الإستفادة القصوى من الأضحية
يحاول جر خروفه إلى البحر بغية الإستحمام والخروف يعانده
عن كتاب البخلاء مع بعض التبسيط اللغــوي :
جاء في نوادر البخلاء للجاحظ أن بعض البخلاء كانوا يجتمعون في ناحية من المسجد فيتناولون ويتذاكرون أخبار البخلاء ويشجعون بعضهم البعض على الالتزم بالحرص وعدم الإسراف. فذكر أحدهم حكاية عجوز بخيلة يقال لها معاذة العنبرية ومدى حرصها فقالوا له :وكيف كان ذلك؟
قال: مررت بها يوما وقد أهدى لها إبن عم لها شاة تضحي بها فوجدتها كئيبة حزينة مفكرة مطرقة رأسها . فقلت لها:
- مالك يا معاذة؟
قالت:
- أنا إمرأة أرملة ، وليس لي ولد ولا أخ ولا خبرة لي بتدبير لحم الأضاحي . وقد خفت أن يضيع بعض هذه الشاة ، ولست أعرف وضع جميع أجزائها في أماكنها . وقد علمت أن الله لم يخلق فيها ولا في غيرها شيئا لا منفعة فيه. ولكن المرء يعجز لا محالة . ولست أخاف من تضييع القليل إلا أنه يجر تضييع الكثير.
قال الرجل : فسألتها عن خطتها في الاستفادة من هذه الشاة الأضحية التي أهديت لها ؛ فقالت:
- أما القرن فالإستفادة منه معروفة ، وهو أن يجعل منه كالخطاف ، ويسمر في جذع من أجذاع السقف ، فيعلق عليه الأوعية ، وكل ما يخاف عليه من الفأر والنمل والقطط والثعابين وغير ذلك . وأما المصران فإنه لأوتار المندفة ، وبنا إلى ذلك أعظم الحاجة. وأما قحف الرأس واللحيان وسائر العظام فسبيله أن يكسر بعد إمتصاص المرق الذي بداخله ، ثم يطبخ في النار فما ارتفع من الدسم كان للإنارة وللإدام وللعصيدة ولغير ذلك. ثم تؤخذ تلك العظام فيوقد بها النار . فأما الجلد فهو جراب وللصوف وجوه لا تعد ولا تحصى . وأما الفرث (الفضلات التي في الكرش) والبعر فحطب إذا جفف عجيب.
ثم قالت :
- بقي الآن الانتفاع بالدم . وقد علمت أن الله عز وجل لم يحرم من الدم المسفوح إلا أكله وشربه ، ومن ثم فإن له مواضع يجوز فيها ولا يمنع منها . وإن أنا لم أتوصل إلى معرفة الكيفية التي أستفيد بها من هذا الدم فإن ذلك سيصبح مصدر غم على قلبي وقذى في عيني وهم لن أنفك منه.
قال الرجل:
- فلم ألبث أن رأيت امارات البشاشة والاستبشار والسعادة قد علت وجهها وتبسمت . فقلت لها : ينبغي أن يكون قد انفتح لك باب الرأي في الدم. فقالت:
- أجل ؛ تذكرت أن عندي قدورا شامية جددا وقد زعموا أن ليس شيء أدبغ ولا أزيد في قوتها من التلطيخ بالدم الحار الدسم . وقد استرحت الآن إذ وقع كل شيء موقعه.
قال الرجل الذي حكى قصتها :
- ثم لقيتها بعد ستة أشهر ، فقلت لها : كيف كان قديد (اللحم المجفف) تلك الشاة ؟ فقالت:
- بابي أنت ! لم يجيء وقت القديد بعد . لنا في الشحم والذنب والجنوب والعظم الممصوص وفي غير ذلك معاش. ولكل شيء أوان.
يقول الجاحظ : فقبض أحد البخلاء في المجلس قبضة من حصى ، وضرب بها الأرض ، ثم قال :
- لا تعلم أنك من المسرفين ، حتى تسمع بأخبار الصالحين.
بدوي مصري يحمل حملين لبيعهما في سوق (بارحة) على بعد 40 كيلومتر شمال القاهرة ... تجدر الإشارة إلى أن الأضحية الشرعية يجب ألا يقل عمرها عن 6 أشهر بالنسبة للخراف
التعليقات (0)