ثلاث محاور تجعل القضية الفلسطينية بؤرة اهتمام العرب والمسلمين اول هذه المحاور ان ارض فلسطين مقدسه ومباركة لذلك تجدها تحتل مكانه في قلوب العرب والمسلمين، اما المحور الثاني فهو طبيعة العدو المحتل الاسرائيلي فهو عدو تاريخي ذو خلفية عقائدية، اما المحور الثالث فهو هدف التحالف الغربي-الصهيوني الذي يهدف بالاساس الى تشرذم وتمزيق الامه العربية والاسلامية واضعافها لتكون تابعة وتدور في فلك القوى الكبرى .
القضية الفلسطينية لم تكن يوماَ من الايام وعلى مر التاريخ قضية الفلسطينيين وحدهم انما هي قضية كل العرب والمسلمين على حد السواء ذلك لأن غرس الكيان اليهودي- الصهيوني على ارض فلسطين لم يكن الا الخط المتقدم لتنفيذ البرنامج الغربي- الصهيوني الذي يستهدف الامه العربية والاسلامية وكذلك يستهدف الاستقرار العالمي لزعزعة الاستقرار في عالم ينادون فيه بالسلام العالمي وحقوق الانسان ومباديء الديمقراطية ،ان الهدف كل الهدف لدى هذا التحالف هو الحيلولة دون التقاء جناحي العالم الاسلامي حيث تعتبر فلسطين نقطة التقاء هذين الجناحين فهي نقطة الوصل بين اسيا وافريقيا .
فلسطين ارض الأسراء حيث اختار الله جل في علاه المسجد الاقصى ليكون مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى ومنه قد عرج عليه الصلاة والسلام الى السماء حيث كان قاب قوسين او ادنى من رب العزة ،فهي ارض تتجه اليها انظار العرب والمسلمين شاخصه في انتظار يوم تحرير ارض فلسطين من براثن العدو المغتصب، تجدر الإشارة هنا إلى أن يهود هذا الزمان يبنون احتلالهم لفلسطين على مزاعم دينية وتاريخية، فيدّعون أن الله سبحانه وعدهم هذه الأرض، ويشيرون إلى ارتباطهم التاريخي بها بحكمهم إياها ، وبتواجدهم على أرضها، وارتباطهم النفسي والروحي بها، وقدسيتها عندهم. ونحن نؤمن أن لليهود حريتهم الدينية، وليس من حق أحد أن يكرههم على تغيير عقائدهم، ولكن ليس من حقهم أن يلزموا الآخرين بعقيدتهم. كما أنه ليس من حقهم أن يشردوا شعباً من دياره ويغتصبوا أرضه وأملاكه ومقدساته تحت دعاواهم الدينية، أما المسلمون فلا يرون لليهود حقاً في هذه الأرض، فمن ناحية دينية، فإن هذه الأرض أعطيت لبني إسرائيل عندما رفعوا راية التوحيد واستقاموا عليها، تحت قيادة رسلهم وصالحيهم ولكنهم انحرفوا وبدّلوا وقتلوا أنبياءهم، وعاثوا في الأرض فساداً بعد ذلك، ففقدوا تلك الشرعية.
والمسلمون يؤمنون أنهم الورثة الحقيقيون لراية التوحيد، وأنهم الامتداد الحقيقي الوحيد لأمة التوحيد ودعوة الرسل، وأن دعوة الإسلام هي امتداد واستمرار لدعوة إبراهيم وإسحق ويعقوب وإسماعيل وموسى وداود وسليمان وعيسى عليهم السلام. فالمسلمون الآن هم أحق الناس بهذا الميراث بعد أن انحرف الآخرون. والمسألة غير مرتبطة بالجنس والنسل والقومية، وإنما مرتبطة باتباع المنهج، وعلى هذا فنحن المسلمين نؤمن أن رصيد الأنبياء هو رصيدنا، وتجربتهم هي تجربتنا، وتاريخهم هو تاريخنا، والشرعية التي أعطاها الله للأنبياء واتباعهم في حكم الأرض المقدسة هي دلالة على شرعيتنا وحقنا في هذه الأرض وحكمها. قال تعالى: "ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين. إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين".فَقَدَ اليهود صلتهم بفلسطين عملياً حوالي ألف وثمانمائة عام، ولم يكن لديهم سوى العاطفة الدينية التي رفض أحبارهم وحاخاماتهم وقادتهم تحويلها إلى برنامج عملي؛ لأنهم كانوا يؤمنون أنهم استحقوا تدمير دولتهم وشتاتهم بسبب خطاياهم، وأن عليهم انتظار المسيح المخلِّص الخاص بهم "الماشيح" أو "المسيا"، وعند ذلك يجوز لهم الاستقرار في فلسطين وإقامة كيانهم.
على أن عدداً من التغيرات الهامة حدثت في التاريخ الأوربي الحديث، انعكست بدورها على اليهود وإنشاء المشروع الصهيوني ، فمنذ القرن السادس عشر الميلادي ظهرت حركة الإصلاح الديني "الحركة البروتستانتية" التي ركزَّت على الإيمان بالعهد القديم "التوراة"، ونظرت لليهود وفق رؤية توراتية بأنهم "أهل فلسطين" المشردين في الأرض، وآمنت بأن اليهود سيُجمعون من جديد في فلسطين لعودة المسيح المنتظر الذي سيقوم بتنصيرهم، ليبدأ بعد ذلك عهد يمتد ألف سنة من السعادة. وقد شكل أتباع الكنائس البروتستانتية أغلبية سكان بريطانيا والولايات المتحدة وهولندا ونحو نصف سكان ألمانيا، وهكذا ظهرت "الصهيونية غير اليهودية" خصوصاً وسط هؤلاء البروتستانت الذين دعموا المشروع الصهيوني بناء على خلفية دينية ومن جهة أخرى فإن أوربا ـ خصوصاً في القرن التاسع عشر ـ شهدت تحولات سياسية هامة، فمنذ الثورة الفرنسية على الحكم الملكي سنة 1789 م أخذت تتشكل الدولة الأوربية الحديثة، وانتشرت الفكرة القومية والمشاعر الوطنية، وتم إنشاء أنظمة علمانية فصلت الدين عن الدولة وهمّشت دور الكنيسة. وتم "تحرير" اليهود، وإعطاؤهم كافة حقوق المواطنة، خصوصاً في أوربا الغربية، مما سهل على اليهود اختراق هذه المجتمعات والأنظمة، والارتقاء بمكانتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق مستويات أعلى من النفوذ في دوائر السياسة والاقتصاد والإعلام.
وفي المقابل فإن الدولة القومية والمشاعر الوطنية في روسيا وأوربا الشرقية قد أخذت منحى آخر، حيث كان يتواجد غالبية يهود العالم. إذ قاوم يهود روسيا عمليات الدمج والتحديث الروسية، التي تميزت بالفوقية والقسر والإرهاب. وزادت مشاركة الكثير من اليهود في الحركات الثورية اليسارية من عداء الحكومة القيصرية الروسية لهم، وانفجرت العداوة ضدهم بشكل مكشوف إثر اغتيال قيصر روسيا "الكسندر الثاني "عام1881م، والذي اتهم به اليهود. وبدأت موجة من الإجراءات العنيفة القاسية ضدهم سميت ب "اللاسامية Anti-Semitism"، أي العداء لليهود لكونهم يهوداً ينتمون إلى العنصر السامي، وقد أدى ذلك إلى نشوء "المشكلة اليهودية" إذ إن ملايين اليهود في روسيا أخذوا يبحثون عن فرصة للخلاص مما هم فيه، وبدأت أعداد هائلة منهم في الهجرة إلى أوربا الغربية وأمريكا الشمالية والجنوبية. وكانت هذه فرصة الحركة الصهيونية للظهور والدعوة إلى حل المشكلة اليهودية بإنشاء كيان آمن مستقل لليهود في فلسطين، وتعاطف الكثير من الأوربيين والأمريكان مع هذه الدعوة سواء لخلفياتهم الدينية، أو تخلصاً من أعباء التدفق اليهودي على أرضهم. وأسهم ضعف الدولة العثمانية ـ التي كانت فلسطين تحت حكمها "1516م-1917م" ـ وسعي الدول الغربية لتقاسم أراضيها إلى بروز أجواء عملية أفضل لتأسيس المشروع الصهيوني.
