مواضيع اليوم

كي لاينسون

كلكامش العراقي

2010-12-16 18:19:08

0

 

 (لا تطلق النار )، هكذا صاح الرجل الملتحي، الخنوع، على الجنود. لقد كان صدام حسين، مختبئا في حفرة، كان الرجل الذي وصفه البنتاغون بأنه «الهدف المرتفع القيمة رقم 1» رواية اعتقاله» وماذا بعد ذلك في هذا الجزء من العالم الذي يعتبر فيه الشرف والكرامة كل شيء، فإن الصور كانت تستهدف بوضوح جلب العار. فقد عرضت صور لطبيب أو فني طبي من دون اسم، يرتدي القفازات الطبية، يقوم بكل وضوح بفحص شعر الرجل بكل عناية، ربما بحثا عن القمل وبنهره بأداة دفع اللسان إلى أدنى، فتح الرجل فمه، ونظر الطبيب إلى الخلايا ذات اللون الزهري لحنجرته وأخذ عينة من خلاياه من أجل فحوص الحمض النووي لتحديد شخصيته.

 ثم رأى العالم وجه ذاك الرجل. لقد بدا الرجل هزيلا، مهزوما، وشاعرا قليلا بالغثيان مما يجري من حوله، وقد بدا من دون شك أنه صدام حسين، الطاغية والإرهابي، السادي والقاتل، الذي كان هدفا لأوسـع عملـيات بحث عن شخص في التاريخ.

وقد أبلغ قائد القوات الأمريكية في العراق اللفتننت جنرال ريكاردو سانشيز الصحافيين بأن صدام قد عثر عليه مختبئا في جحر طيني. لقد ذهبت أساطيل المرسيدس وكتائب الشرطة السرية والقصور المطلية بالذهب. ولم يحاول صدام حتى أن يقاوم» كما لم يحاول أن يقتل نفسه (رغم أنه كان بحوزته مسدس). لقد كان «يتحدث» و«متعاونا»، وكان مستسلما، مرتعدا، هزيلا وضعيفا. لقد كُسرت شوكة هذا «القائد المجيد، السليل المباشر ـ حسب زعمه للرسول، أسد بابل، أبي الشبلين، والقائد المختار، وخليفة نبوخذنصر، وصلاح الدين الجديد، وأجبر على الركوع قبل أن يُنقل بسرعة إلى «مكان غير معلوم» للتأمل في مصيره بينما ينتظر المثول أمام المحكمة على جرائمه الواسعة النطاق ضد الإنسانية.

«سيداتي وسادتي، لقد ألقينا القبض عليه!» هكذا أعلن بول بريمر، الحاكم الأمريكي في بغداد، الذي بدا مبتهجا، ومنتصرا. أما في العاصمة العراقية، فقد خيم الصمت على المدينة. وانتقلت شائعات عبر شوارع بغداد. وبدا وكأن الجميع قد تجمهروا حول جهاز التلفزيون أو الراديو للاستماع إلى الكلمة الرسمية. وحين تحدث بريمر في نحو الساعة 15:3 بعد ظهر يوم الأحد بتوقيت بغداد (15:7 صباحا بتوقيت واشنطن)، انفجرت المدينة بإطلاق النار احتفالا بالمناسبة. بدأ أصحاب المحال التجارية يغلقون أبواب محالهم، خشية من أن يفقد المحتفلون السيطرة على أنفسهم. (حين عثر على ابني صدام قصي وعدي، وتم قتلهما الصيف الماضي، قتل ستة أشخاص على الأقل جراء زخات الرصاص المتساقط احتفالا). والتقطت الكاميرات صورا للجنود الأمريكيين وهم ينفثون دخان السيجار.

التمرد سيتواصل والمزيد من الجنود الأمريكيين سيموتون. ولكن إلقاء القبض على صدام كان من دون شك إنجازا هائلا في عملية تحرير العراق. العديد من العراقيين لم يصدقوا فعلا بأن صدام قد ولّى، وأنه لن يعاود الظهور ككابوس سيىء. ولكن عرض صور صدام في الأسر، ليس معتقلا فقط، بل وهو يُهمز ويُنهر على فتح فمه، بل وهو يخضع لحلق ذقنه، فإن الأمريكيين كانوا يوجهون صورا إلى العراقيين بأن معذبهم على مدى عقود قد انتهى إلى الأبد...

عن الطبعة العربية لمجلة النيوزويك 22/12/2003

 

كي لاننسى....شعار طالما أستخدمه النظام العبثي في العراق من أجل تذكير العراقيين بالدماء التي سفكها في حروبه العبثية العداخلية والخارجية العديدة...

