ضرب الدولة وتفسخها يبدأ من هدم الأسرة وتفيتيها. فالدولة عبارة ، أو قائمة على مجتمع يفترض أنه تماسكه وصلابته من تماسك الدولة وصلابتها .
وبما أن الأسرة هى النواة الأولى للمجتمع ومن ثم الدولة فإن أي تغير فيها سواء كان سلبا أو إيجابا ، يترجم في نهاية المطاف ، كما ينعكس على الدولة ذاتها ، سلبا أو إيجابا ..!
ومن هنا ، وفي هذه الحقبة الشديدة الكئابة التى تحياها مصر ، لنا أن نسأل أنفسنا ؛ هل توجد أسرة في مصر بأسرها ليس من بين أبنائها أبن محبوس أو مقتول أو مغدور به أو معتقل سياسي ، أو مختفي قسريا ، ويتم تكدير حياته منهجيا ومخابرتيا ، أو ملاحق أمنيا ، أو حتى أبن مكسور نتيجة لتدني أو حتى انعدام فرص العمل ، ومن ثم فرص الحياة في مصر بصفة عامة ــ إلا فقط من أبناء أركان من يظن الحاكم انهم اساس بقاء الحكم أو بقاءه هو ذاته في الحكم ؛ وهم كل من القضاء والشرطة والقوات المسلحة ..؟!
فهب أن كل فئات المجتمع الأخرى لم يعد لهم وجود في مصر ولم يبقى فقط إلا القضاء والشرطة والقوات المسلحة ؛ فمن سيعالجهم ، ومن سيعلم أبنائهم ، ومن سيزرع لهم الطعام وسيربي لهم البهائم التى سيلتهمون لحومها ، ومن سيرصف لهم الطرق ، ومن سينظف لهم نفس الطرق ، ومن سيبنى لهم ولأبنائهم من بعدهم الدور التى سوف يقيمون فيها ، ومن سيقلهم بعدئذ بالطائرة أو الحافلة ، ومن ..ومن ..؟!
ومن يريد أن يقفذ من فوق كل تلك الحقائق الساطعة سطوع الشمس ، فهو واحد من إثنين ؛ فإما انه يعاني من قصور عقلي ــ ومن ثم تخلف ..! ــ مزمن ، أو انه بالفعل عميل وخائن ينفذ خطة تخريب مصر وخرابها ، وتدمير شعبها بكل دقة و حرفية ، ومدعوما من حلفائه من قوى امبراطورية استعمارية وصهيونية ، وهي وحدها في حقيقة الأمر من تبقيه رئيسا متوجا ومتسلطا ومؤذيا لشعبه ، كما تسكت على كافة انتهاكاته من قتل خارج القانون واختفاء قسري ، والخروج حتى على دستور البلاد ــ أو بالأحرى دستور الانقلاب ..! ــ والذي خطه بيده..!
التعليقات (0)