مواضيع اليوم

كيف يواجه المغـرب خطـر التغلغـل الشيعـي؟

شريف هزاع

2011-05-17 12:31:12

0

كيف يواجه المغـرب خطـر التغلغـل الشيعـي؟

عبـد الفتـاح الفاتحـي

يعيش العالم الإسلام اليوم على وقع الحديث عن وثيرة تنامي المد الشيعي في عدد من البلاد السنية، وتزامن ذلك وتزايد نشاطات العمل الدبلوماسي الايراني في مختلف دول العالم الإسلامي، حيث يؤكد عدد من الممتتبعين أن إيران باتت تفكر في تنفيذ استراتيجية ما يسمى "تصدير الثورة إلى الخارج"، بذلك صار التشيع مهددا لأمن واستقرار عدد من البلدان السنية التي كانت إلى أمد قريب ترغد في أمن وأمان.

وتنبه العلماء والمفكرون كما الدبلوماسيون إلى تزايد نشاطات الامتداد الشيعي في عدد من الدول، بحيث حذر الدكتور سلمان العودة من تنامي ظاهرة التشيع في بلاد الشام وسوريا على وجه الخصوص وفي عدد من بلاد العالم الإسلامي، بفضل الدعم السياسي والمالي والإعلامي الذي توفره إيران لهذه الظاهرة، وأضاف "فليس خلافنا معهم مثل خلاف المذاهب الفقهية كما بين المالكية والشافعية في الفروع. بل هو خلاف أصولي، خلاف في مناهج التلقي، وخلاف مع موقفهم من الصحابة الذي ينطوي على كثير من المجافاة".

في السياق ذاته جاء تحذير الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي هو الآخر أن حذر من خطر تنامي المد الشيعي داخل مصر، معتبرا أن الشيعة يستغلون الفقر والجهل دغدغة العاطفة الدينية لدى العامة.

وقبلهما ظهرت كتابات ودراسات لكتاب وباحثين تدعو المسلمين السنة إلى الحيطة من أنشطة الشيعة، الذين يتميزون عن السنة بعدم مخالفة مرجعياتهم وطاعتهم طاعة عمياء بخلاف السنة. كما يتميزون بفقه سياسي قوي يتمثل في الدهاء الإيراني في مسألة برنامج طهران النووي الذي يحارب العالم الغربي أجمع من أجل وقفه وتعطيله، كما يتميزون بما يسمى التقية.

ولم يسلم المغرب الأقصى رغم بعده من التهديد الشيعي الإيراني، حيث برزت مؤشراته قوية جدا من خلال الأنشطة الداعمة للتشيع التي دأبت السفارة الإيرانية على تنفيذها داخل المغرب، تحركات السفارة الإيرانية وصفت آنذاك بذات "النشاط المريب" بغية تشيع المغاربة، وإخراجهم عن المذهب السُني المالكي. دعت بالمغرب إلى قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران.

وأصدرت حينها وزارة الداخلية المغربية بلاغا أكدت فيه حرصها على التصدّي بكل حَزم وفي إطار القوانين الجاري بها العمل، لكل الممارسات المنافية لقِيّم المجتمع المغربي ولكل المنشورات والكُتب والإصدارات، التي ترمي إلى المسّ بقيمه الدِّينية والأخلاقية".

وقد قامت السلطات المغربية إثر ذلك بتتبع مروجي الفكر الشيعي، من خلال جمع الكتب والمنشورات الداعية إلى التشبع، وجمع الأقراص المدمجة والأشرطة السمعية لدعاة شيعة كانت توزع عى نطاق واسع في الأسواق الشعبية.

وتأتي هذه الحملة في سياق الإجراءات الوقائية من التغلغل الشيعي بالمغرب، وحفاظا على الأمن الأخلاقي المذهب المالكي تشريعاً فقهياً، والأشعرية عقيدة. حتى أن هناك من اعتبر أن جدية تحرك السلطات المغربية كانت مبنية على أن التغلغل الشيعي أخذ مداه حتى بات يهدد "وحدة" المذهب المالكي السني المذهب الرسمي في المغرب، ويهدد الأمن الأخلاقي والديني عند المغاربة.

كما قامت السلطات المغرب بإغلاق المدرسة العراقية التكميلية بالعاصمة المغربية الرباط بعد إيفاد لجنة تفتش رسمية إليها بناء على شكاية مواطن عراقي مفادها أن مديرة المدرسة قامت بطرد أبنائه الثلاثة "لأسباب طائفية"، وأكدت خبرة لجنة التفتيش لدى المصالح الأمنية في الرباط عدم مطابقة المناهج التربوية المعمول بها في هذه المدرسة مع تلك المطبقة في المؤسسات التربوية المغربية. فتم إثر ذلك استصدار قرار إغلاق المدرسة.

كما أغلق قسم اللغة الفارسية من كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة محمد الخامس أكدال بالرباط.

ويعزز رأي السلطات المغربية بوجود نزعة شيعية تؤطر المتهمين في قضية "عبد القادر بليرج"، فبحسب بعض المراقبين يعد اعتقال المصطفى المعتصم ومحمد المرواني أميني عامي حزبي «البديل الحضاري»، و«الأمة»، ذوي المرجعية الإسلامية، على خلفية تفكيك شبكة ارهابية تتكون من 32 عضوا، وتبوت ضلوع مراسل قناة «المنار» اللبنانية الشيعية في هذه الشبكة عن احتمالات وجود «خيط شيعي» وراء الشبكة المعلن عنها.

