الصراع الدولي بين القوى الكبرى في العالم بلاشك تعتبر من الظواهر المؤثره على الامن والسلام الدوليين وتهدد استقرار واستقلال بقية الدول وان هذا الصراع هو في تغيير مستمر كلما تغيرت الاهداف التي تسعى اطرافه للوصول اليها وان القوى الدوليه تتطلع وبشكل دائم الى دور مميز وبارز في ادارة شؤون العالم وتعمل من خلال ذلك على تحقيق مصالحها الحيويه واهدافها استراتيجيتها العليا والصراع الاستراتيجي في عمقه وجوهره يقوم بسبب التعارضبين المصالح والاهداف والتنافس الدائم من قبل هذه الدول من اجل بسط سيطرتها وتفوذها بكل مامتاح امامها .
الموضوع متداخل ويحتاج المزيد من البحث والرجوع الى الجذور التاريخيه لذلك نحتاج الى ربط جميع الوقائع والاحداث والنظريات من جانب والمستجدات من جانب اخر فعملية ربط الماضي بالحاضر من صلب منهج هذا البحث.
ان نظريات الصراع الاستراتيجي ووسائله قد تطورت في اعقاب الحرب العالميه الثانيه وفي ظل نظام التوازن الدولي ثنائي القطبيه ومنذ نهاية الحرب العالميه الثانيه اصبحت مثلاَ منطقة الشرق الاوسط بمدلولها الواسع يشمل تركيا وايران وباكستان وافغانستان ومحورها الاستراتيجي الوطن العربي مسرحاَ لتيارات الصراع الاستراتيجي بين القوى العظمى ومااكثر ماسعت تلك القوى فمرة منفرده ومرة مجتمعه من اجل السيطره على هذه المنطقه واحتوائها واستغلال ثرواتها وتسخير مقدراتها ذات التاثير الفعال في الشؤون الدوليه لخدمة اهدافها القريبه والعيده والمباشره وغير المباشره وبالرغم من اختلاف سياسات ومصالح الدول الاجنبيه الا انها عملت بكل ما استطاعت من اجل تمزيق وحدة الامه ومنع تحقيق تكاملها الاقتصادي والسياسي وهنا لابد لنا من المرور برؤية "هانز مارجانثوMorgenthau " فيما يخص القضيه التي تحكم الصراع الدائم بين الدول الكبرى من اجل الوصول الى الوضع الافضل في سبيل تحقيق اهدافها القوميه لذلك تستند كل دوله لبلوغ غاياتها الى تخطيط استراتيجيه متكامله تعتمد على دراسة اوضاعها في ضوء امكاناتها الماديه والمعنويه وتركز نظرية "مارجانثو" على فكرة المصلحه والقوه والمصلحه في مفهوم هذه النظريه تتحدد في اطار القوه التي يسميها "مورجانثو"بفكرة التأثير او السيطره .
خرجت الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية قوة" عالمية مسيطرة.فاتجهت الى ترتيب الوضع الدولي بشكل يتناسب والدور الجديد الذي عزمت عليه مع اتخاذ الدور الاساسي في النظام الدولي لعالم ما بعد الحرب، ومن هذا المنطلق عمدت الى اضفاء صبغة اخلاقية على افعالها لتظهر بمظهر (حمامة السلام) امام الدول،ودعت الى سلام عالمي(المقصود بالسـلام هنـا السلام ضمـن المنظـور الامريكي الذي تسعى به ومن خلاله الى تحقيق اهدافها ومصالحها.وقد عرفنا التاريخ على نوعين سابقين من السلام العالمي وهما السلام العالمي الروماني Pax Romanica والسلام العالمي البريطاني Pax Britanica وعلى ذات المسار حاولت الولايات المتحدة اقامة Pax Americana") فقد انسحب الحرس الروماني مخلفا لنا حرس جديد هو الحرس البريطاني الذي مالبث ان انهار هو الاخر وانسحب ليسلم الرايه الى الحرس الجديد الامريكي الذي حاول ان يلون نفسه بمختلف الالوان والاصباغ فمرة العالم الحر ومشعل الحريه المنتصب فيها ومرة راعي السلام العالمي .
ارادت الولايات المتحده الامريكيه ان تنيط اعباء هذا السلام الى منظمة دولية تقودها الامم القوية القادرة على ضمان ذلك السلام،وبما ان الولايات المتحدة هي اقوى دولة انذاك،فقد (تبرعت) بتحمل الجزء الاعظم من هذه المسؤولية او المهمة المقدسة كما تردد دائماَ وفي كل الاحيان تنتهك تلك القدسيه تحت مسميات واهيه الغرض منها البقاء اطول فتره في مقصورة الحرس، واستعدت الولايات المتحدة للمهمة الجديدة بكل ثقلها الدبلوماسي،الا ان مهمة السلام العالمي سرعان ما اعاقها ظهور قوة ثانية ارادت ان تتحمل هي الاخرى جزءاَ،او كل المهمة الامريكية،اذا لزم الامر،فما كان من "حمامة السلام" الا ان تتهم القوة المنافسة بالبربرية ومحاولة تدمير العالم،الذي تسعى لصنعه.وهنا وجدت لنفسها مهمة اخرى وهي حماية العالم الديمقراطي من الخطر الجديد الذي يهدده (خطر) الشيوعية.فهل كان الهدف فعلا حماية العالم؟!وما هي طبيعة واهداف الوسائل التي استخدمتها في سبيل ذلك؟وهل حققت السلام الذي نادت به بالمعنى المتعارف عليه للسلام؟اسئلة كثيرة سنحاول الاجابة عليها بصورة عامة مع بعض التركيز لتوضيح التداخلات التي قد تعترضنا فيما يخص المشكلة الفيتنامية مثلاَ التي كانت ميداناَ تطبيقيا لسياسة الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، كان لابد للولايات المتحدة وهي تعد نفسها لدور عالمي،ان تكون بنظر العالم (رائدة السلام العالمي).فما ان وضعت الحرب اوزارها حتى هرع القادة الامريكيون الى تحويل ما اتفق عليه،في المؤتمرات التي عقدت في اثناء الحرب الى حيز الواقع الملموس. وتأسست هيئة الامم المتحدة بعد مجئ الرئيس الثالث والثلاثون "هاري ترومان Harry Truman" الى الحكم بفترة قصيرة.وكان روزفلت قد وضع اسسها خلال فترة الحرب،حينما اجتمع مع رئيس وزراء بريطانيا (ونستون تشرشل Winston churchill) في الرابع عشر من آب/اغسطس العام 1941م على متن احدى البوارج البريطانية،حيث تم التوقيع على وثيقة عرفت فيما بعد باسم (ميثاق الاطلسيAtlantic Charter).وتضمنت مبادئ تشبه الى حد ما تلك المبادئ التي نادى بها الرئيس الثامن والعشرين "توماس وودرو ولسنWoodrow Wilson " على اثر الحرب العالمية الاولى،فقد تمحورت مبادئ الوثيقة حول اقامة نظام للامن العام وضمان السلم الدولي لعالم ما بعد الحرب.ورغم ان هذه المبادئ قد وضعت من الولايات المتحدة وبريطانيا الا انها صيغت بشكل لايتعارض مع النظام السوفيتي الامر الذي لم يمنع "ستالين" من الاتفاق معها.
