مواضيع اليوم

كيف حفظت أمي القرآن الكريم

رشيد أجمل

2009-05-18 08:29:33

0

عجوز بسيطة جداً، ليست إلا من العواتق ربات الخدور، لا تعرف في دنيانا شيئاً أكثر مما تعرف بيتها وحقه، وخدرها ومصلاها وزوجها، إنها أمي الحبيبة، لن أتحدث عن فضلها وصلاحها فهي على خير أحسبها كذلك ولا أزكيها على الله، من ذلك الجيل القديم المبارك، أسأل الله أن يمن عليها وعلينا جميعاً بديمومة هدايته ومزيد تثبيته.
لم تبدأ أمي في حفظ القرآن إلا بعد الأربعين بأعوامٍ عدة، لم تتفرغ له تماماً ولكن: حفظت أولاً ما يلزم كل مسلمٍ لتصح عبادته، ثم ثنت بحفظ السور من ذوات الفضل المرتب كالكهف والملك وأجزاء من البقرة وغيرها، ثم أكدت على السور السهلة لتوحد فواصلها والتي ألفتها الأذن بكثرة السماع كـ(يس) ومريم والفرقان وطه وغيرها. ثم بدأت تسد ما بين هذه المحفوظات من غير المحفوظ، فتحفظ ما تيسر في وقت فراغها من شغل بيتها، لكن كانت لها عادة حسنة طيبة، وذلك أنها كانت لا تفوتها النوافل الرواتب ولا الضحى، وكانت قد رتبت تلاوتها في النوافل بعد الفرائض أن تكون مسلسلة بما تحفظ، تبدأ من أول المصحف مما تحفظ حتى تختم مما تحفظ كذلك، وكلما حفظت جديداً أدرجته فيما تقرأ به في الصلوات كلها، ومرت السنون على ذلك حتى ختمت القرآن الكريم بعد الخمسين بسنوات عدة. أما حفظها ودقته، فحدث ولا حرج، فيومَ أن ختمت كانت من أحفظ من رأيت، فكيف بها اليوم إلا أن تكون متقنةً تختم حالةً مرتحلةً بلا عناء، أسأل الله جل وعلا أن يختم لها ولنا بخاتمة الإحسان والسعادة أجمعين، آمين.
إن البيت حين يصطبغ بالقرآن ويعيش بالقرآن، لا يعدم أن يكون فيه حافظ واثنان وثلاثة، حتى وإن ضاقت الأحوال وتفرقت بأهله هموم الدنيا، أقول: حتى ولو بعد الأربعين! نعم فقد كان جدي لأمي رحمه الله يحفظ القرآن بالسبعة من طريق الشاطبية، وكان قبله جد أمي لأمها يقرئ أهل بلدته اسطنها -من أعمال الباجور بالمنوفية من أرض الكنانة– عليهم جميعاً نسمات الرحمة.



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !