مهزلة بكل المقاييس ... فضيحة مدوية ، تلك التي اقترفنها من تسمي نفسها جمعيات المجتمع المدني بتاونات يوم 26 يونيو 2011 ، باصطفافها المخزي وراء شرذمة من الخونة الحقيقيين ، الذين يبيعون و يشترون في كل شيء مقابل البقاء فوق مقاعدهم الوثيرة في المجالس و الغرف ، و الاستمرار في التمتع وحدهم بالحظوة الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية على صعيد الإقليم ، شرذمة فاقدة للشرعية وصلت إلى ما تعتقد أنها وصلت إلية بالتزوير و الرشوة و البلطجة و الإثراء الفاحش بكل الوسائل الملوثة ، عصابة ذئاب حقيقية تعتقد واهمة أنها استفردت بقطيع أغنام و تقاتل بكل شراسة للحفاظ على وضع الغابة تحت السيطرة .
قبل هذا اليوم كان المجلس المحلي لدعم حركة 20 فبراير قد وزع نداءا يدعو فيه عموم المواطنين إلى وقفة احتجاجية في ساحة البلدية يوم الأحد المعلوم على الساعة السابعة ، و طاف وفد من عشرات المناضلين المنتمين لمختلف الحساسيات المقاطعة للاستفتاء الدستوري ، و على مدى ثلاثة أيام مختلف شوارع المدينة ، مستعملين مكبرات الصوت في الدعوة إلى المقاطعة و شرح مبرراتها ، و قد لاقت هذه الحملة التعبوية البسيطة تجاوبا منقطع النظير من طرف السكان خصوصا في الساحات و الحدائق ، حيث فتحت العديد من الدردشات في أماكن متفرقة ، بما فيها بعض الأسواق الأسبوعية ، و لم نسجل أي استفزاز أو تهجم يذكر من طرف الساكنة المحلية بل لمسنا العديد من أصوات التعاطف و تأييد موقف المقاطعة ، في هذه الفترة كانت تاونات تعيش زحمة وزارية حقيقية ، نتيجة الكم الهائل من السادة الوزراء و المسؤولين الحكوميين الذين تقاطروا عليها ، مثل الأمطار الصيفية الأخيرة التي أهلكت الزرع و الضرع .
مهرجانات مؤيدة كثير نظمتها مختلف الأحزاب على امتداد خارطة الإقليم ، جيشت لها ما ملكت من وسائل و إمكانيات بما فيها سيارات النقل المدرسي و الوحدات الطبية المتنقلة و سيارات الإسعاف و شاحنات و سيارات الجماعات ، استغلال فظيع للمساجد ، و تكليف الشيوخ و المقدمين الذين يعرفون كيف يحشد الأعيان ، طبالة و غياطة و بواردية و شيخات على كل لون و من كل حدب و صوب ، لافتات النفاق تملأ كل الأمكنة ، دون أن تسجل أية محاولة من طرف الطرف المقاطع للاحتكاك بالطرف الآخر أو التأثير على أنشطته المطبلة( هذه ليست لفظة قدحية ، فالطبل استعمل على نطاق واسع ) لنعم ، حتى أن العديد من المسؤولين الحزبيين المحليين ، أبلغوا شكرهم لحركة 20 فبراير و المساندين لها و حركة المعطلين على تصرفهم الناضج و عدم لجوءهم إلى مثل هذه التصرفات الصبيانية
فماذا حدث يوم 26 يونيو بتاونات؟
حتى حدود السادسة مساءا لم يكن أحد بساحة البلدية ، باستثناء مكبرات كثيرة عالية الصوت ، تصدح بأغاني رديئة ، تحيلك مباشرة على زمن الرصاص "يا حسن يا حبيب الجماهير " ؟؟؟؟ و معتوه يتمايل نشوانا بما حوله من هرج لا سبيل له لتفسير أسبابه ، أمطار كثيرة تسقط على المدينة الصغيرة تلك اللحظة ، أحد الجالسين في مقهى الزردة يبادر صديقه:
ــ الشتا فشهر 7 الله يستر ؟؟؟؟
رشف الصديق قهوته ، و قال بصوت تعمد أن يسمعه المحيطين القريبين من طاولته :
ــ إن الله سبحانه و تعالى الذي يسمع لا محالة هذا الهراء ، و لم يسقط علينا شيئا آخرا غير الأمطار سنكون محظوظين جدا ،