لقد تجاوزت هذه الدول اختلاف وجهات النظر فيما بينها على اعتبار ان بريطانيا والولايات المتحدة دولتين ديمقراطيتين على العكس من اشتراكية الاتحاد السوفياتي وذلك لتوحيد صفها في وجه العدو المشترك والخطر الاكبر الذي مثلته المانيا. استمرت المساعي الامريكية الرامية الى جعل الولايات المتحدة زعيمة السلام العالمي والداعية له،وبذل ساستها في سبيل ذلك جهودا كبيرة.وعلى هذا المسار قام وزير الخارجية آنذاك( كورديل هلّ- Cordell Hull) بكسب دعم الاتحاد السوفيتي لهذا المشروع في المؤتمر الذي عقد في موسكو في تشرين الاول/اكتوبر من العام1943م.وتم التأكيد على هذا الموضوع مرة اخرى في تشرين الثاني/نوفمبر من نفس العام حين عقد مؤتمر طهران الذي ضم الثلاثة الكبار (روزفلت،ستالين،تشرشل).
وتم الاتفاق على انشاء منظمة دولية تحافظ على السلام العالمي من خلال تعاون الدول الثلاث فيما بينها،و(في دمبرتون او اكس - Dumbarton Oaks) وهو قصر يقع في واشنطن نزل فيه اعضاء المؤتمر.اعدت مسودة الميثاق الخاص بهذه المنظمة فضلا عن مناقشة اغلب الاعمال الخاصة بها.اما قضايا التصويت والتمثيل وحق النقض فقد تمت مناقشتها في مؤتمر يالطا المعقود في عام 1944م.وكان "ستالين" قد طالب سابقاً بعضوية كل جمهورية من جمهورياته الست عشرة(جاءت هذه المطالبة بعد قبول دول الكومنولث كأعضاء في المنظمة )،الا انه في هذا المؤتمر اكتفى بعضوية ثلاثة منها فقط (الاتحاد السوفياتي،بلاروسيا،اوكرانيا) وقد مثل ذلك فرصة للولايات المتحدة للحصول على ما حصل عليه" ستالين" لاسيما ان "روزفلت"قبل ان يذهب الى المؤتمر،كان قد وضع في حساباته بان يطالب بحق التصويت لكل ولاية من الولايات الثماني والاربعين التي يتألف منها الاتحاد الفدرالي الامريكي (انذاك).وتم في هذا المؤتمر الاتفاق على اكمال المناقشات حول مسألة التصويت في مؤتمر اخر يعقد في سان فرانسسكو، ومرة اخرى تحتضن الولايات المتحدة مباحثات منظمة السلام،وهذه المرة في مدينة سان فرانسسكو. وقاربت جهود روزفلت ان تؤتي ثمارها ولكن قطفها "ترومان" بعد ان توفي الاول في الثاني والعشرين من نيسان/ابريل، ليكمل الاخير الخطوة الاخيرة في مؤتمر سان فرانسسكو،حيث وضع ميثاق المنظمة بصيغته النهائية،ودخل الميثاق مرحلة التنفيذ الفعلي في الرابع والعشرين من تشرين الثاني1945. استوى الميثاق على مقدمة وتسعة عشر فصلاً ومائة واحدى عشرة مادة.وجاء على اساس انه يمثل ما تم الاتفاق عليه بين الدول الكبرى،الا ان الصبغة الامريكية بدت واضحة على عموم الميثاق لاسيما المقدمة التي جاءت وكأنها مقتبسة من وثيقة الاستقلال الامريكي.كما تم اختيار نيويورك (لقد كان اختيار نيويورك مقرا لهذه المنظمة ينطوي على مقاصد سياسية لاسيما اذا علمنا ان هذه الولاية تعد اكبر مركز للصهيونية.ولست ادري ان كان العالم قد لاحظ ان قرار تقسيم فلسطين واقامة الكيان الصهيوني قد جاء بعد سنتين من قيام المنظمة.حول اختيار مقر المنظمة لتكون مقرا لمنظمة السلام،وبذلك يكون "كل شئ قد تم على التربة الامريكية. ولما كان "كل شئ قد تم على التربة الامريكية"فمن تحصيل حاصل ان تكون (الولايات المتحدة) عفوا (الامم المتحدة) ذات صبغة امريكية.
