مواضيع اليوم

لأول مرة: أسئلة وأجوبة حول أمر التوقيف الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر ال

محمد غنيم

2009-04-05 07:24:05

0

1. الآن، بعد أن أصدرت المحكمة أمرا بإلقاء القبض، ماذا يحدث بعد هذا؟
ليس للمحكمة الجنائية الدولية قوة شرطة خاصة بها، ولذا لا تستطيع إلقاء القبض على الرئيس البشير. وما يحدث له يتوقف على مدى الدعم الذي يقدمه المجتمع الدولي إلى المحكمة.

المعاهدة التي أنشئت بموجبها المحكمة – اتفاق يسمى ميثاق روما – تقول إنه يجب على الدول التي صادقت على المعاهدة التعاون الكامل مع المحكمة، مما يعني أنه يجب عليها تنفيذ أمر القبض. ويمكن أيضا تفسير قرار مجلس الأمن الذي طلب من المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في الحالة في دارفور بأنه يطلب من جميع الدول التعاون الكامل مع المحكمة، سواء وقعت أو صادقت على ميثاق روما أم لا.

وقد ذكرت المحكمة أن مذكرة الإعتقال سوف ترسل أولا إلى السودان وإلى الدول الأطراف في ميثاق روما، وإلى مجلس الأمن. كما ذكرت المحكمة أنها تستطيع إحالة أي تهاون في التعاون معها إلى مجلس الأمن لاتخاذ الإجراء المناسب.

2. كيف سيؤثر قرار المحكمة على سكان دارفور؟ هل يعرضهم لمزيد من الخطر؟ وماذا عن المعونة الإنسانية هناك؟
حتى الآن، أدى إفلات مرتكبي الجرائم في دارفور من العقاب إلى مزيد من الصراع. وقد يكون إصدار الأمر بالقبض تأكيدا لسيادة القانون ورادعا للجرائم في المستقبل. وفي الوقت نفسه، يحتاج ضحايا الصراع المستمر إلى المعونة الإنسانية والحماية وفوائد التوصل إلى تسوية تفاوضية. وينبغي للمجتمع الدولي، خصوصا البلدان الأفريقية، مواصلة السعي نحو تحقيق هذه الأهداف مع الإصرار على مساءلة مرتكبي الجرائم. و يجب على السلطات السودانية ألا تتخذ شعبها نفسه رهينة فتنزل به مزيدا من المعاناة بحرمانه من المعونة الإنسانية.

3. هذا يعني قطعا نهاية أي مفاوضات للسلام في دارفور، هل هذا صحيح؟
إن إصدار أمر بإلقاء القبض لا ينبغي أن يعني بالضرورة توقف الجهود الساعية إلى تحقيق السلام. فعندما أحال مجلس الأمن الدولي الحالة في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية، فقد قرر أن الجرائم المرتكبة هناك تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين. وبذلك لم يؤكد مجلس الأمن بوضوح أن العدالة والسلام متوافقان فحسب، بل أن العدالة عنصر أساسي في استعادة السلم والأمن.

4. اتهمت المحكمة الجنائية الدولية الرئيس البشير بتهمتين من "جرائم الحرب" وخمس تهم من "جرائم ضد الإنسانية". ما الفرق بين تلك التهم؟
جرائم الحرب انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب، وهي تسمى أيضا بالقانون الإنساني الدولي. والقانون الإنساني الدولي مجموعة ضخمة من الأحكام تتألف من اتفاقيات لاهاي، واتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية. وتهدف هذه الاتفاقيات إلى حماية الأشخاص غير المشاركين في الصراع المسلح، مثل المدنيين، والجرحى، والمرضى، وأسرى الحرب – وهم يسمون بالأشخاص المحميين. وقد تشمل جرائم الحرب القتل العمد، والتعذيب أو المعاملة غير الإنسانية للأشخاص المحميين. و بموجب ميثاق المحكمة الجنائية الدولية يجب أن ترتبط الجريمة بصراع دولي أو داخلي مسلح وأن تكون مرتكبة وفق سياسة أو خطة عامة لكي تصنف بأنها جريمة حرب.

أما الجرائم ضد الإنسانية فهي جرائم جسيمة (تشمل القتل، والتعذيب أو الاغتصاب) ترتكب باعتبارها جزءا من هجوم واسع ومنظم على المدنيين، بدلا من أعمال منعزلة. والجرائم ضد الإنسانية غالبا ما ترتبط بخطة أو سياسة منظمة أو معتمدة من حكومة ما. وهي بخلاف جرائم الحرب يمكن أن ترتكب في وقت السلم.

5. رفضت المحكمة طلب المدعي العام توجيه الاتهام إلى الرئيس البشير بالإبادة الجماعية. لماذا؟
إن جريمة الإبادة الجماعية، حسبما عرفها ميثاق روما والاتفاقية المتعلقة بالإبادة الجماعية لعام 1948، تستلزم البرهان على أن المرتكب قد قصد "إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه, إهلاكاً كلياً أو جزئياً." وهذا الإهلاك يمكن أن يتخذ شكل القتل أو الاغتصاب أو التعذيب.

وقد سعى المدعي العام إلى إثبات أن الرئيس البشير قصد تحديدا إهلاك الجماعات الإثنية المتمثلة في الفور والمساليت والزغاوة في دارفور، بالسودان، بصفتهم الإثنية تلك. ووفقا لما يقوله المدعي العام، فقد هاجم الرئيس البشير، بدعم من الجيش السوداني والمليشيات المعروفة باسم الجنجويد، المدنيين في المدن والقرى التي يسكنها بصفة رئيسية أعضاء تلك الجماعات الإثنية الثلاث. وأدت الهجمات، التي شملت القتل والاغتصاب، إلى التشريد القسري لجزء كبير من تلك الجماعات.

ويبدو أن القضاة لم يقتنعوا بأن هناك أسبابا معقولة لاعتقاد أن الرئيس البشير قد ارتكب أعمال الإبادة الجماعية المزعومة. ومن الخطأ تفسير هذا باعتباره قرارا رسميا من المحكمة بأنه لم تكن هناك إبادة جماعية في دارفور. فالمحكمة تحاكم الأفراد فقط، وعلى أساس الأدلة المحدودة التي عرضت عليها. وقد ذكر المدعي أنه قد يستأنف قرار المحكمة بشأن إسقاط تهمة الإبادة الجماعية عن الرئيس البشير.

6. إذا لم يعتقل الرئيس البشير على الفور، ماذا سيعني ذلك فيما يخص سلطة المحكمة الجنائية الدولية وأهميتها؟
إن الرئيس البشير هو أول رئيس دولة توجه إليه لائحة اتهام من المحكمة الجنائية الدولية، الأمر الذي يرسل إشارة بأنه لا أحد فوق القانون. والمحكمة الجنائية الدولية لن تكون قوية إلا بمقدار ما تريد لها الدول أن تكون، غير أنها مؤسسة دائمة وأوامرها بإلقاء القبض لا تزول. لقد انتظرت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة اثني عشر عاما من الوقت الذي أصدرت فيه أمرا بإلقاء القبض على رئيس ما أعلنت نفسها باسم جمهورية صربسكا، (رادوفان كراديتش)، حتى اعتقاله.

7. أصدرت المحكمة الجنائية الدولية حتى الآن أوامر بإلقاء القبض على 12 شخصا، جميعهم أفارقة. لماذا تبدو المحكمة مركزة جهدها على أفريقيا بدلا من العالم كله؟
لقد كانت الدول الأفريقية في مقدمة الدول المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية، وثلاث من الحالات الأربع التي تنظر فيها المحكمة حاليا قد أحيلت بواسطة الدول الأفريقية المعنية نفسها: أوغندا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى وأكدت المحكمة أنها تعمل على حماية ضحايا الفظائع الجماعية. وتقوم المحكمة أيضا بتحليل الجرائم المدعى ارتكابها في مناطق أخرى من العالم، تشمل كولومبيا، وأفغانستان وجورجيا.

ويجب عدم الحكم على المحكمة الجنائية الدولية على أساس الأمكنة التي تأتي منها قضاياها، ولكن على أساس إن كانت تلك القضايا تستوفي شروط المقبولية وتستحق أن تعرض على المحكمة. فالمحكمة الجنائية الدولية مؤسسة عدلية مستقلة، وقراراتها بإدانة شخص ما تقوم على أساس ما إذا كانت هناك أدلة كافية تثبت دون شك معقول أن جريمة ما قد ارتكبت. وتعتمد المحكمة أيضا على الإرادة السياسية للمجتمع الدولي ودعمه لإجراء التحقيقات وجمع الأدلة.

