كن كالوتد..
بينما كنا نتجاذب أطراف الحديث أنا وصديقي الإخواني في أحد لقاءاتنا, والتي كانت هادرة في تواليها إبان ثورة الخامس والعشرين من كانون ثان ثم ما لبثت أن اكتنفتها الندرة بمرور عام على الثورة, باغتني بالسؤال:
أعلم أنك كنت عضواً بالحزب الوطني المنحل, بل كنت قطباً من أقطابه في المدينة عندما ترأست لجنة المتابعة التي كانت تدير المجلس الشعبي المحلي, فلماذا تركت كل هذا وانضممت لصفوف المعارضة, بل أنك ترشحت لعضوية مجلس الشعب كمرشح وحيد لحزب الوفد المعارض في انتخابات مجلس شعب 2010 , ما الذي حولك مائة وثمانين درجة؟
فكانت إجابتي: كن كالوتد
سألني صديقي الإخواني باندهاش:
كن كالوتد !!!
وقبل أن أسترسل, (الوتد لمن لا يعرفه هو قطعة من ساق شجرة طولها حوالي النصف متر وقطرها حوالي العشرة سنتيمترات, مدببة من أحد جانبيها كالمسمار تستخدم لربط الماشية في حقول البرسيم حتى لا تتحرك بعيدا).
قلت له :
سبب تركي للحزب الوطني الحاكم وانتقالي لصفوف المعارضة هو لفظة كن كالوتد, وقصة كن كالوتد حدثت معي عندما كنت في إحدى جلسات المجلس الشعبي المحلي وانفعلت معارضاً لأمر ما, وكان يجلس بجواري زميل لي وبعدما انتهيت من معارضتي بادرني بالقول:
لن يكون لك مستقبل سياسي على الاطلاق, طالما أنك على هذه الشاكلة, أنا عندما تتلمذت على يد معلم سياسة كان أول درس لي هو, (كن كالوتد).
فاستهجنت الكلمة, فأضاف, الوتد عندما يدخل الخدمة (السياسة) يكون مستقيم العود, يستحمل طرق المطارق (الأعلى مرتبة) فوق رأسه, ويستمر على هذا المنوال حتى تتشقق رأسه وتغلظ, هنا فقط يكون قد اكتسب الخبرات وتبوأ مكانة عالية فيتحول من وتد إلى مطرقة يطرق هو فوق الأوتاد الجديدة (من هم أحدث منه).
هذا هو سبيلك الأوحد في العمل السياسي لو أردت لنفسك مستقبلاً سياسياً.
وهنا هممت بالوقوف وقلت:
لن أكون وتداً تطرقه مطارق أصنام الحزب الوطني, ولن أمضي عمري منتظراً أن أتبوأ مكانة بين من تحطمت رؤوسهم وغلظت من طرق من هم أعلى منهم مكانة, بل ولن أستمر معكم في مجلس الهزل هذا, وغادرت المجلس المحلي بغير رجعة, ولم أدخله هو أو مقر الحزب منذ تلك اللحظة حتى يومنا هذا.
قهقه صديقي الإخواني كثيراً وأردف: أوتاد الحزب الوطني هم سبب ضياع البلد.
فقلت له: وماذا عن أوتادكم أنتم؟
فامتعض وقال: ليس لدينا أوتاد.
قلت: كيف؟ وما هي الطاعة العمياء؟
وهل تستطع مخالفة الجماعة في الرأي؟ كأن تنتخب مثلاً مرشحاً رئاسياً بخلاف من تحدده الجماعة؟
فقال: بالتأكيد مجلس شورى الجماعة أعلم وأفقه واختياره سيكون للأصلح.
فقلت: أصبت كبد الحقيقة, قال كثيرون هذا الكلام عن لجنة السياسات بالحزب الوطني.
فقال: حاشا, شتان بين شرع الله وشرع جمال مبارك.
فقلت: نعم شتان بين شرع الله وشرع جمال مبارك
مجدي المصري
التعليقات (0)