ففي مؤتمر لندن الاستعماري عام 1905م-1907م ظهرت فكرة إنشاء "الدولة الحاجزة" في منطقة فلسطين، واقترح المؤتمرون الذين رفعوا توصياتهم إلى رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت "كامبل بنرمان C. Bannerman "إنشاء هذا الكيان بحيث يتشكل حاجز بشري قوي وغريب، شرقي البحر المتوسط، يكون قوة عدوة لشعب المنطقة، وصديقة للدول الأوربية ومعتمدة عليها وكان أفضل من ينفذ هذا المشروع هم "اليهود" وطبعاَ في تاريخ العلاقات الدولية ظهر مصطلح" الدول الحاجزة " وهذه الدول تمثل بما يعرف مناطق انتقال من الناحية الحضارية، وتبعاً لذلك فانها الدول الواقعة على جانبها في النواحي الحضارية والعقائدية، وهذا يعني وجود وحدة سياسية صغيرة تقع بين دولتين وهذا الموقع يمنع حدوث الاحتكاك او التصادم. وقد هدف المشروع الغربي من إنشاء فكرة الدولة الحاجزة إلى غرس كيان غريب في قلب العالم العربي و الإسلامي، ويفصل جناحه الآسيوي عن جناحه الإفريقي. يمنع وحدته، ويضمن ضعفه وتفككه، إذ إن استمرار مثل هذا الكيان مرتبط بذلك. وسيسعى هذا الكيان بالتالي لضرب أي نمو حضاري قوي في المنطقة، وسيشغل العالم الإسلامي بمشكلة طويلة معقدة تستنـزف طاقته وجهوده، وتبقيه إلى أبعد مدى ممكن في فلك التبعية والضعف والحاجة للعالم الغربي وقواه الكبرى. وكما أن هذا الكيان سيكون بحاجة إلى دعم الغرب لضمان استمراره، فإن الغرب كذلك سيكون بحاجة إليه لضمان ضعف العالم الإسلامي وتفككه وتبعيته. وبذلك ينشأ بينهما تحالف يهودي صهيوني-غربي صليبي لا ينفصم. وهنا تكمن أهمية أن يفهم المسلمون أن هذا المشروع موجه ضد كل مسلم وآماله في الوحدة والنهضة والتقدم وليس ضد الفلسطينيين وحدهم.
لقد عانى الغرب الصليبي منذ قرون طويلة من الصراع مع المسلمين،كانت فيه اليد الطولى للمسلمين نحو أحد عشر قرناً، وما كانت لتنتهي دولة مسلمة حتى تحل مكانها دولة مسلمة تجدد الحيوية في هذه الأمة، وتحفظ عزتها وكرامتها، فكانت دول الراشدين والأمويين والعباسيين والمماليك. وتمكن العثمانيون الذين خلفوا المماليك من فتح معظم أوربا الشرقية، ومن توحيد العالم العربي تحت رايتهم فكانوا حصناً عظيماً للإسلام قرون عديدة، غير أن ضعف الدولة العثمانية خصوصاً في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين"وهي اخر ايامها حيث كانت تسمى الرجل المريض " جعل الأوربيين يفكرون بطريقة تضمن ألا تقوم بعد ذلك للعالم الإسلامي قائمة، وألا تحل محل العثمانيين دولة مسلمة جديدة، تبعث الحيوية والنهضة فيهم، فكانت فكرة الدولة الحاجزة،انتهت الدولة العثمانية وبدأ الانتداب البريطاني على فلسطين وقام البريطانيين بتسليم فلسطين بمكر ودهاء الى الصهاينة لاقامة دولتهم التي طالما حلموا بها وهي اسرائيل .
