من طرائف هذا الزمان، في مغرب الحداثة و الانتقال الديمقراطي وحقوق الإنسان، صعود نجم جماعة العدل و الإحسان، على إثر رؤيا رآها أتباعها في المنام، تقول بزوال الملكية في غضون هذا العام، و إقامة الخلافة بديلا عنها كنظام، و يكون زعيم الجماعة الهمام، عبد السلام ياسين خير الأنام، خليفة الله في أرض المغرب، و يكون أتباعه و مريدوه حاشيته و رعيته و جيشه الذي لا يغلب، و يكون للمغاربة حق مبايعة الخليفة بتقبيل اليد أو الكتف أو القدم الشماء، و يكون لهم حق طاعته العمياء، و يكون لهم حق التزام الصمت كالصخرة الصماء، ويكون لهم حق الامتناع عن مجادلة أولي الأمر منهم و مناقشتهم و محاورتهم، ويكون لهم حق قص الشارب و العفو عن اللحية، و يكون لنسوتهم حق ارتداء الحجاب والخمار الأسود، و يكون لهم حق أن لا حق لهم غير ما يأمر به الخليفة...
هكذا هي الدراسات المستقبلية التي تقوم بها الجماعة، و هي تغط في نومها العميق، على فراش وثير، بعد أن أضحى السُّبات فضاء مواتيا للجماعة النائمة لاستلهام برنامجها السياسي، و لإيجاد الحلول الناجعة لمشاكل البلد في المنام...
هكذا هي رؤية و رؤيا الجماعة للملكية، لكن ما هي رؤاها ذات العلاقة بالقضايا العربية و الإسلامية؟ هل بإمكان الجماعة أن ترى متى تكون نهاية احتلال فلسطين والعراق؟ و متى يكون انهيار الولايات المتحدة الأمريكية و معها النظام العالمي الأحادي القطب؟ و من سيحل محلها من القوى الصاعدة في هذا العالم؟ أعرف أن الجماعة خارج اللعبة الخارجية، و أعرف أنها داخل اللعبة الداخلية، و يهفو قلبها ليل نهار إلى بلوغ سدة الحكم، و أعرف أن زعيمها الروحي دأب على بيع الوهم لأتباعه ومريديه، حتى أصبح قاب قوسين أو أدنى من النبوة، و أعرف أن الملكية باقية لا ريب في ذلك...وأنا حين أقول بأن الملكية باقية، لا أقصد الدفاع عنها ، لأنها قادرة على الدفاع عن نفسها بنفسها، و لاتحتاجني لصد الأخطار عنها، و إنما أدافع عن الحقيقة و العقل ضدا على الوهم الدجل و الشعوذة...
و أنا أفكر في هذه القضية الغريبة و العجيبة، أخذتني غفوة، فرأيت في منامي رؤيا تقول أن نهاية جماعة العدل و الإحسان ستكون نهاية هذا العام المقبل، و ربما تكون في غضون العام الموالي؛ بعدما استيقظت، رويت رؤيتي على زوجتي فنصحتني بأن لا أحكي هذه الرؤيا لأحد، لأن لا أحد سوف يصدقها، و لأن الجماعة لا ترغب في مثل هذه الرؤى المناوئة، و لأن الزعيم يريد احتكار لعبة الرؤيا لصالحه و لصالح أتباعه الذين لا حق و لا رؤية لهم غير حق رؤية زعيمهم المبجل على عرش الخلافة الوهم، لكن من حقي أنا أن أمارس لعبة الرؤيا لأني أقوم بدراسة مستقبلية سباتية عميقة لمستقبل الجماعة، على الأقل أمارس هذه اللعبة قبل إقامة الخلافة...
فلو كانت الرؤيا تغير الأنظمة، لما سالت قطرة دم واحدة في مختلف الثورات التي قامت في العالم قصد الإطاحة بالأنظمة المستبدة و غير المستبدة، الفاسدة و غير الفاسدة، و لما بقي واحد من الزعماء العرب حتى الآن على كرسيه آمنا...
هذا هو نهج الجماعة، الانقلاب بالرؤيا، و التغيير بالرؤيا، و تحسين أوضاع الشعوب بالرؤيا، و الانتخابات والشورى بالرؤيا، و الاحتجاج بالرؤيا، وخوض الإضراب بالرؤيا، كل شيء سيصير بالرؤيا؛ فقد يحصل أن ينعدم القرش في جيبي، و ينعدم الطعام في مطبخي، فلا أسمع بالبيت غير بكاء أطفالي وأنات زوجتي، و صوت غرغرة مصارينهم، حينئذ يكون لزاما علي دعوتهم قسرًا إلى الاضطجاع و رؤية ما لذ وطاب من المأكل والمشرب في منامهم، فتكون لهم فرصة سد الرمق و طرد الجوع عن بطونهم الخاوية...كل شيء سوف يقضى في عهد الجماعة بالرؤيا...
التعليقات (0)