وولاية المحكمة الجنائية الدولية مقصورة على الجرائم المرتكبة بعد 1 يوليو/تموز 2002، مما يستثني حالات عديدة. وفيما عدا حالة الإحالة من مجلس الأمن الدولي، لا تستطيع المحكمة التحقيق إلا في البلدان المصادقة على ميثاق روما أو التي قبلت باختصاص المحكمة على أساس مخصص. والمصادقة العالمية على النظام الأساسي للمحكمة من شأنها ضمان أن تصبح المحكمة ناشطة في جميع أرجاء العالم.

8. ما الذي يعطي السلطة للمحكمة الجنائية الدولية لاتخاذ إجراء ضد الرئيس البشير؟
لقد أنشأ المجتمع الدولي المحكمة إقرارا بأهمية مكافحة الإفلات من العقاب على الجرائم الخطيرة. ومصادقة أكثر من 100 دولة على ميثاق روما دليل على وجود اتجاه عالمي لإنهاء إفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب. وهذا يوفر للمحكمة سلطة قانونية وأخلاقية قوية.

في عام 2005 أحال مجلس الأمن الحالة في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية بقرار ملزم لجميع الدول، بما فيها السودان. وأعطت الإحالة إلى المحكمة اختصاصا قضائيا على الوضع في دارفور وولاية للتحقيق مع الذين ارتكبوا الجرائم هناك ومحاكمتهم. و في حالة الرئيس البشير، أصدر القضاة أمرا بإلقاء القبض عليه بعد وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأنه ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

9. هل للرئيس البشير حصانة باعتباره رئيس دولة؟
القانون السوداني يمكن أن يعطي رئيس الدولة حصانة في السودان، ولكن ميثاق روما يقول إن الحصانات لا تمنع المحكمة من ممارسة اختصاصها. وقد أكدت محكمة العدل الدولية في عام 2002 أن تلك الحصانات لا تمنع المحكمة الجنائية الدولية.

10. هل يمكن أن يوقف مجلس الأمن هذه القضية من المضي إلى الأمام؟
إن ميثاق روما يعطي مجلس الأمن السلطة لتأجيل التحقيق أو المحاكمة لمدي 12 شهرا. ونعتقد أن هذه السلطة ينبغي ألا تستعمل إلا في الحالات التي تجعل فيها متطلبات السلام من الضروري تماما تعليق الجهود الرامية إلى تحقيق العدالة تعليقا مؤقتا. و يجب ألا يؤجل مجلس الأمن القضايا استجابة للتهديدات، بما في ذلك التهديدات بارتكاب العنف أو قطع عملية للسلام. وقد رأي مجلس الأمن أن دارفور تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين في عام 2005 وأحال القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية. وتأجيل القضية الآن سيبدو غير متسق مع تلك النتيجة. وسيبدو أيضا استسلاما للذين يسعون إلى منع العدالة بدلا من الاستجابة إلى أصوات الضحايا التي تطالب باستمرار بتحقيق العدالة.

11. أي معيار سيستخدم خلال المحاكمة لتقرير إدانة الرئيس البشير أو براءته؟
هناك معايير مختلفة من الأدلة ينبغي أن تستوفى في مختلف مراحل الإجراءات. لإصدار أمر القبض يتعين على المدعي العام إقناع هيئة من ثلاثة قضاة بأن هنا ك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن الرئيس البشير قد ارتكب جريمة تقع في نطاق اختصاص المحكمة.

وقبل أن تبدأ المحاكمة، سيدعو القضاة إلى جلسة استماع لتأكيد التهم الواردة في أمر إلقاء القبض، وهذا يتطلب معيارا أعلى في الأدلة. ولكي يوافق القضاة على التهم، يتعين على المدعي العام إثبات أن هناك "أسبابا جوهرية للاعتقاد" بأن المتهم قد ارتكب الجرائم المدعاة.
وفي مرحلة المحاكمة، يكون المعيار أعلى أيضا، لأنه يتعين على المدعي العام أن يثبت "دون شك معقول" أن المتهم ارتكب الجرائم المدعاة. وللدفاع الحق في عرض قضيته الخاصة ومحاولة إلقاء الشك. وفي النهاية يجب أن يكون القضاة مقتنعين دون أدنى تردد بأن المتهم مذنب. وإذا كان هناك شك يجب تبرئة المتهم.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات