بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته .
إذا في نهاية ما ذكرناه سابقا وصلنا إلى أمرين خطيرين ؛ توجد فرقتين كبيرتين جدا تدافعان عن حق إقامة وطن قومي لليهود في داخل فلسطين، هاتان الفرقتان في الظاهر ليسوا يهودا لكن في الباطن من اليهود ..
الفرقة الأولى : هي فرقة المسلمين الذين في ظاهرهم إسلام و في باطنهم يهود في داخل الدولة العثمانية وهم من عرفوا بيهود الدّوْنمة كان مكانهم في اليونان لكن انتشروا و ظهرت أفكارهم في أماكن عدة بل منهم من هاجر إلى فلسطين ووصل عددهم هناك إلى حوالي خمسة آلاف يهودي عاشوا على أرض فلسطين وكانوا يطالبون بإقامة وطن قومي لليهود ..
الفرقة الثانية الكبرى هي طائفة البروتستانت في أروبا الذين يدْعون إلى إقامة وطن قومي لليهود في أرض فلسطين لكن هؤلاء جوبهوا بمحاربة شديدة من الكاثوليك يزعمه البابا ومن ورائه فرسنا .. هاجروا إلى إنجلترا استقبلتهم إستقبالا حافلا لأن زعيمها أصبح يعتنق المذهب البروتستانتي وبذلك فتح الباب للبروتستانت ولليهود ليسكنوا في انجلترا و من هنا كانت الكثافة العددية الكبيرة لليهود وللبروتستانت .. وقد وقفت هذه الأخيرة مع المشروع اليهودي وزرعت اليهود على أرض فلسطين وضحّت و دفعت و مدت اليهود بالسلاح ..
حصل تطور كبير وخطير في القرن الـ 16 الميلادي و الذي أدى بعد ذلك إلى تغيير في الخريطة السياسية في العالم .
هذا التطور كان في ظهور أمريكا وجد حينها البروتستانت الذين يعانون من الاضطهاد في فرنسا و إيطاليا وفي غيرها في أوربا منفسا .. نعم ، كانت انجلترا أحد المتنفسات التي كانت للبروتستانت لكن أمريكا كانت بلد جديدة و واسعة و واعدة ... وما إلى ذلك من أمور ، فتوجهت إليها هذه الطائفة من أوروبا لهذا فإن معظم الأمريكيين بروتستانت إلى الآن يمثلون حوالي 60 في المائة من النصارى داخلها و الكاثوليك 30 في المائة و 10 في المائة تمثل طوائف مختلفة والبروتستانت يمثلون عماد النصارى في أمريكا و هم من ذهبوا هناك و في تفكيرهم إنشاء وطن قومي لليهود في أرض فلسطين زعما منهم لنزول المسيح عليه السلام وهذا معتقد الشعب الأمريكي وبالذات المتدينين الذي يعتقدون أنه لن يروا و لن ينزل المسيح عليه السلام إلا إذا أقيم وطن قومي لليهود في أرض فلسطين بل إنهم يروا ان اليهود شعب مقدس عكس الكاثوليك و الأرثودوكس كما رأينا من قبل .
إذا هناك دولتين كبيرتين جدا في العالم تدافعان عن حقوق اليهود وهي انجلترا و أمريكا وهذا يفسر لنا مراحل كثيرة جدا مرت بنا في التاريخ الإسلامي و مازلنا نمر بها ولعلنا نمر بها في فترات طويلة قادمة لأن هذه معتقدات شعوب و معتقدات رجال كنيسة و معتقدات سياسيين وإعلاميين وليست مجرد فكرة شخص واحد وليست مجرد دفع من اليهود الذين يسكنون في هذه البلاد ، وفي نفس الوقت فتحت أمريكا أبوابها لليهود الذي يعلنون دينهم صراحة ولا يتخفون في زي البروتستانت أو في زي الإسلام .. وقد هاجر عدد كبير من هؤلاء اليهود من أوروبا ومن كل بلاد العالم إلى أمريكا .
بدأ يهود الدّوْنمة يتغلغلوا في داخل النظام العثماني مع ضعف هذه الأخيرة بدأت تعطي الصلاحيات للمماليك الأوربية التي كانت من ألد أعدائها .
الدولة العثمانية كانت تحارب في زمن قوتها أكثر من جبهة ؛كانت تحارب الروس في الجبهة الشرقية و تحارب في الجبهة الغربية النمسا وألمانيا وفرنسا و إنجلترا وكانت تحارب في الجبهة الجنوبية في خليج عدن البرتغاليين الذين كانت أساطيلهم تجوب العالم أجمع فكل هؤلاء أورثوا كراهية شديدة جدا بين المماليك الأوربية المختلفة و بين الدولة العثمانية .
في زمن ضعف الدولة العثمانية أعطت امتيازات كبيرة جدا للأوربيين للأسف الشديد تغلغلوا في داخل الخلافة فأصبح لديهم قناصل في الشام و مصر و في كل مكان تحكمه الدولة العثمانية ، هذه القناصل لم تكن مجرد سفارات تؤدي نوع من الرسائل بين الخلافة و بين دول أخرى ولكن كان هؤلاء السفراء جيوبا خطيرة جدا وكانوا يملون آراءهم على الدولة العثمانية و يفرضون تغييرا في حركة وخط تسييرها و هذا لضعف هذه الأخيرة ، و اعتبر هؤلاء القناصل أنهم وسطاء أوفياء على حقوق النصارى في داخل الدولة كنصارى الأورثدكس و الكاثوليك وغيرهم و فوق هذا اعتبر الانجليز أنهم أمناء على حقوق اليهود في داخل الدولة العثمانية مثال على ذلك أنشأت قنصلية لبريطانيا داخل القدس واول رسالة أرستلها انجلترا إلى تلك القنصلية ان ترعى حقوق الطوائف اليهودية في داخل فلسطين طبعا هذا من منطلق عقدي لأن معظم الانجليز بروتستانت ومن تم فرعاية حقوق اليهود في أرض فلسطين مطمح لا بديل عنه في عقيدتهم .
فرنسا في ذلك الوقت كانت في موقف مختلف فهي على المذهب الكاثوليكي و الكاثوليك يكرهون اليهود كراهية شديدة جدا وهي لم تكن تؤيد الحقوق اليهودية و لكن حصل تطور مذهل في سنة 1789ميلادية وهو قيام الثورة الفرنسية وقد قامت على الملكية و كسرت كل شيء وسجنت أشخاص كثيرين وقتلت الكثير ؛ كانت ثورة دموية بكل المقاييس وقامت بأفكار عدة غيرت كثيرا من خرائط العالم كله
من أولها فكرة القومية يعني الاعتزاز بالجنسية و الأصل ولا تهتم بالدين إذا هذا هو أول معتقد وهو الاعتزاز بالفرنسيين وصدّرت هذا المعتقد إلى كل بلاد العالم بحيث تنظر هذه الأخيرة إلى الثورة الفرنسية على أنها محور رئيسي جدا من محاور التغيير ولكن لما صدّرت هذه الأفكار إلى الدولة العثمانية حصل مشكل كبير جدا بحيث بدأت تدخل فكرة القومية أن هناك أتراك و هناك عرب و العرب أنفسهم قسمتهم إلى شاميين و فلسطينيين ومصريين ...
الفكرة الثانية التي قامت عليها الثورة الفرنسية كانت كذلك واضحة جدا فكرة العلمانية يعني أحكم الدولة بأي دين.. و الفكر العلماني لم يكن في أوربا بل كانت كلها كاثوليكية صرفة وبعض الأجزاء فيها بروتستانت إذا رفض الدين و ترك الدين و الخروج عن الكنيسة فكرة انتشرت في الثورة الفرنسية.
لكن هناك فكرة ثالثة غريبة جدا أن تكون مع فكرة العلمانية وهي اعتناق الثورة الفرنسية للمذهب البروتستانتي فأرادت أن تأخذ الناس جميعا إلى خلاف ما كانوا عليه كنوع من الثورة على المعتقدات القديمة أيا كانت معتقدات ملكية ومعتقدات كنيسة حتى معتقدات كاثوليكية دينية ، طبعا هذا الكلام مؤقت لأن فرنسا عادت للمذهب الكاثوليكي لكن في بداية الثورة كانت تعتنق المذهب البروتستانتي و تبنته وبدأت تدعو إليه هنا و هناك مع أنها دولة علمانية ، نتج عن هذا الأمر أنها بدأت تطلب من القناصل الفرنسية المتواجدة داخل الدولة العثمانية أن يرعَوا حقوق اليهود وبدأوا يطالبون بإقامة وطن قومي لهم في أرض فلسطين طمعا في نزول المسيح عليه السلام كما تنص على ذلك العقيدة البروتستانتية ، هذا الوضع المعكوس بدأ يحزب العالم الغربي كله لصالح اليهود وبدأنا نرى دفاعا عن حقوق اليهود في كل مكان و مطالبة للمسلمين بإقامة وطن قومي لهم داخل أرض فلسطين و كما سبق الذكر أن فلسطين كان يعيش فيها 5000 يهودي .
هذه المشاريع كانت في منتهى الخطورة لدرجة أن نابليون بونابرت عندما دخل مصر و اتجه إلى الشام كان في نيته المشروع اليهودي ..
ما هي مخططات نابليون بونابرت وكيف كانت شخصيته الحقيقية ؟
كل هذا و غيره نراه وإياكم من خلال موضوعنا القادم بمشيئة الله تابعونا و لكم كل الفضل
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
التعليقات (0)