لقد نص الميثاق على ان تتألف المنظمة من ستة اجهزة رئيسة تمثلت في (الجمعية العامة،مجلس الامن،المجلس الاقتصادي والاجتماعي مجلس الوصاية،محكمة العدل الدولية،والامانة العامة).وتم تنظيم هذه الاجهزة بشكل اكثر تنظيما مما كانت عليه اجهزة عصبة الامم،فبينما يشترك جميع الاعضاء في الجمعية العامة فأن الجهاز التنفيذي مخول لمجلس الامن الذي كان الاساس في التنظيم الدولي الجديد،وقدرته على العمل تتوقف على اجماع الدول الكبرى.اما الجمعية العامة فدورها ثانوي يتلخص في دعوة الاعضاء من الدول الصغيرة لاقرار ما يتفق عليه الاعضاء الكبار لاضفاء التأكيد المادي والادبي المطلوب.تألف مجلس الامن من احد عشر عضوا،خمسة منهم دائمين (الولايات المتحدة،الاتحاد السوفياتي،بريطانيا،فرنسا،الصين)،وتم اختيار هذه الدول للعضوية الدائمة بعدَّ الدول الكبيرة،وحدها تملك القدرة الصناعية والمواد الحربية التي تحتاج اليها المنظمة لتحقيق النصر على الدولة المعتدية.ولهذه الدول حق النقض (vieto) دون سواها. وبقيام هذه المنظمة تحت الرعاية الامريكية تكون الولايات المتحدة قد اوجدت الاداة الاولى لتنفيذ سياستها الخارجية في عالم ما بعد الحرب.والحقيقة ان اللهف الامريكي على اقامة منظمة عالمية للسلام لم يكن حباً في السلام ذاته،بل لايجاد دعامة قوية لحماية مصالحها التي اصبحت عالمية،فضلا عن اتخاذها غطاءً مشروعاً لتسويغ تدخلها في مختلف انحاء العالم.
ومن زاوية اخرى يمكن ان يكون اهتمام الولايات المتحدة بمنظمة سلام عالمية نابعا" من كونها حاولت محو الصورة المرعبة التي رسمتها قنبلتي هيروشيما وناغازاكي في اذهان العالم عن السياسة الامريكية،فكانت بذلك كالشيطان الذي يرتدي ثوباً ابيضً ليوهم الخلق بانه ملك صالح. صار من المعروف ان الولايات المتحدة اصبحت قوة عالمية بعد الحرب العالمية الثانية،واتسمت فترة ما بعد الحرب بالقلق وانعدام الاستقرار الناجم عن تدهور معظم القوى العالمية عسكريا واقتصاديا(ان تدهور القوى الغربية بدأ منذ الحرب العالمية الاولى وما عانت منه على اثرها من استنزاف قواها البشرية والمالية،ثم تبع ذلك الازمة الاقتصادية العالمية عام 1929م واخيرا جاء الانهيار على يد الحرب العالمية الثانية حيث فقدت هذه القوى معظم مستعمراتها فضلا عن الانهاك المادي والبشري الذي نتج عن ذلك )،وبدت الولايات المتحدة هي القوة الوحيدة المسيطرة انذاك بما تملكه من امكانيات وقدرات مرتّ ذكرها.الا ان هذا الانفراد الامريكي لم يدم طويلا،فسرعان ما حطمه بروز قوة اخرى تناقض (الحرس الجديد)في كل شئ ما عدا القوة والطموح،ولم يكن المنافس الجديد سوى العدو القديم وحليف الظروف الاتحاد السوفياتي.
ان ظهور الاتحاد السوفيتي قوةعالمية سعت الى مشاركة الولايات المتحدة في الزعامة العالمية لم يرق للاخيرة،فتصاعد التوتر بين الطرفين نتيجة لتقاطع المصالح،وجسم هذا التوتر ابعاد حرب جديدة بعيدة عن المفهوم التقليدي للحروب المباشرة (الساخنة) استمرت على مدى عقود من الزمان عرفت بـ(الحرب الباردة) تطلق تسمية الحرب الباردة على النزاع الذي حدث بين طرفين دون اللجوء الى استخدام السلاح بشكل مباشر من قبل احد الطرفين ضد الاخر.وشاعت هذه التسمية على اثر النزاع الذي حدث بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في اعقاب الحرب العالمية الثانية؛بعد زوال سبب التحالف بانهيار العدو المشترك (المانيا):،. لقد اختلف المؤرخون في تحديد تأريخ معين لبداية هذه الحرب،فعلى سبيل المثال يرى احد المؤرخين انه لايوجد تأريخ معين لتحديد هذه البداية، فالبعض جعلها في عام 1917 (تأريخ الثورة البلشفية في روسيا) وجعلها اخرون في عام 1947 م او 1948م، ويرى مؤرخ اخر ان هذه الحرب كانت "نتيجة لطوفان احدثته الحرب العالمية الثانية.ولم يكن امر الخلاف بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي ممكنا على الاقل في اية فترة تأريخية سابقة ،في حين يرى مؤرخ اخر ان الصراع لم يبدأ في عام 1945 م ولابسبب الثورة البلشفية في عام 1917م،بل الاكثر من ذلك انه لم يكن صراعا عقائديا لان احداهما رأسمالية والاخرى شيوعية،وانما الصراع بدأ حينما قررت الولايات المتحدة،في نهاية القرن التاسع عشر،التوسع في نصف الكرة الغربي تاركة نصفها الشرقي للتوسع الروسي. ان اصحاب الرأي القائل بأن الحرب الباردة بدأت عام 1945 او بعده لاينظرون الى تأريخ الولايات المتحدة نظرة عامة شاملة على اساس انه كلّ مترابط.وان هذا الرأي نابع من نظرة جزئية محاطة بظروف ومسببات مباشرة مبنية على اساس الفعل ورد الفعل.والحقيقة ان تأريخ الولايات المتحدة هو حلقات متصلة لانه مبني على فكرة واحدة لازالت قائمة حتى وقتنا الحاضر.وانطلاقا من الفكرة القائلة بأن (النظرة الكلية تعطي صورة أوضح للأمور)فأننا نرجح الرأي الذي يعود بجذور الحرب الباردة الى نهاية القرن التاسع عشر.ونحن لاحظنا سابقا ان احد اسباب اعلان (مبدأ مونرو Monroe Doctrine)-سالف الذكر هو امتداد التوسع الروسي الى مناطق النفوذ الامريكية.اما القول بأن امر الخلاف بين القوتين اعلاه لم يكن ممكنا في اية "فترة تأريخية سبقت الحرب العالمية الثانية"فهو دليل واضح على النظرة الجزئية لتأريخ هذه الدولة،بل ان صاحب هذا الرأي قد تجاهل تماما كون الولايات المتحدة كانت من اشد منتقدي الثورة البلشفية عام 1917م. بل وهناك التقاطع الكلي بين القوتين بعد ذلك الوقت حتى ان الولايات المتحدة لم تدخل الحرب العالمية الاولى حتى خروج الثانية منها.الا ان الظروف التي احاطت بالولايات المتحدة في الداخل والخارج بعد الحرب العالمية الاولى وما نتج عنها من ابتعادها النسبي عن الساحة الدولية ابعد احتمالية نشوب حرب مباشرة بينهما. ومهما تعددت الاراء حول هذه الحرب فاِن الحادثة المتفق عليها بأنها البداية الفعلية والمباشرة لهذه الحرب كانت بعد الحرب العالمية الثانية،وتحديدا على اثر خطاب ونستون تشرشل الذي القاه في الخامس من اذار/ مارس من العام1946م في مدينة (فولتون-Fulton) في ولاية ميسوري الامريكية.فقد قام "تشرشل" بتمجيد القوة الامريكية مقابل تحشيد العداء ضد السوفيات،ودعا الشعوب الناطقة باللغة الانجليزية ان توحد جهودها لايقاف التوسع السوفياتي في شرق اوربا. واذا كان هذا الخطاب هو العلامة الواضحة لبداية الحرب الباردة ،فانه لم يأت من فراغ.بل كانت هناك حوادث وافعال قد مهدت له وجعلته بالشكل الذي يبدو نقطة بداية انطلق منها المؤرخون والباحثون.ومعظم هذه الحوادث والافعال تعود الى فترات سبقت الحرب العالمية الثانية.
