بعد أن إفتضحت اللعبة الخبيثة التي قام بها نظام ولاية الفقيه عن طريق الايحاء للأمريکيين بوضع منظمة مجاهدي خلق ضمن لائحة الارهاب، وتأکد للعالم و للأمريکان بصورة جلية ضلوع النظام الايراني في قضية الارهاب و دوره المشبوه في دعم ذلك، فإن إعادة النظر في مسألة إعتبار منظمة مجاهدي خلق ضمن لائحة الارهاب باتت مسألة ملحة و بالغة الاهمية قد لاتکون لوحدها مطلوبة و مفيدة من دون تحديد مرکز صناعة و تصدير الارهاب و جعله على رأس لائحة الارهاب!
التعليقات (0)