لست هنا لاناقش المسألة الفلسطينية من الناحية التاريخية لكنني وددت ان اقدم بشكل سريع وموجز مايمكن ان اقدمة عن الجذور التاريخية ،هذه هي قصة القضية الفلسطينية ارض اغتصبت وشعب آمن شرد وحرمات انتهكت واليوم وبعد ان مرت الامه بنكبات كبيرة وخيانات مروعة من الحكام العرب الذين عملوا جاهدين على التخاذل والخنوع تحت مسميات شتى للمحتل المغتصب فقد عرفت الشعوب سر قوتها وانتفضت على تلك الانظمة واصبحت تسلك الطريق الوحيد المتبقي لها وهو الانتفاضة ضد الباطل والاحتلال .
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يعلن في مؤتمر صحفي عقده في رام الله انه ذاهب الى مجلس الامن الدولي للحصول على عضوية دولة فلسطين على حدود حزيران/يونيو عام 1967م حيث قال :"ان التوجه للامم المتحدة للمطالبة بفلسطين دولة كاملة العضوية في المنظمة الدولية ،هو امر مفروغ منه ولارجعة عنه" وغير خافي ماتعرض له الرجل من ضغوط كبيرة من قبل المبعوثون الامريكيون امثال "دينس روس Dennis B.Ross " المدافع والمحارب عن المصالح الاسرائيلية من اجل تراجع الرئيس عباس عن هذه الخطوة لكن يبدوا ان جميع تلك الضغوط قد ذهبت ادراج الرياح ولم تؤثر في القيادة الفلسطينية وهي ماضية في قرارها وقد مللت اساليب المماطلة والتعنت والتسويف والخداع الصهيوني.
السلطة الفلسطينية قد سعت بشكل دقيق ومدروس لبناء استراتيجية تحركاتها في الداخل الفلسطيني وفي المجال الدولي وقد ارتكزت هذه الاستراتيجية على ثلاث مساند اولهما انها قررت التصالح مع حماس وهذا قرار صائب لان الانقسامات الفلسطينية لاتصب الا لمصلحة اسرائيل وثانيهما قطع التفاوض مااستمر الاستيطان وهي خطوة مهمة من جميع النواحي فماقيمة المفارفض حكم الانظمة العميلة والاستبدادية لوضات اذا كانت اسرائيل مستمرة في بناء المستوطنات وثالثهما الاتجاه للامم المتحدة بمعاونة العرب .ان الثورات العربية التي يشهدها الشارع العربي والتي يقوم بها الشباب العربي الواعي الذي يسعى من اجل ان يزيل عن جبينه ذل ومهانة الاستكان والتخاذل الى اسرائيل بعد مراوغة وخداع الحكام الاقزام لعقود من الزمن ، تصورو معي ماذا لوقامت الولايات المتحدة الامريكية باستخدام حق النقض "الفيتو"في مجلس الامن معترضة على قيام دولة فلسطين ماذا سيكون موقفها عندما يقوم الشباب العربي في مصر والاردن وتونس وليبيا والعراق وبقية الدول العربية والاسلامية بحرق العلم الامريكي اما سفاراتها في تلك الدول بعدما ماذا يمكن ان تقول وعن اي ديمقراطية يمكن ان تتحدث وعن اي حقوق للانسان يمكن ان تنادي بها والشيء بالشيء يذكر لماذا لم نرى الفيتو الامريكي في التصويت على قرار قيام دولة جنوب السودان ماالسر ياترى؟اترك لكم التفسير .
الشباب العربي الثائر اصبح اليوم الاكثر تهديداَ لأسرائيل من كل انظمة الجوار وكل المنظمات والحركات التحررية منذ حرب عام 1973م اصبحت انظمة الجوار ولانستطيع ان نطلق عليها دول الطوق كما كانت تسمى قبل معاهدات الاستسلام لكونها اصبحت لاتشكل اي طوق فاتفاقيات فك الارتباط واتفاقيات الصلح قد جعلت من تلك الانظمة الوكلاء الحصريين للكيان الصهيوني في الوطن العربي والتي اطلق عليها فيما بعد دول او محور الاعتدال العربي من هنا كان لزاماَ ان يتولى الفلسطينيون تحرير ارضهم بانفسهم من خلال منظمة التحرير الفلسطينية التي نجحت نجاح محدود بعد توقيع اتفاقية" اوسلوOslo Accords "عام 1993م وهو قيام السلطة الفلسطينية على بعض الاراضي الفلسطينية المحتلة وللتاريخ نقول لم تقوم اي سلطة للفلسطينيين الا بالانتفاضة الشعبية للشعب الفلسطيني والتي بدأت منذ عام 1988م .