وقال عبد الباري الزمزمي، عضو رابطة علماء المغرب: "إن المد الشِّيعي في المغرب أخطر من التنصير" لذلك وجب اجتثاثه من جوره وسد منابعه وملاحقته ومصادرة الكتب والأشرطة المتصلة به.

وكانت حركة التوحيد والإصلاح هي الأخرى قد ثمنت الخُطوات التي تقوم بها السلطات المغربية لأنها على حد تعبيرها تهدف إلى حماية ودعم الثوابت الدينية والوطنية لبلدنا والوحدة المذهبية السُنية لمجتمعنا وضرورة معالجة مظاهر التشيع وما قد تشكِّله من مخاطر الفتنة المذهبية على المغرب".

معلوم أن بعض المظاهر المستوردة من التوجه الشيعي في المغرب، تأتي من الحب الكبير الذي يكنه المغاربة لآل البيت، حتى أن مختلف الكتب المغربية تتعاطف مع محن آل البيت، وهو ما يوفر نفسا شيعيا دون أن يكون عقائديا بالضرورة. واعتبر محمد ضريف أن ما يمكن تأكيده أن المغاربة في كثير من الأوقات ما يعلنون اعجابهم بالنموذج السياسي لحركة الخمينية وحزب الله دون أن يكون لهم انتماء عقدي، ودعا إلى عدم الخلط بين التعاطف السياسي والتوجه العقدي.

والواقع يؤكد حضور بعض مظاهر التشيع من منطلق الحب الذي يكنه المغاربة لآل البيت دون حد الانتماء العقدي، فقد امتزجت فكرة التشييع بالعديد من التقاليد والأحكام الأمازيغية التي كانت سائدة في المغرب الأقصى.

حيث يقيم المغاربة احتفالات شعبية ذات طابع شيعي في 10 من محرم من منطلق حبهم لآل أهل اليت، كمراسم عاشورا والأدعية. ففي أيام "عاشوراء" تبرز المظاهر الشيعية في المدن المغربية؛ فتتحول الأخيرة إلى شبه مناطق شيعية، حيث يحرص المغاربة على الاحتفاء بذكرى واقعة الكربلاء واغتيال الحسين بطريقتهم الخاصة.

احتفاء لا يخلو من جو جنائزي حزين تألما وحزنا لمحن آل البيت مجتمعين، وهو الاحتفاء الذي تصر عليه العديد من الأسر المغربية من خلال تنظيم موكب جنائزي حزين من الفتيات والنساء نحو أحد المقابر بدعوى دفن "بابا عيشور"، مصحوبا بنواح وبترديدات حزينة من قبيل: "عيشوري عيشوري، دليت عليك شعوري".

وتحمل "الفواكه الجافة" رفقة الجنازة، ويخترن مكانا لائقا، لدفن "بابا عيشور"، يكون في موقع مرتفع يطلق عليه "المزرارة". وتنوح الفتيات "عيشوري العزيز، في الزاوية دفنتو"، وتحيل القراءة الدلالية لهذه الطقوس المغربية الشعبية الغريبة إلى ذكرى اغتيال الحسين وطقوس عملية دفنه في اليوم الموالي لـ 11 من شهر محرم، ولذلك عد حدث طقس "بابا عيشور" في المغرب تجسيدا لسيدنا الحسين، حيث يتم الاحتفال بشهادته في كربلاء من كل سنة.

وتاريخيا في الثقافة الشعبية المغربية ظلت الطقوس الشيعية حدثا احتفاليا، ومن أبرز طقوسه زيارة المقابر، فخلال العاشر من محرم يزور المغاربة بشكل مكثف، خاصة النساء، المقابر للترحم على الموتى.

والمغرب وهو يستقبل احتفالات ذكرى عاشوراء قد دأب منذ سنوات على مجاربة بعض المظاهر الاحتفالية غير المنسجم والعرف المغربي الأصيل، كتطويق بعض المواسم التي كانت تشيع فيها بعض العادات الغربية إلى حد المنع كما هو الحال في مراقبة موسم الهادي بنعيسى بمكناس الذي كان رمزا لمممارسة الشعودة والعادات الغريبة من قبل أكل اللحم النيئ وضرب الرؤوس والجباه بأدوات حادة...

وبالرغم من بعض مظاهر التشيع المحدودة النناتجة عن حب آل البيت، يبقى المغرب كما السعودية ومصر وعلى الدوام حصنا حصينا ضد التغلغل الشيعي، وهذا بالرغم من الانبهار السياسي لبعض الإسلاميين في هذه الدول من التجربة الإيرانية.

ولعدم إعطاء التغلغل الشيعي مزيدا من الرواج داخل الأوساط الشعبية خاصة، حيث يقوم على دغدغة العواطف الدينية لدى العاممة بادرت السلطات المغربية إلى اعتماد مقاربة شمولية لمحاربة واجتثات كل ما هو متطرف ومناف للتوجه العام للملكة، ولذلك أقامت الإصلاح الديني الذي أشرف عليه الملك محمد السادس الذي شمل خصوصا المجلس العلمي الأعلى والأئمة والمساجد، إلى جانب الجاليات المغربية المقيمة في الخارج.

وذلك بإعادة تنظيم المجالس العلمية، وإحداث المجلس العلمي للجالية المغربية في أوروبا توخيا للانفتاح على خصوصيات قضاياها الدينية والثقافية والحفاظ على هويتها المغربية في مواجهة النزعات الأصولية المتطرفة". كما تم وضع معايير للعلماء للتأطير الديني منها: الإلمام بالشرع والإيمان بالعقيدة الأشعرية والالتزام بالمذهب المالكي تشريعا.

elfathifattah@yahoo.fr




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات