في عصر تساوت فيه المرأة مع الرجل علميا وعمليا .. و ربما أصبحت تتقدمه و تترأسه في كثير من ميادين العمل .. و كذلك من الناحية العلمية نجد النساء أصبحن يتحصلن على الشهادات العليا في شتى الميادين ( و هنا أحصر حديثي على من تخاف من الله و تتقيه ) .. ولا نستطيع أن ننكر أن العلم لا يرتقي بصاحبه و يرفعه .. أو ندعي جُزافا أن الشهادة العليا في الغالب لا ترتقي بعقلية صاحبها .. في هذا الصدد يستحضرني موقف حصل أمام والدي العزيز في أحد المؤتمرات الإسلامية التي يحرص دائما على حضورها .. حيث قامت إحدى المدعوات لهذا المؤتمر و سألت أحد ضيوف هذا المؤتمر وقالت له : أستاذي نحن في عصر تعلمت فيه المرأة ونالت أعلى المراتب التعليمية والوظيفية فهل ينطبق علينا قول النبي ( ناقصات عقل و دين ) هنا رد عليها الضيف قائلا : ( في عهد النبي كانت النساء ناقصات عقل ودين .. أما أنتم اليوم فلا عقل ولا دين ) !!
أريدكم فقط أن تستشفوا معي نظرة الرجل العربي " المسلم " للمرأة في أيامنا هذه سواء كانت متعلمة أم غير متعلمة من خلال هذا الموقف أعلاه و من خلال رد هذا الرجل المتعلم الداعية المثقف لهذه المرأة التي التبس عليها أمرا و كانت فقط تريد توضيحا فلم تنل منه إلا الإهانة و التصغيير أمام كل الحاضرين !!! هل فعلا الرجل في هذا الزمن يحتقر المرأة لهذه الدرجة !! و يسفه منها و من طموحاتها !! فمن الذي لا عقل له و لا دين إلا الدواب " أكرمكم الله " !! هل لو كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم بيننا سيرضى عن هذه النظرة التي يظهرها البعض و البعض الآخر من الرجال يضمرها و يبطنها لكنه يكنها للمرأة عموما !!
أما إن حسُنت نظرة الرجل الشرقي للمرأة و كُللت بأكاليل المدح والثناء و حازت هذه التعيسة على صكوك الرضا و الغفران من ذاك الرجل و من غيره من الرجال فلن تتجاوز أن تكون في نظره " متاع " و فقط .. و قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم " خير متاع الدنيا إمرأة صالحة " لا يدل بأي حال من الأحوال أن المرأة برمتها متاع و لم يخلقها الله إلا لإمتاع الرجل بل على العكس تماما .. حيث قال النبي أيضا " إنما النساء شقائق الرجال .. ما أكرمهن إلا كريم .. وما أهانهن إلا لئيم" مما يؤكد أن حصر دور المرأة على إمتاع الرجل باطل .. و إن الرجل العربي استدل بالحديث الأول ليشرع لنفسه و لغيره " احتقار المرأة " أولا .. كذلك ليحصر أدوارها فبالتالي يهيمن عليها و يُحكم القبضة عليها و على تفكيرها .. فأدوارها في هذه الحياة كثيرة ومتعددة و لا يستطيع أحد أن يحصرها فهي ذروة البيت وسنامه فإن غابت عن هذا البيت سقط هذا البيت على رؤوس أصحابه .. و هي المربية والمعلمة لبناتكم .. و هي المطببة لنسائكم .. وهي الداعية المبصرة لشاباتكم و هي وهي وهي .. المرأة يا سادة هي الأم و رفيقة الدرب والسكن و الابنة و الأخت و كذا الأخت في الله .. فلمَ هذه النظرة لها و النبي محمد صلى الله عليه وسلم يقول " خيركم خيركم لنساءه .. و أنا خيركم لنساءه " بمعنى آخر مقياس صلاح الرجل و مقياس خيريته في هذه الدنيا هو المرأة .. فإن أحسن لها كان " رجلا " و إن أساء لها كان " ...... "
ولا يستطيع أحد أن ينكر أن المرأة في زماننا تتحمل أعباء لا تتحملها الجبال ما بالنا الرجل .. وكثيرا ما نرى الرجل قابعا في البيت و المرأة هي التي تعمل و تجلب المال .. ومع كل ما أوكلت له من أعباء كالحمل والولادة وتربية الأولاد تجدها أيضا تعمل .. فهل هذه المرأة تستحق من الرجل نظرة الاحتقار هذه والازدراء التي تبناها جل الرجال في وطننا العربي !! سواء كان هذا الرجل مثقف أم غير مثقف .. ملتزم أم غير ملتزم .. لابد أن نرى هذه النظرة بين طيات الكلام وفي بعض المواقف ..
المرأة في زماننا تستحق الاحترام و التقدير .. لأنها باختصار تحملت دورها ودور غيرها .. و من ينكر ذلك فكأنه يعترف بشكل ضمني أنه أثقل من حوله من النساء بأدواره و ألقى عليهن مسؤوليات كثيرة و بعد ذلك احتقرهن لكي يحافظ على نظرته الشرقية لذاته .. فبدلا من أن يقوم بأدواره في الحياة كي يحصل على التقدير الذاتي و تقدير من حوله .. استمر في إلقاء كل شيء على هذه المرأة المسكينة و بعد ذلك احتقرها كي لا يشعر أنها أفضل منه .. و لا أقول إلا كما يقول إخواننا في الشام " يا حيف عالرجال " .. أطيب المنى ..
التعليقات (0)