الواقع والتجربه التي عاشتها القضية الفلسطينية منذ قيام الكيان الصهيوني ولغاية هذا اليوم تجعلنا واثقين من ان أمريكا عاجزة عن التاثير في هذا الكيان مهما كانت حكومتها جمهورية او ديمقراطية فالدور الامريكي هو دور المعرقل لقيام اي سلام او اي مشروع يمكن ان يخدم القضية الفلسطينية واليوم على امريكا ان لاتنسى ان استخدام "الفيتو"سيزيد من الغضب العربي والاسلامي وستعلوا الكراهية وحب الانتقام هامات العرب والمسلمين مما سيكلفها المزيد من الخسائر في مصالحها ،فالزمن قد تغير ، الوطن العربي والاسلامي في يقظة وتغيير وباتوا غير محكومين بانظمة قمعية تستطيع ان تردع قوى الشارع العربي والاسلامي ،واذا كانت الولايات المتحدة تعتقد ان الشارع العربي والاسلامي مشغول بثوراته ولايعير القضية الفلسطينيه اي اهتمام فهي واهمه ووهمها اكبر عندما تفكر ان مشروع قرارهم سيمر دون ضجة او انتقام .
كيف يمكن الوثوق بامريكا في مواقفها تجاه العرب وقضية فلسطين اذا كان رئيسها باراك اوباما في العام الماضي وفي الجمعية العامة للامم المتحدة اعلن مبشراَ بقيام دولة فلسطين طالباَ وراغباَ في ان تقوم الدول الاعضاء بالترحيب بهذا القرار خلال الدورة القادمة وهو مايعني طلبه من الجمعية العامة بان تصوت لصالح قرار قيام دولة فلسطين في الدورة الحالية وبعد مرور اقل من عام يهدد باستخدام حق النقض لهذا القرار ماهذه الازدواجية وماهذه العلاجات المورفينية التي يعتقد انها يمكن ان تزين صورة امريكا الغابرة والكالحة التي باتت تمتاز بها اليست هذه ازدواجية مخجلة بحق دولة تعتبر نفسها الاكبر والاقوى في العالم .ادارة اوباما نجدها اليوم تنادي بكل قوة بمحاسبة النظام الليبي والسوري من خلال المحكمة الجنائية الدولية على جرائم تعتبرها جرائم حرب او جرائم ضد الانسانية في الوقت الذي نراها تستقتل من اجل حماية النظام الاسرائيلي من اي محاسبة للجرائم التي يندى لها جبين الانسانية والتي يقوم بها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني وهو مااكدته وتؤكده منظمات حقوق الانسان الغربية منها وحتى الامريكية فغير بعيد ارتكاب جريمة "عملية الرصاص المصبوب Operation Cast Lead"وهي عملية الابادة الجماعية التي قامت به الاله العسكرية الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني الاعزل في غزة في 2008م-2009م،طلبت السلطة الفلسطينية في عام 2009م من المحكمة الجنائية الدولية ان تحقق في الجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني لكن لم نسمع اي شيء من السيد" لويس مورينو اوكامبو Luis Moreno Ocampo" المميز بمؤتمراته الصحفية للادعاء على القيادات في السودان وليبيا وسوريا لقد ابكم الرجل ولم نعد نسمع منه شيء عن هذه القضية فامريكا واسرائيل يعتبران نفسهما فوق المحاسبة ومحصنتان من اية محاكمة .