من البديهي ان الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي كانتا قوتين متناقضتين ايديولوجياً،وهذا التناقض تبعه تناقض سياسات كل منها الامر الذي يصب في تقاطع المصالح.ولما كان الامر كذلك نستطيع القول ان كلاً منهما قد تجنبت الأخرى لفترة طويلة نسبيا "يمكن ان نحدد هذه الفترة (من عام 1917 م وحتى 1933) حيث مثل التأريخ الاول قيام الثورة البلشفية وبروز التناقض الايديولوجي بين الطرفين،بينما يمثل التأريخ الثاني عودة العلاقات الدبلوماسية حينما ادرك فرانكلين روزفلت ان الاتحاد السوفياتي اصبح قوة لايمكن تجاهلها لاسيما بعد ان دمرت الازمة الاقتصادية العالمية (1929-1933م) معظم الاقتصاديات الرأسمالية وحفاظ الاتحاد السوفياتي على قوة اقتصاده"،ثم جمع بينهما عدو مشترك (المانيا النازية) فاشتركتا جنبا الى جنب مع بريطانيا في الحرب العالمية الثانية،الا ان هذا الاشتراك لم يخل من التوجس والشك في النيات من الطرفين.ففي عام 1942 م كان ستالين قد طلب من الحليفتين الديمقراطيتين فتح جبهة ثانية ضد الالمان في غرب اوربا،لتعزز الجبهة الشرقية التي يقودها.الا ان فتح الجبهة تأخر حتى منتصف عام 1944م،الامر الذي اثار استياء ستالين الذي رفض الاعذار التي قدمها الحلفاء،ووجه الى تشرشل على وجه الخصوص،لاعلانه ان الحلفاء لن يقوموا بفتح الجبهة الثانية الا بعد التأكد من ضعف القوة الالمانية،لكي تتجنب قوات الحلفاء الخسائر البشرية الكبيرة.وبالنسبة لستالين فقد ادرك ان تشرشل يقصد التضحية بالجيش السوفياتي من اجل الحفاظ على ارواح القوات البريطانية والامريكية.
وربما ان الدولتين الديمقراطيتين رأتا في تأخير فتح الجبهة،فرصة ذهبية لضرب عصفورين بحجر واحد.فالولايات المتحدة كانت قد ادركت،انه بمجرد القضاء على المانيا وزوال خطرها فاِن الاتحاد السوفيتي سيصبح قوة مسيطرة على شرق اوربا دون منافس،لاسيما بعد الانتصارات التي حققها هناك.وبما ان المانيا تشترك مع الاتحاد السوفيتي في التناقض الايديولوجي مع الدول الديمقراطية،اذن تأخير فتح الجبهة كان اعظم فرصة لضرب المانيا والاتحاد السوفيتي بحجر الحرب.والمحصلة ان ضعف أي منهما سوف يصب في مصلحة الدول الديمقراطية.
وكان "تشرشل" قد اقنع" روزفلت" بضرورة القيام بعملية انزال في شمال افريقية قبل فتح جبهة غرب اوربا بحجة انه لايمكن الوصول الى هناك دون اخضاع شمال افريقية،وتماشى" روزفلت" مع هذا الرأي مع ادراكه ان ما يهم تشرشل هو استعادة شمال افريقية التي شكلت،على مدى طويل من الزمن،اهمية كبيرة للامبراطوريتين البريطانية والفرنسية.وبعد ان تم لرئيس الوزراء البريطاني ما اراد ادرك روزفلت ضرورة ان يكون للجنود الامريكين دور على الساحة الاوربية،وحاول تدارك الامر بدعوة كلا حليفيه للاجتماع في (الدار البيضاء - Casablanca) في كانون الثاني/يناير1943م.الا ان "ستالين" اعتذر عن الحضور بحجة انشغاله بمواصلة العمليات العسكرية لكنه اكد على ضرورة فتح جبهة ثانية بأسرع وقت.كان ذلك هو التوتر بين ستالين وحلفائه وبداية الشك في نياتهم،ذلك الشك الذي كان له دور خطير في تحديد نوعية العلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية لاحقا، استمر ستالين بقيادة الجبهة الشرقية دون معاونة حلفائه وتمكن من ايقاف تقدم القوات الالمانية في ستالين غراد.وعلى الرغم من انه كان يواجه (80%) من المجموع الكلي للجيش الالماني الا انه تمكن من تحقيق النصر. بعد ستالين غراد ادركت الولايات المتحدة ان حجر الحرب اخطأ (الاتحاد السوفياتي)واصبح ستالين،مع استيائه من عدم فتح الجبهة الثانية يثير قلق الحلفاء لاسيما بعد ان استدعى سفيريه في واشنطن ولندن الامر الذي أثار خشية الحليفتين الديمقراطيتين من قيام حليفهما الغاضب بالانتقام لنفسه ومصالحة المانيا عن طريق اليابان،لاسيما انه حتى ذلك الوقت لم يكن قد اعلن الحرب على الاخيرة.لذا بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا بالتخطيط لاشراكه في جبهة الشرق الاقصى(ان للاتحاد السوفيتي مصالح في هذه المنطقة تماما كما هو الحال مع بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة.وشهد تأريخها تنافس استعماري منذ فترات زمنية طويلة). وبدأ المخطط بالدعوة الى اجتماع تمهيدي في موسكو،في تشرين الاول/اكتوبر 1943،ضم وزراء خارجية الدول الثلاث وحاول الحلفاء اعادة ثقة الاتحاد السوفيتي في وعودهم وتم الاتفاق على عقد مؤتمر اخر عقد في طهران في تشرين الثاني/نوفمبر 1943،وفيه تم ارضاء رغبة ستالين بتحديد تأريخ نهائي لفتح الجبهة الثانية وذلك في الاول من ايار/مايو1944م،ومقابل ذلك حاول الحلفاء اقناع ستالين بالاشتراك في جبهة الشرق الاقصى الا انه رفض اعلان الحرب على اليابان لكنه وعد بذلك بعد القضاء على هتلر.
