كيف تهـربون من مَـلَـك الـمـوت ..؟!
حين يصدق الإنسان الخرافات والأكاذيب ، ثم يقدسها لدرجة خطيرة فتصبح جزء من الدين يدافع عنه فتتوارثه الأجيال ، وبمرور الزمن تصبح هذه الخرافات والأكاذيب دينا ينافس دين الله جل وعلا ، بل إن معظم المسلمين قد استغنوا عن دين الله جل وعلا (القرآن الكريم) وصدّقوا وقدّسوا هذه الخرافات والأكاذيب لدرجة اتهام أي إنسان بالكفر حين يحاول نقد هذه الخرافات وعرضها على كلام الله في القرآن..
توارث المسلمون في الريف المصري خرافة تتعلق بالموت وهي أنه حين يرون ويسمعون كلبا يعوي ليلا أمام أحد البيوت فإن هذا نذير شؤم معناه وفاة أحد سكان هذا البيت في نفس الليلة ، وتفسير هذا أنهم يعتقدون أن الكلب يستطيع رؤية ملك الموت ، كما يعتقدون أيضا أن الحمار يرى الشيطان حين ينهق ، وبكل صراحة لا أدري من منهم تعلم لغة الحمير ولغة الكلاب وقد قام بسؤالهما وعرف منهما الإجابة أن الكلب يعوى حين يرى ملك الموت والحمار ينهق حين يرى الشيطان ، ولا داعى لإقحام الرسول في الأمر وتلفيق هذه الأقاويل والأكاذيب له لأنه اعترف في القرآن الكريم أنه لا يعلم الغيب وهذه قضية محسومة لا جدال فيها ، والرسول الوحيد الذي تحدث عنه القرآن أنه أُعطى معجزة فهم منطق بعض المخلوقات الأخرى غير الإنسان هو نبي الله سليمان ولم يبين القرآن أن من ضمنها الكلب والحمار..
وحين نحاول بهدوء شديد الدخول في صلب الموضوع الذي تأسس على حديث في الصحيحين يقول : (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة ، وفي رواية للبخاري " ولا صورة تماثيل " ، وفي رواية مسلم "ولا تماثيل " ) ، وفي حديث آخر يقول ( لا تصحب الملائكة رفقة فيه كلب أو جرس .. رواه مسلم) إذن أي بيت يقوم أهله بتربية كلب أو تعليق صورة أو يزينون بيوتهم ببعض التماثيل فإن الملائكة لا تدخل بيوتهم ، هذا ما فهمته بوضوح من الحديث الأول ، وفي الحديث الثاني إضافة أخرى تخص الجرس أو الموسيقى وحسب شرح الحديث (للإمام النووي) يقولون: إن النغمات الموسيقية في الجوّال تمنع صحبة الملائكة.
الرد على هذه الأحاديث من خلال القصص القرآني
حين نصدق أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب أو صورة أو تمثال و أن الملائكة لا تصحب رفقة فيها كلب ولا جرس (موسيقى) فإن معنى هذا أنه من السهل جدا على أي إنسان أن يهرب من ملك الموت وذلك بتربية كلب في البيت أو تعليق صورة أو وضع تمثال أو تشغيل موسيقى ، ولأن ملك الموت ضمن الملائكة الكلمة التي ذكرت في الحديث معرفة بـ (الـ ) التعريف وهذا معناه أنها تعني جميع الملائكة ، وهذا يختلف مع شرحهم للحديثين الذي يدّعون فيه أن الحديثين يقصدان ملائكة الرحمة فقط دون غيرهم ، وهنا سؤال مهم :كيف يدخل ملك الموت ليقبض الأنفس في البيوت التي يقوم أهلها بتربية الكلاب أو تعليق الصور والتماثيل أو تشغيل نغمات موسيقية .؟
هم يدّعون أن الكلب نجس وعينه نجسه ولا يرى إلا الشيطان أو وصفوه بأنه شيطان ورائحته قبيحة والملائكة تكره الرائحة القبيحة ، هكذا وصفوا الكلب في شرح النووي للحديث الأول.
وحين نحتكم للقرآن الكريم والقصص القرآني العظيم في قصة أصحاب الكهف نتأكد أنهم كاذبون وجهلة لأنهم هجروا كلام الله جل وعلا ، وكذلك نعلم جميعا أن أصحاب الكهف كانوا ينامون داخل الكهف وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد أي عتبة الكهف أو بابه ، ويقول ربنا جل وعلا عن هؤلاء الفتية الذين آمنوا بربهم فزادهم هدى (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)حين يقول ربنا جل وعلا (وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ) نفهم من هذا أن ربنا جل وعلا أوحى لملائكته للقيام بهذه المهمة ومن المستحيل أن يفعل هذا ربنا جل وعلا مباشرة تعالى الله علوا كبيرا عن ذلك ، إذن كيف دخلت الملائكة لهؤلاء الفتية النائمون لتنفيذ أمر الله جل وعلا فيهم (وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ)كيف دخلت الملائكة والكلب باسط ذراعيه على باب أو عتبة الكهف.؟ أعتقد أن هذا النوع من الملائكة يمكن أن نسميه ملائكة الرحمة لأن تقليب النائمين بهذه الطريقة مسألة مهمة تحفظ أجسادهم من التحلل ، في حين أن علماء الحديث يدّعون أن الحديث يخص عدم دخول ملائكة الرحمة لأي مكنا فيه كلب..
هل يعقل أن يعاقب الله جل وعلا هؤلاء الفتية الذين آمنوا بربهم وهربوا ونجوا بأنفسهم من بطش الحاكم والمحكوم بأن يجعل لهم كائن نجس وعينه نجسه لا ترى إلا الشيطان ــ حسب زعم من شرحوا الحديث ــ ويمنع دخول الملائكة عليهم في كهفهم .؟ ، هؤلاء الفتية حين ناموا أي ماتوا موتا مصغرا من المؤكد أن ملك الموت دخل عليهم وقبض نفوسهم ، كذلك حين بعثهم الله جل وعلا مرة أخرى من المؤكد أن ملكا آخر نفذ أمر الله جل وعلا بأن نفخ فيهم فأعاد إليهم نفوسهم مرة أخرى ، كيف دخل الملكان على الفتية والكلب نائم على باب الكهف..؟
ونفس الأمر كيف يدخل ملك الموت ويقبض أنفس الناس في البيوت والعمارات والقصور والفيلات أو حتى في الشوارع ووسائل المواصلات ، التي قد يقوم سكانها بتربية الكلاب أو اصطحابها معهم في الشوارع والمتنزهات ، كذلك الأمر كيف يقبض ملك الموت أنفس الناس الذين يعلقون صور وتماثيل في بيوتهم ، أو يشغلون الموسيقى والأجراس ليل نهار ، هذه كلها أسئلة لن يجيب عليها أحد لأنها تثبت وتؤكد كذب الادعاء وجهل المدعى بكتاب الله ، ولأنهم هجروا هذا القرآن فغاب عنهم وعن عقولهم وأفكارهم أن الملائكة تعيش في مستوى أرقى وأعلى وأسرع من المستوى المادى الذي يعيش فيه الإنسان وبقية الحيوانات.
التعليقات (0)