لقد عبرت السفيرة الاسرائيلية السابقة لدى الامم المتحدة "غابرييلا شاليف Gabriela Shalev" في مقابلة لها مع صحيفة معاريف الاسرائيلية عن قلقها البالغ من تداعيات الخطوة الفلسطينية على اسرائيل التي تبدوا مثل جنوب افريقيا زمن التفرقة العنصرية ولهذا سوف تواجه اسرائيل"تسونامي سياسي" لم يسبق لها ان شهدت مثيل له ،واعترفت شاليف ان عدداَ من الاحداث المتتالية قد حدثت في السنوات الاخيره بدءاَ من الحرب على غزة مروراَ بتقرير غولدستون ثم تجميد المفاوضات مع الفلسطينيين والاعتداء على قافلة السفن التركية المتضامنة مع القطاع قد ادت باسرائيل الى الحضيض في الامم المتحدة ورأت "شاليف"ان الولايات المتحدة لن تكون هذه المره في جيب اسرائيل و"الامريكيون ليسوا دمى بأيدينا ،واننا نسير من سيء الى اسوأ وفي الطريق نخسر الولايات المتحدة ".
نقلت صحيفة "يديعوت احرونوتYedioth Ahronoth "ان رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريز يسعى الى منع المسعى الفلسطيني في الامم المتحدة وانه يرى بهذا المسعى كارثة ستلحق اضراراَ جسيمة بأسرائيل ،"داني ايالون " نائب وزير الخارجية الاسرائيلي حذر من ان تقديم الفلسطينيين طلب عضوية دولتهم الى الامم المتحدة سيؤدي الى الغاء كل الاتفاقات المبرمة بين الجانبين وقال:"اذا اتخذ الفلسطينيون قراراَ احادياَ كهذا فسيؤدي الى الغاء كل الاتفاقات وسيعفي "اسرائيل "من كل التزاماتها.
نشر موقع "ولاwww.walla.co.il " الاسرائيلي على شبكة الانترنيت وثيقة وقعها تنظيم استيطاني متطرف تحت عنوان"ايلول ليس تهديداَ،انما فرصة لتغيير قواعد اللعبة "تدعوا المستوطنيين الى الخروج طللدفاع عن بيتنا وعدم انتظار احد ليفعل ذلك"وتتضمن الوثيقة الخطوات الواجب على المستوطنيين اتخاذها مثل الخروج من المستوطنات في مسيرات لمواجهة التظاهرات الفلسطينية بدل التقوقع فيها وانتظار الفلسطينيين "اةلادنا في مواجهة اولادهم نساؤنا في مواجهة نسائهم وشبابنا امام شبابهم وهكذا نغير اللعبة "
كل هذه التخبطات العشوائية والتصريحات الهسترية تظهر مدى تأثير القرار الفلسطيني على الداخل الاسرائيلي وكيف ان الحراك الشعبي العربي قد هز كيانهم ونلاحظ مثلاَ ان الهجوم على السفارة الاسرائيلية في القاهرة وهروب موظفيها وسفيرها والعودة الى اسرائيل وهو مايعني تهديد "اتفاقية كامب ديفيد " التي ابرمت في 17 ايلول /سبتمبر عام 1978م وهو ماتناولة رئيس الوزراء المصري "عصام شرف " في لقاء له مع الفضائية التركية الناطقة باللغة العربية ان اتفاقية كامب ديفيد ليست مقدسة وممكن تعديلها مماجعل اسرائيل تشعر بالتهديد لوجودها وهو تهديد حقيقي لم ترى مثيل له منذ عام 1948م .
الاسلوب الاسرائيلي القائم على بيعنا قصوراَ في الهواء كمايقول المثل الدارج ففي الوقت الذي يدخلون فيه بمفاوضات مع الجانب الفلسطيني يقومون باجراءات عملية الواحد تلو الاخر حيث منح التراخيص للمزيد من المستوطنات والذي يلغي منطق التفاوض اساساَ هذا هو منطق "عملية السلام" لم يعني يعنينا بشيء ، هل الاستمرار بهذه العملية هو في مصلحة الفلسطينيين او العرب ابداَ ان مصلحة الفلسطينيين هو في قيام دولة فلسطينية ديمقراطية حرة كريمة .
بان كي مون - الامين العام للامم المتحدة عليه ان يثبت ان مسيرته نحو الحق والعدالة والحرية تطبق على فلسطين ايضاَ ،غير متناسين انه جعل تلك المسيرة شعاراَ لحملته الانتخابية لولاية ثانية عندما راهن على الثورات العربية وتحمل مشقة السفر الطويل لزيارة عائلة بو عزيزي في تونس مؤيداَ ومرحباَ بالتحرك الشعبي العراقي عليه اليوم اكثر من اي يوم ان يثبت مصداقيته تجاه مطالب الثوار العرب بقيام دولة فلسطين وانها تحركاته ليست ازدواجية سياسية واخلاقية في نفس الوقت.
لاادري كيف يفكر رعاة الكونغرس الامريكي المفلسين حقاَ والذين لايزالون لايرون اي حرج اخلاقي او سياسي في مساندة سياسة نتتياهو التي هي ليست في مصلحة امريكا اصلاَ ،حينما يتصورون ان قطع المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية يعتبر اداة ردع لها كي تعدل عن قرار الذهاب الى الامم المتحدة .
دول اوربا تحاول التوصل الى صيغة ما لاتفاق بين السلطة الفلسطينية وبين اسرائيل حول مشروع الاعتراف بالدوله الفلسطينية في الامم المتحدة لكنها تفاجئت بتوبيخ وزارة الخارجية الاسرائيلية الى سفراء الدول الخمس الكبرى في الاتحاد الاوربي وطالبت دولهم بالتصويت ضد المشروع الفلسطيني مما دعى احد السفراء الى التصريح بالقول :"نحن نحاول مساعدة اسرائيل على الخروج من المأزق الذي جرت نفسها اليه ،وقادتها ينكرون الجميل وبدلاَ من توجيه الشكر لنا يهاجموننا أمر لايصدق" وقال مقرب من السفير البريطاني "ماتيو غولدMatthew Gould " قوله"توقعت ان يقدم الاسرائيليون الشكر لنا على قرارنا وقف اعتقال مسؤولين اسرائيلين في بريطانيا بتهمة ارتكاب جرائم حرب ،لا ان يقدموا لنا التوبيخ".
لازالت القيادات الاسرائيلية والزعامات الصهيونية غير مدركة الى ان البلدان العربية بدأت الان تستشرق عصراَ جديداَ قد بدأ فيه انتهاء عصر كامب ديفيد واوسلوا ووادي عربه ،في اسرائيل هناك كتاب واقعيون يرون الامور بعين الواقع مثلاَ الكاتب "عاكيفا الدار Akiva Eldar" الذي وصف الاجراءات التركية ضد الدولة اليهودية بانها"تسونامي"بدأ بالأقتراب اكثر فاكثر من دولة صهيون ففي مقال له في صحيفة "هآريسHaaretz "ان التحول التاريخي الكبير الذي يتطلب ذهنية اسرائيلية من طراز جديد تتمتع ببصيرة بعيدة المدى تخترق الحجب وتدرك بالتالي ان تغييراَ جذرياَ يهودياَ في نهج التعامل مع العرب والمسلمين يجب ان يبدأ منذ الان وقبل فوات الاوان".
لابد ان يفهم العالم انه رغم المفاوضات المباشرة وغير المباشرة التي استمرت لعقود بين الفلسطينيين والاسرائيليين لكن لم يتحقق السلام الذي يزعمون ويتحججون به انه التعنت والصلف الاسرائيلي الذي يستند الى نظرية تعتقد ان العرب لن يستطيعوا ان يفعلوا شيئاَ فهم امة متجمدة مشلولة غير قادرة على الحركة ومستثناة من قانون الفيزياء في الفعل ورد الفعل انه التعصب الساذج والمتغطرس الذي يسيطر على عقلية الزعامات في اسرائيل .
ان السبيل الوحيد لقيام دولة فلسطين في حال فشل المسعى الفلسطيني بمؤازرة العرب والمسلمين من اجل الحصول على اعتراف بالدولة الفلسطينية فليس امام الفلسطينيين سوى الانتفاضة الثالثة التي ستباركها وتدعمها وتساندها الاجيال العربية الصاعدة الثائرة القادرة على التغيير واحداث مالايمكن توقعه ،وللحديث بقية.
التعليقات (0)