جدلية الإثنيات والحقوق القومية للشعوب غير الفارسية في إيران أخذت منعطفاً تأريخياً جديداً في العقود الماضية فصار محتّماً على أي شخص يريد أن يصبح رئيساً أو صاحب منصب رفيع في إيران أن يتطرّق لقضايا الشعبو غير الفارسية وحقوقها المنصوص عليها في الدستور الإيراني .
فرغم أنّ الكثير من القادة الإيرانيين يستغلّون ورقة الشعوب والإثنيات خدمة لمصالحهم الشخصية أو مصالح النظام العليا إلا أنّ هذا التطوّر في مسألة الشعوب يعتبر قفزة نوعيّة وتطوّراً إيجابياً يخدم قضية هذه الشريحة الواسعة التي تشكل معظم السكّان في إيران. فبعدما كانت الشعوب مهمّشة ومكبوتة في السابق صارت اليوم تشكل ورقة ضغط على النظام الإيراني داخلياً بسبب موقعها الإستراتيجي و واستخدام وسائل الإتصال الحديثة لإيصال صوتها للخارج وخارجيّاً بسبب المطالب الدولية ضد نظام الملالي في إيران بغية تخفيف الضغوط على النشاطات السلمية التي يمارسها الناشطون في أقاليم مثل الأحواز وبلوشستان وكردستان و أذربيجان. فخطاب الرئيس الإيراني حسن روحاني ، الأخير في إقليم بلوشستان الذي يشهد توتراً أمنيّاً متجذّراً أرّق نظام طهران، حول مسألة عدم قمع الحقوق الإثنية للشعوب غير فارسية وعدم وجود مواطنون من الدرجة الثانية فيه الكثير من المغالطات وتجنٍّ على الحقائق.
تقديم صورة احصائية سريعة حول المناصب الحكومية الحساسة التي يتولّاها مسؤولون من الشعوب غير الفارسية في الحكومة المركزية وحتى في الأقاليم والتي تكاد تكون منعدمة . تدحض مدّعى عدم وجود مواطنين من الدرجة الثانية في إيران.فعلى سبيل المثال عدم منح البلوش وهم مواطنون سنّة و عرب الأحواز و عرب السّاحل والأكراد ، مناصب رفيعة في الجيش والمؤسسات الأمنية و الوزارات لمسؤولين تكنوقراط ينتمون لتلك المناطق ، مناصب رفيعة في المحافظات مثل محافظ أو رئيس شركة نفط أو مسؤول أمني يشير الى معاملة الشعوب غير الفارسية معاملة وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية. ناهيك عن التمييز بالحقوق والواجبات و الإفراط بالقبضة الأمنية في تلك المناطق بالمقارنة مع مناطق إيران الأخرى .وبعيداً عن تعطيل المواد والبنود المنصوص عليها في الدستور الإيراني والتي تتضمّن بصراحة بليغة حقوق الشعوب في التعليم والمساواة و الواجبات فتعطيل تلك البنود بحد ذاته تمييزاً بين المواطنين ووضعهم ضمن دائرة الدرجات.
إنّ الحديث عن عدم وجود درجات بين المواطنين لا يمكن إحصائه فقط من خلال النظر للمواد التشريعية أو الدستور المنصوص عليه في البلد والذي قد لا يتضمّن تمييزاً بين المواطنين من الناحية الإملائية لكن الرجوع الى صلب المجتمع ومعاينة القضايا والمسائل التي يعاني منها المواطنون تعكس واقعهم ويمكن لأي شخص ذا بصيرة أن يرى بأمّ عينه الفروقات و الدرجات بين المواطنين تبعاً لأماكن سكناهم و المناصب التي يتولّاها هؤلاء أو حتى معاملتهم إثنيّاً وعرقيّاً وثقافياً وإجتماعيّاً. فيا سيادة الرئيس لديكم مواطنون من الدرجة الأولى وهم يعيشون في مناطق ثرية من المدن الفارسية الكبرى و لديكم مواطنون من الدرجة الثانية وهم سكان المناطق الأصغر و لديكم مواطنون من الدرجة الثالثة وهم مواطنون من مختلف الشعوب والإثنيات غير الفارسية فالحديث عن عدم وجود طبقات ودرجات في إيران فرية يراد منها حرف الأنظار عن الإجحاف الذي يعاني منه المواطن العادي للشعوب غير الفارسية في إيران فأعيدو النظر في خطابكم حتى تصبحو أكثر إتزاناً و انصافاً.
التعليقات (0)