إقليم كوردستان العراق ينتخب ... منذ عام 1991 لم تتوقف العملية السياسية في إقليم كوردستان , الفراغ السياسي الذي تركه انسحاب الأدارة المركزية للنظام السابق من مدن و قصبات الإقليم كان من ضمن مخطط يأمل منه النظام في ارباك الأحزاب السياسية الكوردية من فوضى تعم مناطق نفوذهم و بالتالي توسيع الهوه بين تلك الأحزاب فيما بينها و كذلك مع الشعب الكوردي ... و بدلا من ان تسير الأمور بأتجاه مخططات النظام في بغداد لعب الأكراد اوراقهم بشكل صحيح لأفشال ذلك المخطط و استحداث البدائل المؤقتة للوضع السياسي و الأجتماعي الذي تبلور في نهضة اقتصادية انجحت الخطة المضادة وصمدت الحالة الكوردية من السقوط ....
دخول كوردستان في المعادلة الجغرافية لنظام السياسة الدولية الجديدة في حينها و التغيير الذي حصل في دول الإقليمية صعود نجم الرئيس التركي توركت اوزال بعد الأنقلاب العسكري في تركيا و تحرير الكويت و تحرر دول مجلس التعاون الخليجي من نفوذ صدام حسين , كانت بداية لقراءات متعددة حول مستقبل المنطقة و كان لابد للأكراد ان يجدوا لهم موقع في تلك الجغرافية السياسية و ارجحية عقلانية السياسيين الأكراد ساعدتهم في جمع شمل المعارضة العراقية في الشتات و نقل نشاطاتها إلى كوردستان و بذلك اكتسبت الشرعية لكيانها السياسي و الأداري في المنطقة من خلال برنامج المعارضة العراقية في العمل على اسقاط النظام البعثي و تجذب إليها اهتمام الدول الإقليمية و بالأخص تركيا صاحبة مشروع الكونفدرالية مع اكراد العراق من خلال صاحب الفكرة الرئيس التركي توركت اوزال , و برفض الأكراد للفكرة عزز موقفها السياسي كصمام امان لوحدة التراب العراقي في كبح طموحات تركية و إيرانية في العراق الضعيف آنذاك و دعمت العملية السياسية في كوردستان من قبل بعض الدول العربية و دول الخليج العربي و حتى نظام صدام ارتاح للتوجه السياسي الكوردي ازاء الطرح التركي مما ادى لتخفيف حدة التشديد على الحصار المفروض من قبل بغداد على كوردستان العراق ....
و لتعزيز تلك الأنجازات السياسية المكتسبة في زمن قياسي طرحت فكرة تثبيت ذلك الكيان الأداري من خلال تأسيس حكومة محلية على ان يشكل برلمان محلي يقود التشريعات اللازمة ليضفي شرعية على تشكيل و عمل الحكومة المحلية و بالفعل تم ذلك للأكراد و ثبتوا تلك الصيغة بشرعية الأصوات التي شاركت في التصويت للأحزاب الكوردية و انبثاق اول برلمان كوردستاني شمل الأقليات الأخرى المتعايشة في المنطقة منتخب و تشكيل حكومة محلية منتخبة...
و بدوران العملية السياسية بما حملتها من جوانب سلبية و ايجابية , عزز البرلمان الكوردستاني نفسه من خلال انتخابات ثانية و تشكيل حكومات تداولت بشكل سلمي اوصلها اليوم لمرحلة جديدة في تحديد موقعها في العراق الجديد.. و ما يأمل الأكراد من خلاله ان تستمر العملية السياسية من خلال تجديد الشرعية للبرلمان الكوردستاني ضمن العراق الفيدرالي الذي ثبتت صيغته السياسية في الدستور العراقي و الذ يصوت له اكثر 75% من الشعب العراقي .. و تؤكد القيادة السياسية الكوردية على ان تتم عملية الأنتخابات البرلمانية هذه بشكل شفاف و نزيه لأكثر من سبب , اهمها ان ترتقي هذه الأنتخابات لمستوى يقول فيه الشعب الكوردستاني كلمة الفصل في انتخاب ممثليه لأستمرار العملية السياسية و التنوع الحاصل في تعدد الكيانات السياسية المشاركة في الأنتخابات سيعطي صورة جديدة ليس لكوردستان العراق فحسب بل للعراق الفيدرالي ككل من ناحية التوازن السياسي في مستقبل العراق خلال عملية انتخاب المجلس النيابي العراقي القادم و هذا التوازن الكوردي سيؤثر ايجابا في وضوح معالم التكوينات السياسية للمرحلة القادمة على مستوى العراق سواء على مستوى التمثيل الليبرالي او الطائفي و يمكن ان يغير وجه سياسة العراق الداخلية و لهذا نرى مراهنات كافة اطراف العملية السياسية العراقية المؤيدة و المعارضة على حد سواء على نتائج انتخابات إقليم كوردستان العراق .. خاصة في خضم محاولات بعض الأحزاب في عدم تمرير قانون الأنتخابات و الأحزاب في البرلمان العراقي و نجاح انتخابات إقليم كوردستان سيؤثر ايجابا في تفعيل تلك المواضيع نظرا لتغير خارطة الاحزاب الكوردية في الأنتخابات الحالية ...
التعليقات (0)