من المعروف ان "ستالين" حتى ذلك الوقت وجه كل ثقله نحو الجبهة الشرقية في اوربا فكان من المجازفة ان يشارك في جبهة الشرق الاقصى سيما ان الامر يتطلب ان يوجه جزءاً غير قليل من قواته الى هناك.لذا فضل ان يتم اولا اضعاف القوة الالمانية الى اقصى حد ممكن. ومن زاوية اخرى ربما يكون ستالين قد اراد ان يصّعد من قلق حلفائه بشأن مصالحته مع المانيا عن طريق اليابان لكي يعجلوا بفتح الجبهة الثانية ومما يؤكد ذلك انه اعلن الحرب على اليابان بعد فتح الجبهة الثانية وليس قبلها. قد تكررت شكوك "ستالين" في نيات حلفائه عندما طلب منهم في المؤتمرات التي عقدت في اثناء الحرب على ان يقوم بعد الحرب بضم دول البلطيق،واجزاء من بولندا،وفلندا،ورومانيا الى الاتحاد السوفيتي،حيث ان هذه المناطق كانت في السابق تحت سلطة روسيا القيصرية واسترجعها من" ستالين" في عام1939م.بموجب الاتفاق الذي عقده مع هتلر الا ان الحرب عرقلت هذا الاتفاق.وكان روزفلت يرى ان تؤجل التسويات لحين انتهاء الحرب.
انتهت الحرب في عام 1945م وبدا جليا ان الاتحاد السوفياتي قد خرج وهو قوة عظمى وحقق نصرا عسكريا وسياسيا،فقد سيطرت جيوشه على معظم شرق ووسط اوربا،وتحطمت المانيا على يديه،كما ان استسلام اليابان مكنه من استعادة ما خسرته روسيا القيصرية في عام 1903م ،ان هذا الوضع وضعه اوتوماتيكيا بمواجهة الولايات المتحدة لاسيما بعد خلو الساحة الدولية من اية قوة اخرى،فأصبحت هناك قوتان طموحتان في عالم مدمر ومنهك القوى،فضلا عن وجود تراكمات عدائية بعيدة الجذور بينهما.
اضافة الى ما تقدم فقداختلف الموقف جذريا من المعاهدات التي عقدت في اثناء الحرب وتعالت اصوات في داخل الولايات المتحدة منددة بهذه الاتفاقيات بعدَّها خيانة للمصالح الامريكية،وقامت جماعات الضغط بدور خطير في هذا المجال،فضلا عن معارضة الحزب الجمهوري برئاسة (روبرت تافت-Robert Taft)،حيث ذهب هؤلاء الى التشكيك في صحة اشتراك الولايات الى جانب الاتحاد السوفياتي في هذه الحرب.
إن شعار "المنافسة الإستراتيجيةStrategic Competition " الذي رفعه الجمهوري جورج بوش الابن لوصف طبيعة العلاقة في عهده بين أمريكا والصين كمثال، والذي يبدو وكأنه مختلف أو ربما متناقض مع شعار "الشراكة الإستراتيجيةStrategic Partnership " الذي رفعه سلفه الديمقراطي بيل كلينتون، هو في حقيقة الأمر لا يعكس أي تغيير حقيقي في السياسة الأمريكية تجاه الصين. وهذا الأمر ينطبق أيضا على الشعارات الأخرى مثل "الاحتواء" و"الارتباط البناء". إن المتغير في السياسة الأمريكية تجاه الصين هو الأساليب والشعارات وشكل الخطاب السياسي، لكن مضمون هذه السياسة ظل هو هو منذ زيارة نيكسون إلى الصين عام 1972. لقد أدرك الصينيون أن وصول بوش الابن إلى الحكم لا يعني تغييرا حقيقيا في السياسة الأمريكية تجاههم. وهذا ما أكده الرئيس الصيني جيانغ زيمين عندما قال: "إني لا أملك نظرة ساذجة أو رومانسية "حتى أعتقد" بأن الشراكة الإستراتيجية التي اقترحها الرئيس "كلينتون" هي خالية من الصراع والاحتواء؛ إنها تحتوي على الاثنين. وبالمقابل فإني لا أظن "أيضا" بأن المنافسة التي تحدث عنها السيد بوش لا تحتوي على أي عنصر فيه تعاون."
أما خطوط السياسة الأمريكية المعلنة تجاه الصين فرغم تعاقب الإدارات الحاكمة في أمريكا ورغم تغيير أسماء السياسات المعلنة تجاه الصين، إلا أن جوهر السياسة الأمريكية لم يحدث عليه تغيير جذري أو حقيقي منذ زيارة نيكسون التاريخية إلى الصين عام 1972م. ويتلخص جوهر السياسة الأمريكية تجاه الصين كما جاء في تقرير البيت الأبيض فيما أعلنه بقوله: "إن سياستنا تجاه الصين هي مبدئية وبراغماتية معا: توسيع مجالات التعاون بينما نتعاطى بصراحة مع خلافاتنا. إن محاولة عزل الصين "عمل" بكل وضوح غير ممكن. إنه حتى أصدقاؤنا وحلفاؤنا حول العالم لن يساندوننا "في ذلك"؛ إننا لن ننجح سوى في عزل أنفسنا وسياستنا ذاتها".