شعار من أجل التذكير دوما بأن الحرب مهما كانت مكلفة ومها كانت مدمرة إلا أن نهايتها النصر ما دام الطاغية لازال جاثما على صدور العراقيين..قالها ذات مرة معبرا عن قصر نظره وغبائه السياسي حينما كان ينتقد الدول العربية لعدم تعرضها للمصالح الأمريكية والأسرائيلية يومها قال ما معناه هل يخافون أن تهاجمهم أمريكا؟؟ما هم ضربونا "خوما تبخرنا"!!!

الدمار..الموت..العودة بالبلد للقرون الوسطى...الفقر والمرض لم تكن كلها كافية لأقناعه بسخافة أسلوبه فما دام لم يتبخر فلا داعي أذن للخوف فمن سوف يموت جوعا أو حرقا هم الشعب..ومن سيسقط ضحايا للمعركة هم أبناء الشعب من الجنود المساكين وليس أبناء القائد الضرورة..ومن سيأكل الحنطة التي لاتصلح كعلف حيواني هو ذلك الشعب المبتلى وليس القائد وأحبابه الذين يحتفلون بكارثة ميلاده المشؤوم منفقين ملايين الدولارات لأعداد كعكة الأحتفال..

بهذه العقلية الغبية ذاتها قرر أن يخوض الحرب الأخيرة (رغم أنه لم يعتقد ولو للحظة أنها ستكون الأخيرة)...من غير المهم أن يخسر العراق بضعة ملايين من أهله دفاعا عن عرش الدكتاتور..لقد تصورها مناورة أخرى وسرعان ما ستنتهي بعد أن يوقع على ورقة بيضاء أخرى شبيهة بأتفاقية الخزي في خيمة صفوان..

لكنها كانت الأخيرة حقا..

وفر الى المجهول تاركا خلفه كل شئ..حتى أسرته..

الفارس الهمام الغيور أخو هدلة ترك زوجته وبناته وفر الى المجهول هاربا بجلده..

النياشين التي كان يرتديها حتى حين نومه رماها في أول مزبلة قابلته (وهي ولله الحمد كثيرة بفضل حكمة نظامه)..

مسدسه وبندقيته (بالأصح مسدساته وبنادقه الكثيرة) التي كانت تدوي حين يستعرض الجيش غدت تذكارات لمن يستطيع الوصول اليها..فلا الكلاشنكوف المذهب أطلقت منه رصاصة بأتجاه "الغزاة" ولاالمسدسات الفاخرة المطلية بالنيكل أستخدمت...ولا حتى النطاق العسكري قد لبس أيضا..فما حاجة المهيب الركن والقائد العام للقوات المسلحة والحرس الجمهوري لنطاقه وهو قد فر بملابس النوم....

لكنه رغم فراره المخجل قرر أن لايغيب..قد يستغرب البعض ذلك..فالمعتاد تاريخيا أن القادة حينما يهزمون يقررون الأنتحار..أو على الأقل الأنزواء بعيدا عن الناس..أما أمثال هذا فهم لايخجلون مطلقا..ربما لأنهم عاهرات أكثر من كونهم قادة..

قرر أن لايحرمنا من التمتع بصوته منهزما..هاربا من قبضة العدالة..

كان بين الفينة والأخرى يطل علينا عبر الجزيرة ليزعجنا بالهراء القديم..حتى جاء ذلك اليوم التاريخي..

حبنما أطل علينا بول بريمر ليعلن (لقد نلنا منه)..ولنراه بعد ذلك ذليلا خائفا مرتعدا وقذرا منصاعا لطبيب (ربما بيطري) كان يتفحصه بحثا عن أمراض أو حشرات...لنراه بعد ذلك في صورة أخرى وقد جزت لحيته وعلى عينيه نظرة ذل وأستسلام...

في ذلك بكى الكثيرون...

بكى المنتفعون من صدام وهم يرون سيدهم صاغرا ذليلا بعد أن أستسلم من دون أن يطلق رصاصة واحدة..

اسر ضحاياه يومها لم تجد إلا الدموع فرحا بمصيره المخزي..

وبكى آخرون ممن قضوا سنينا في حروب الطاغية العبثية ليجدوه يستسلم في أول مواجهة حقيقية له مع أعداءه..

...

أنه اليوم الملائم لتذكير الطغاة وذيولهم بمصيرهم الحتمي...

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات