غزة - دنيا الوطن
أطلّت منذ 4 أيام، ذكرى استشهاد المجاهد الفلسطيني "عماد عقل"، والذي واجه الاحتلال الصهيوني في بداية التسعينيات، واستطاع أن يحوّل غزة مع رفاقه، إلى جحيم حقيقي أرعب جنود الاحتلال، فوصل بهم الحال ليقولوا لبعضهم لحظات الغضب والنزاع اذهب إلى غزة أيّ "اذهب للجحيم".
وكان شكل "عقل" مجهولاً للجنود الصهاينة، إذ لطالما تساءلوا عن أوصافه، حيث كان يمر بينهم وعن حواجزهم دون أن يظفروا به، فلم يكن يسمح على الإطلاق بأن تلتقط له صور، وعلى عكس مطلوبين عاديدين، حرص "عماد" على عدم الظهور علنًا.
وعُرف الشهيد القائد بخفة حركته وسرعة بديهته وخبرته العسكرية التي أذهلت القادة العسكريين الصهاينة، وجعلتهم يعدونه أخطر مطاردي الضفة الغربية وقطاع غزة، حتى أطلقوا عليه اسم (المطارد ذي الأرواح السبعة)، وذلك لتمكنه من الإفلات من قبضة جيش الاحتلال أكثر من سبع مرات، رغم وجود عشرات الحواجز العسكرية في الطرقات ووجود صورة الشهيد لدى الجنود والضباط الصهاينة.
وشارك "عقل" في تأسيس كتائب الشهيد عز الدين القسام، واستطاع أن ينفذ عشرات العمليات العسكرية، فقتل أكثر من (15) جندياً صهيونيًا وأصاب العشرات من جنود الاحتلال، في ذلك الوقت اعتُبر قطاع غزة كابوساً بالنسبة للصهاينة يجب التخلص منه بأيّ ثمن، وقال رابين بعد إحدى عمليات الشهيد قولته المشهورة "أتمنى لو أستيقظ من نومي فأجد غزة وقد ابتلعها البحر".
وساد ارتياح كبير في الأوساط السياسية والأمنية والعسكرية الصهيونية عقب عملية استشهاد القائد البطل "عماد عقل" في حي الشجاعية، وأعرب مسؤولين صهاينة عن سعادتهم لمصرع المطارد الذي يصنف لدى دوائر الاستخبارات الصهيونية والجيش كأخطر مطلوب فلسطيني.
وجاءت ردة الفعل الصهيونية هذه على مقتل "عقل" على اعتبار أنه "دوّخ الصهاينة وأرعبهم"، حيث قال رابين إنّ: "مقتل عماد عقل يمثل إنجازًا مؤثرًا وهامًا في الحرب ضد (الإرهاب)"، وقال أحد قادة "الشاباك" وقتها: "إن مطاردة عقل كانت من العمليات الصعبة والمعقدة والمحبطة في تاريخ عمليات المطاردة التي قام بها جهاز الأمن الصهيوني "الشاباك" منذ تأسيسه".
فيما قال أحد ضباط القيادة في رئاسة أركان الجيش الصهيوني: "كان من أخطر المطلوبين الذين عملوا في قطاع غزة، رجل ميداني بارع لم يخش شيئًا… كان من الخطورة بمكان الاصطدام به ليلاً".
وما ميز "عماد عقل" إضافة إلى إيمانه العميق بحقه وقضيته، جرأته في تنفيذ العمليات، فقد كان يطلق الرصاص على بعد أمتار قليلة من سيارات الصهاينة وآلياتهم المدججة، كما أنه برع في حرب العصابات والكمائن والتخفي والتمويه ومفاجأة الخصم، وخفة حركته ومواصلته الدائمة بحثاً عن جنود الاحتلال.
وبقي الشهيد القائد يعمل على خداع الجنود الصهاينة وضباط الاستخبارات الذين يلاحقونه ويتابعون تحركاته بالتنقل داخل قطاع غزة وبين القطاع وجبال الخليل متنكرًا في صور مختلفة، حتى إنه كان أحيانًا يلبس لباسًا أشبه ما يكون بلباس اليهودي أو (المستوطن) المتدين بطاقيته المميزة، ويستخدم سيارات تحمل لوحات تسجيل صهيونية صفراء للمرور بين الحواجز العسكرية دونما تفتيش ولا مساءلة.
وأصبح "عقل" كالشبح يطاردهم فيقتل ويصيب منهم في غزة ورفح وجباليا، فتحوّل القطاع إلى فخ كبير يقع فيه الصهاينة بشكل متسارع ومستمر فأصبح الشاب "عماد" أسطورة ورمزاً فلسطينيًا يتغلغل في الوجدان الفلسطيني.
التعليقات (0)