أن أهم أهداف التغلغل الأمريكي في آسيا الوسطى والقوقاز هو السيطرة على الثروات الهائلة من النفط والغاز الموجودة في بحر قزوين وكذلك عزل روسيا وإبعادها عن مجال نفوذها السابق، لكن من المؤكد أيضا أن من أهداف هذا التغلغل الأمريكي في هذه المنطقة الإستراتيجية هو محاصرة الصين ومنعها من مد نفوذها غربا باتجاه آسيا الوسطى وربما أيضا الضغط عليها (في المستقبل وإذا اقتضت حاجة أمريكا ذلك) عبر تشجيع بعض الحركات الانفصالية لقوميات صغيرة في غرب الصين مثل إقليم سينكسيونغ ذي الغالبية المسلمة. فروسيا والصين يشتركان في التخوف من أن تستغل أمريكا قضايا حقوق الإنسان والأقليات في بلديهما لإثارة الرأي العام الدولي ضدهما. فقد سبق لأمريكا أن حركت أكثر من مرة ملف حقوق الإنسان في الشيشان وعينت منسقا خاصا لشؤون التيبيت في وزارة الخارجية الأمريكية منذ عام 1997م.
فاشتراك الصين وروسيا في الإحساس بهذا الخطر الأمريكي في آسيا الوسطى دفعهما إلى تسوية مشكلة الحدود التي ظلت محل نزاع بين البلدين لنحو 300 سنة. فأثناء زيارة بوريس يلتيسن لبيكين بين 9 و11 تشرين الثاني/ نوفمبر 1997 تم التوقيع على إعلان مشترك يؤكد انتهاء عملية ترسيم الحدود المشتركة بين روسيا والصين الممتدة على طول 4300 كلم، ولم يبق إلا قطعتين صغيرتين لم يتم ترسيمها بعدُ. ومنذ زيارة يلتسين إلى بيكين بدأت علاقات الصين التجارية مع روسيا في النمو. وبعد زيارة يلتسين إلى بيكين عام 1997، جاءت زيارة جانغ زيمين إلى موسكو في تموز /يوليو 2001م ليتم فيها التوقيع على "اتفاق الصداقة والتعاون" بين الصين وروسيا. وقد وصف بوتين هذا الاتفاق بأنه "اتفاق القرن الجديد". بينما قال زيمين بأن روسيا والصين صارتا بموجب هذا الاتفاق: "جارتين حسنتين، وشريكين حسنين، وصديقين حقيقييْن لكل الأوقات". وأكد الطرفان "أن الاتفاق ليس نوعا جديدا من العلاقات بين الدول وليس موجَها مباشرة ضد بلد ثالث". ومن الواضح أن المقصود هو تطمين أمريكا بأن هذا الاتفاق ليس حلفا جديدا موجها ضدها، رغم أنهما يشتركان في رفض مسألة نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي (NMD) ويتمسكان باتفاقية عام 1972م الخاصة بالحد من الصواريخ البالستية (AMB) التي يعتبرانها "حجر الزاوية في الاستقرار الإستراتيجي".
ان جوهر الصراع الخفي بين القوى الكبرى في عالم اليوم هو "الغاز" وماتدور من احداث وتغيرات في الشرق الاوسط انما هي احداث في غايتها الامريكيه الوصول الى بوابة الغاز اي السيطره على اسيا الوسطى المليئه بالثروه الغازيه( حيث تشكل آسيا الوسطى مصدراً مهماً للطاقة، خاصة وان تقديرات وزارة الطاقة الامريكية تشير الى ان هذه المنطقة وبحر قزوين المتاخم لها يحتويان على ثاني اكبر احتياطي للنفط بعد الخليج الفارسي (17،6 مليار برميل) والأول للغاز الطبيعي في العالم (65 تريليون قدم مكعب) . وعلى الرغم من ان الاحتياط النفطي قد لا يرقى لمخزون دول الخليج والشرق الاوسط وشمال افريقيا، غير انه يظل قادراً على تقديم بديل للطاقة في القرن الواحد والعشرين اذا ما انخفضت معدلات انتاج النفط في اماكن اخرى من العالم لاسباب سياسية، كما انه يتوقع بحلول 2015 انكماش وتراجع الاحتياطات النفطية لبحر الشمال والاسكا) ،في العام 1992م تم اقرار "اتفاقية كيوتوKyoto Protocol "للحد من انبعاث الغازات الى الجو ولمنع ازدياد شدة الاحتباس الحراري وتغييرات المناخ وبعد سنتين اي في العام 1994م الزم الاتحاد الاوربي نفسه بهذه الاتفاقيه منذ هذا التاريخ اصبح الغاز اهم من النفط وفتحت صفحة الصراع من اجله في العام 1995م عقدت صفقه في قطر تم بموجبها حدوث انقلاب في قطر واستولى الابن على مقاليد الحكم واطاح بأبيه والقصه معروفه للجميع وفي هذه الاثناء تم ترسيم الحدود مع ايران وبدأ استخراج الغاز لتلبية الطلب الاوربي فكان البدء بتسييل الغاز القطري لانه من غير المعقول والممكن تصديره كغاز اي مد انابيب من قطر الى اوربا انما يتم تسييله لنقله من خلال البواخر وتصوروا قطر تصدر الغاز المسال الى اوربا بينما البحرين وسلطنة عمان تشتريان غاز من مناطق بعيده في الوقت الذي يكون فيه الغاز القطري مخصص للسوق الاوربيه من اجل منافسة الغاز الروسي حدث كل هذا بعد ان قامت واشنطن بأشعال الصراع وعدم الاستقرار في الشيشان ويوغسلافيا (بواسطة الافغان العرب)،في العام 1996م أمسك بوتين بزمام الامور جراء الوضع الخطير في الشيشان واعلن عن تأسيس (شركة غاز بروم Gazprom) اليوم الحاكم الفعلي لروسيا واكبر مستخرج للغاز الطبيعي في العالم حالها حال الشركات النفطيه الامريكيه التي تحكم امريكا ،واشنطن تدرك خريطة الغاز في المنطقه وتشمل كل من تركمانستان واذربيجان وايران ومصر وهي تعلم في وجوده ايضاَ في ساحل البحر الابيض المتوسط مابين فلسطين ولبنان وقبرص وادركت واشنطن ان السيطره على هذه المنابع تعني استمرار سيطرة امريكا وانفرادها وبقائها قطب واحد يدير العالم (الحرس الوحيد)فهي قادره على منافسة الغاز الروسي وكون غاز اذربيجان وتركمانستان من الصعب الوصول اليعهما كونهم في منطقة النفوذ الروسي فان الوصول لهما سيكون سهلاَ في حال سيطرت الولايات المتحده على غاز المتوسط وزودت اوربا بالغاز المتوسطي عندها تكون روسيا عاجزه عن شراء الغاز من اسيا الوسطى والتي سترغم على الدخول في النفق الامريكي ولكن الحصول على الغاز في المتوسط يحتاج الى سلام (الحارس الجديد)ومن هنا بدأت بالتحرك منذ العام 1996م حيث الحرب على لبنان من قبل حليفها اسرائيل في عملية عناقيد الغضب من اجل فرض سلام مع لبنان والذي سيؤمن امدادات الغاز لكن فشل هذا الصراع وفي العام 2000م تحرر جنوب لبنان وللمصادفه ايضاَ فقد وصل "بوتين" الى السلطه في نفس العام على اثر موت "يلتسين".
ادركت الولايات المتحده ان الغاز القطري اصبح عاجز عن المنافسه في السوق الاوربيه وان النفوذ الروسي في تزايد مستمر في اوربا مع ازدياد الطلب على الغاز ليس هذا فحسب انما بدأت موسكو بالانتعاش الاقتصادي وتستعيد عافيتها عندها قررت امريكا التحرك وكانت احداث مبنى التجاره العالمي في امريكا في الحادي عشر من ايلول هو مقدمه الهجوم الامريكي كرد على هزيمة اسرائيل في لبنان ووصول بوتين الى السلطه والتقارب الصيني الروسي بعد توتر دام عقود خلال الحرب البارده وسقوط بعض مناطق نفوذ واشنطن في امريكا الجنوبيه وكانت البدايه احتلال افغانستان وطبعاَ الهدف هو قطع طريق الترانزيت عن الصين ومحاصرتها ومحاصرة روسيا من جهة ثانيه ومحاصرة ايران.
في العام 2002م عقدت واشنطن صفقه مع رجب طيب اردوغان وعبدالله جول حيث انقلبا على معلمهم "نجم الدين اربكان" الذي كان يرأس "حزب الرفاه" التركي ويرأس الحكومه التركيه وكان اوردغان وجول اعضاء فيه فقد اسسا حزب العداله والتنميه ليصبح عبدالله غول اول رئيس حكومه اسلامي في تركيا ومثلما كان الانقلاب في قطر سببه الغاز كلن الانقلاب في تركيا سببه الغاز فمع ظهور حزب العداله والتنميه اعلنت واشنطن عن خط غاز "نابكو Nabucco Pipeline" حيث يتم نقل الغاز من تركيا الى النمسا عبر بلغاريا ورومانيا والمجر ،الخط سيجري من ارضروم في تركيا وقد سمي هذا المشروع باسم "نابكو" نسبة الى مقطوعه موسيقيه كلاسيكيه من تاليف "جوسبيه فيرديGiuseppe Verdi"يتكلم فيها عن مايسمى سبي نبوخذ نصر لليهود.بعد عام واحد من عقد هذه الصفقه تم احتلال العراق في العام 2003م من دون شك ان واشنطن تدرك ان الغاز في اسيا الوسطى محال ان يصلها لكن ماكانت لم تدركه موسكو ان غاز البحر المتوسط هو ماكانت تريده واشنطن او تخطط له فعندما اعلنت واشنطن عن خط نابكو كانت تعتقد موسكو ان هذا الخط قد ولد ميتاَ، لكن واشنطن كانت تخطط اولاَ للحصول على الغاز المصري (ولاادري هل عرفت مصر لماذا كانت قصة ان الرئيس المخلوع مبارك قام بتصدير الغاز بسعر اقل من السعر العالمي حيث لم يكن اصلاَ هناك سعر عالمي وان روسيا قررت عمل بورصه للغاز فقط في العام 2011م )وساحل المتوسط فلسطين ولبنان وقبرص ومع تقسيم وتدمير سوريا ستحصل حكما بلا حرب على الغاز الإيراني والمتوسطي وبالتالي حكما لن تستطيع بعدها موسكو شراء الغاز الأذري فبذلك تفقد موسكو نفوذها في المتوسط وأوروبا ووسط آسيا دفعة واحدة وتكون واشنطن سيطرت على العالم للأبد، نابوكو يجمع غاز المنطقة في تركيا ليصدر إلى أوروبا دون المرور في اليونان ( طبعا عارفين حكاية افلاس دوله اليونان وزيارة الرئيس مبارك التاريخية لليونان والقمة المصرية اليونانية لدعم الشعب اليوناني عام 2010 م) فتتحول بذلك تركيا إلى دولة ثرية بالترانزيت الذي يفترض أن يبدأ بـ 31 مليار متر مكعب و يصل إلى 40مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي ولهذا أردوغان الذي يدرك أن الوصول في البداية إلى غاز وسط آسيا مستحيل لذا أشرف بنفسه على زيارة القاهرة لدعوتها للتوقيع على اتفاق نابوكو ( ولم يدرك احد وقتها سر تروي الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك في الموافقة على ذلك الامر وهو ما ادي لتاخر ذلك المشروع بسب التروي في الدراسات الخاصة به حتي عام 2017م بدلا من عام 2014م ). تحاول امريكا تهميش الدور الروسي في اسيا الوسطى لذلك نرى مشاركة واشنطن في إنشاء خط أنابيب الغاز الطبيعي، الذي ينقل 100 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي من حقل " دولت آباد دونميز " بتركمانستان إلى أفغانستان، ومنطقة جاوادار الساحلية في باكستان، حيث تبني إسلام آباد هناك ميناء كبيراً، وسيتم تحويل غاز تركمنستان إلى غاز طبيعي سائل ولكن على الرغم من المحاولات الامريكية لتهميش الهيمنة الروسية على الثروات الطبيعية لآسيا الوسطي في قطاع النقل بالانابيب، لا تزال شركة غازبروم الروسية تهيمن على قطاع نقل الغاز في آسيا الوسطى دون منازع. وقد شكّل الإتفاق الذي تم مؤخراً بين روسيا وكازاخستان وتركمنستان على بناء انبوب غاز طبيعي في شمال بحر قزوين انتصاراً لروسيا وصفعة للأوروبيين والأميركيين.