السادسة و النصف مناضلو القوى و الهيئات الداعية للمقاطعة يصلون تباعا إلى مقهى " أيوناكس " ، بعد توقف الأمطار انتقلوا جماعة إلى مقر الاتحاد المغربي للشغل للتزود باللافتات و مكبرات الصوت و الشارات و ما جاوره ، و في الساعة السابعة تماما وصلت الكوكبة الأولى من المناضلين إلى ساحة البلدية لتجده محتلا بالكامل من طرف مئات الأشخاص المؤيدين للدستور تحت يافطة "المجتمع المدني " و الذين بدأوا برفع شعارات تصف المقاطعين بالخونة و الانفصالين و أعداء الملك ، و تجنبا لأي احتكاك يمكن أن يثير المناوشات والمواجهات ، ابتعد أنصار المقاطعة مئات الأمتار و بداوا في إعداد لافتاتهم و قبل أن يرفع الشعار الأول ، فوجؤوا ببعض المعتوهين ، و المغيبين عقليا يقتحمون الحلقية الصغيرة التي بدأت في التشكل ، و يحتكون جسديا بالمناضلين ، و يتلوون داخل اللافتات الداعية للمقاطعة لإسقاطها أرضا ، " ثم بدأت الأعلام الوطنية و صور الملك تضرب وجوهنا ورؤسنا " يقول أحد المناضلين ، في استفزاز واضح ، و تجنبا مرة أخرى لما يمكن أن يقع ، دعت كلمة لعضو حركة 20 فبراير بالانتقال إلى الجهة الأخرى أمام البنك الشعبي ، لكنهم كانوا مصرين على إسكات الصوت المقاطع مهما كلفهم الأمر ، أمروا بلطجيتهم بقطع الطريق على المناضلين ، و أمروا غياطتهم و طبالتهم بتسخين الطرح أكثر و أكثر ،و بدأوا في تنفيذ اعتداءهم البشع على أبناء الشعب الحقيقيين الحاملين لهمومه و معاناته ، بدأ الركل و الرفس ، و سلب مكبرات الصوت بالقوة ، بل هناك من المناضلين من انتشلت أغراضهم من جيوبهم ، السب و القذف العلني ، التهديد بالتصفية الجسدية ، كل هذا تحت الرعاية السامية لمسؤولي الأمن و باشا المدينة الذي حضر المهزلة من آلفها إلى ياءها ، دون أن يصدر عنهم أي أمر أو تصرف يمكن أن يردع الهمج الهائجين ، و ما يثبت هذا الكلام هو أن السلطات الإقليمية كانت على علم بما يدبر ، و جندت ما يكفي من قوات التدخل السريع لهذا الغرض ، و لكنها تركت قواتها مخزونة في محل صغير تحت ساحة البلدية ، لفترة من الوقت هي الفترة التي استغلها البلاطجة و قادتهم للاعتداء على المناضلين ، في تواطؤ مكشوف للسلطات التي كان بإمكانها لو كانت تريد حماية الموطنين فعلا أن تنشر قواتها من البداية و تحاول الفصل بين الطرفين ، لكنها و لغاية في نفسها تركت لهم هامشا للفعل البلطجي قبل أن تتدخل بشكل فعلي لحماية المقاطعين و حراستهم من أجل الانتقال الآمن إلى مقر الاتحاد المغربي للشغل ، وسط حشد من المواطنين المتابعين للمهزلة ، و الدليل الآخر الذي يؤكد تورط السلطات في هذا الاعتداء الإجرامي ، هو أن أي بلطجي لم يتجرأ على اللحاق بالمقاطعين بعد صدور أمر السلطات بتوفير الحماية اللازمة .
سخافي لا يعرفه أحد ، شارك بفعالية قتالية كبيرة في تجييش جمعيات الأعيان و المستشارين الفاسدين ، و أشرف برجليه على الاعتداء الهمجي الغاشم ضاربا و محرضا ، مستعملا قاموسا من السب الرخيص ، و الركل الحماري البغيض ، هذا السخافي تقيأ شيئا في موقع محلي مغمور ، يدعي فيه أن حركة 20 فبراير هي التي أشعلت شرارة ما سماه بأحداث المواجهات التي وقعت بين الطرفين ، زاعما و كاذبا أن أحد شباب الحركة تلفظ بكلمات مسيئة للمؤيدين ، و آخر اعتدى على أحد المعاقين ، في احتقار سافر لذكاء مئات التاوناتيين الذين تابعوا اعتداء البلطجية يتقدمهم فارسهم على المناضلين ، و تابعوا كيف لم يرفع أي فبرايري يديه حتى لتفادي لكمات و ركلات الوحوش ، و كيف هاجم سخافي الوهم و شرذمة من ناهبي أموال المبادرة الوطنية للتنمية البلطجية الداعين إلى المقاطعة ، و كيف لاحقوهم أينما حلوا و ارتحلوا ، و من كان يوجههم من خلف الستار الكاشف من مهربي المخدرات الذين أصبحوا برلمانيين ، و غيرهم من الراكبين على الدستور لدعاية انتخابية سابقة لأوانها .
لقد راهنت السلطات المخزنية و ممتطو صهوة الدستور على جر الحركة و القوي المقاطعة لمهزلة الاستفتاء ، لبؤرة الانفعال و الرد على اعتداءات المخمورين و الموتورين و المجيشين ، و تشويه سمعتها بالتالي أمام الجماهير التاوناتية التي احتضنت الحركة منذ ولادتها و سارت بشكل لم يسبق له مثيل في مسيراتها العديدة مطالبة بالحرية و الكرامة و العدل و محاسبة لصوص الإرادة الشعبية من مزوري الانتخابات و ناهبي المال العام ، تجار المخدرات الذين يحكمون تاونات بقبضة بلطجية لا تلين .
لكن مؤامرتهم تكسرت مثل بيضة ، لغبائهم الشديد ، و احتقارهم المبدئي لذكاء المواطنين ، و هل يهمهم رأي المواطنين أصلا ؟؟ أم يلهثون فقط وراء تنويه و ثناء السلطات و كوطاتها و كريماتها و ريعها المسيل للعاب؟؟؟ تكسرت لأن شباب الحركة ، و قوى الشعب الحية شباب ناضج وواع له رسالة سلمية و حضارية يؤديها بتفان و إخلاص و نكران ذات أيا كانت الظروف و مهما كانت التضحيات ، من أجل هذا الوطن الذي يسكنهم حتى و إن كان كثيرون منهم لم يجدوا بعد سكنا خاصا لهم و لأولادهم ، وطن يحبهم و يحبونه دون تبجح أو نفاق أو زيف دون طلب من أحد و دون توسط أو تدخل من أحد ، تكسرت مؤامرتهم و ربح الشباب وقفة رائعة أمام المقر النقابي وسط حراسة أمنية مشددة ،حضرها مئات المواطنين و المواطنات الذين تابعوا باهتمام بالغ كل الكلمات التوضيحية و كلمات الإدانة و الشجب لسلوك البلطجة و الإرهاب و الدعوات لمقاطعة دستور العبيد ، دستور الطبالة و الغياطة و مهربي المخدرات و شيخات هز البطن و الأرداف ، دستور مل المغاربة من سماع إسمه من كثرة الابتذال و الإسهال و التوظيف الفج للإمكانيات و الوسائل التي لا علاقة لها لا بالدستور و لا بالزابور ،
في الأخير لا بد أن نشيد و نفتخر بالعديد من الجمعيات الحقيقية التي لم تحضر مهزلة الأحد الماضي ، رغم أنها قامت بأدوار مهمة في دواويرها و مراكزها الحضرية و القروية ، بتقريب النقاش الدستوري و التفاعلات التي يعرفها المحتمع المغربي في هذه المرحلة ، من الساكنة المحلية بأسلوب مدني جمعوي محايد فاسحة المجال أمام جميع المواطنين للفهم و الاستيعاب و حرية الاختيار يوم التصويت بعيدا عن أي تجييش او اصطفاف مع هذا الطرف أو ذاك ، أما جمعيات المستشارين الجماعيين و جمعيات تحت الطلب و جمعيات نهب المالية العامة تحت يافطة العمل الجمعوي ، فقد أبانت في اليوم المعلوم عن مقدار استقلاليتها و احترامها لأعضائها و لقيم المجتمع المدني التي تنبني على الحياد السياسي و عدم التطبيل لهذا الطرف أو ذاك ، فأغلب أعضاء هذه الجميعات هم أتباع أحزاب سياسية تسير الجماعات القروية و البلدية و بإمكانهم التعبير عن وجهات نظرهم في هذه الإطارات .
و إذا كان العديدون يعتبرون أن المبادرة في تاونات حققت تراكمات مهمة فإن مهزلة الأحد تضرب هذه الخطة الحكومية المرتبطة بملك البلاد في الصميم ، و تمرغ سمعتها في الوحل عن طريق تسخير المستفيذين من برامجها للجم المعارضين . و الاعتداء عليهم و محاولة تشويه سمعتهم أمام الملأ .
و للصحفي الوحيد في المغرب الذي يركل الناس في الشوارع مثل أي حمار أرعن ، نقول :
نحن نعرف أنك لا تستحيي ، و ليس لنا أي أمل في أن تستحيي يوما ما ، لذلك لك الحرية المطلقة في أن تنقيأ ما تشاء في موقعك البئيس ، الموقع الوحيد ف-ي المغرب أيضا الذي لا يمكن أن تعلق على أي موضوع فيه ، فعندما ينتهي برسيمك إنهق قليلا نهقة أو نهقتين ، و ميخاليوكش بلاش ، يلا معلفك الباشا يعلفك القايد و يلا معلفك بردان يعلفك المازوطي لحباب موجودين ، غير نهق و زيد انهق .... فلو كل كلب عوى ألقمته حجرا لأصبح الحجر ... ب 100 درهم للكبلو ، و نحن محتاجين للحجر و لن نضيعه في رجم الكلاب الضالة على أبواب مزابل التاريخ .
التعليقات (0)