لقد كانت الولايات المتحدة تأمل بنقل الغاز من تركمنستان الى تركيا وبعدها الى اوروبا من دون المرور بالأراضي الروسية وذلك بهدف التخفيف من اعتماد اوروبا على مصادر الطاقة الروسية، الأمر الذي دفع صحيفة "زود دوتش تسايتونغ" الألمانية التأكيد على أن بوتين «مرّغ أنف الغرب بالتراب» أو بالغاز.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد اشرف مباشرةً على تحقيق اهداف " دبلوماسية الطاقة الروسية "لذا اختار القيام بجولة في آسيا الوسطى على رأس وفد كبير، يضم ممثلين عن شركات الطاقة الروسية الكبيرة في اطار محاولات بلاده تقريب هذه الدول الى سياستها وإبعادها عن فلك السياسة الأوروبية والأميركية او حتى الأيرانية والصينية. وكانت استانة عاصمة كازاخستان - حليف روسيا الكبير - اولى محطات جولة بوتين الآسيوية التي خرجت منها موسكو بتعهدات كازاخية تقضي بتصدير القسم الأكبر من نفطها وغازها عن طريق روسيا. ووقعت عدداً مهماً من الاتفاقات في مجالات النفط والغاز والطاقة النووية وبناء المركز الدولي الأول المشترك لتخصيب اليورانيوم.
إلى جانب الغاز زاد الطلب الأوروبي على الوقود الحيوي, الذي بدأ من 1% وارتفع إلى 7% وسيصل إلى 10% وبالتالي نسبة 10% من الوقود الحيوي ستكون من ضمن وقود الإتحاد الأوروبي وبدأ صراع روسي أمريكي على الوقود الحيوي فقامت واشنطن ودون سابق إنذار بقطع القمح عن مصر أكبر مستورد للقمح في العالم كي تمنع موسكو من بيع المزيد من الوقود الحيوي في السوق الأوروبية وكلنا يتذكر أزمة القمح المصرية حين قامت سوريا بمساعدة مصر من مخزونها الإستراتيجي والسودان إلى جانب غناه بالنفط والغاز مرشح لأن يكون أكبر مصدر للوقود الحيوي في العالم، واشنطن وضمن الصفقة مع أمير قطر تم إنشاء "شركة كافاك القطرية للإضافات البترولية "وبدأت قطر بالاستثمار في السودان لحساب واشنطن أي أن الولايات المتحدة وضعت قاعدة عسكرية في قطر لبدء استخراج الغاز والوقود الحيوي وكان هناك في السودان صراع خفي أشعل السودان حيث جن جنون واشنطن من العقود بين السودان والصين للتنقيب عن النفط ودخول غاز بروم الروسية للسودان لاستثمار الغاز حتى وصل الأمر إلى استدعاء الرئيس السوداني إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمته على جرائم واشنطن في السودان كما حوكم سابقا ميلوسوفيتش على جرائم الناتو والأفغان العرب في يوغسلافيا ولكن الصين التي غيرت إستراتيجيتها القتالية وأصبح بمقدورها شن ضربات استباقية للحفاظ على الأمن القومي الصيني ومعها السودان شنوا هجوم مضاد من خلال دعم التمرد في تشاد التي تصدر الإرهاب للسودان . هنا حين وصل ثوار تشاد إلى تخوم العاصمة التشادية أوقفت واشنطن مهزلتها وعدوانها في السودان عبر صفقة قذرة وهدأ إقليم دارفور ونسي العالم أن الرئيس السوداني مطلوب للمحكمة الدولية ولكن أمريكيا التي هزمت جزئيا في تلك المعركة بسبب دور القذافي بدأت بإستراتيجية جديدة من خلال التضييق على إمدادات الصين من السودان فلم تنجح بضرب السودان فقررت ضرب خط الإمداد فأصبحت بحاجة إلى الصومال ولكن قلبت الموازيين في وجهها مع ظهور المحاكم الإسلامية فقامت قطر بالتدخل لحساب واشنطن واشترت زعيم المحاكم الإسلامية بالمال وذلك تحت وقع ضربات القوات الإثيوبية وبدأ أعمال القرصنة في مضيق باب المندب وكانت تدار من دبي ويرسل للقراصنة السفن المستهدفة البعيدة عن القطع العسكرية عبر رصدها بالأقمار الصناعية وكانت بداية لإشعال المنطقة فاشتعل اليمن في الشمال من قبل الحوثيين وفي الجنوب من قبل الانفصاليين وطبعا هناك دور قوي للاخوان المسلمين علي غرار تنظيم القاعدة ودخلت بالفعل قوات روسية وصينية إلى المياه لحماية المضيق من القراصنة وقبضوا على الكثير من القراصنة حتى أصبحت القرصنة تثقل كاهل من يديرها في الخفاء خاصة مع قيام بعض السفن المصرية بالتمرد علي هؤلاء القراصنة مع اسر بعضهم بالفعل في حركة قام الاعلام المصري بالسخرية منها . وكما ظهرت القرصنة فجأة اختفت القرصنة فجأة باشتعال اليمن في ثورات لقوى متصارعه ولم تنجح واشنطن في شرب إمدادات النفط الصيني من السودان و لازال الصراع قائماً على منطقة أبيي الغنية بالنفط بين شمال وجنوب السودان.
التعليقات (0)