مواضيع اليوم

كنا .. خير أمة !

أحمد سالم عبدالله

2010-09-21 19:41:40

0

من العجيب أن نكره بعضنا ، وأن نتبارى في العنصرية ، وأن نمتاح من قصص التاريخ أسوأها وأكثرها إيلاماً للإيغال في تربية الكره ومراكمة الغضب !
ما زلنا نعيش في التاريخ ، نوع من النوستالجيا المرضية ، نأكل ونشرب ونمتهن لوك التاريخ وبصقه ، ثم نعود ونجتره كأضل الأنعام !
غضب يعمي بصائرنا وبصيرتنا بسادية أضحت مازوشية دون أن نملك من إرادتنا سوى لعن الآخر وتحميله كل خطايا إبليس !
هو الآخر لعنتنا ومصيبتنا وسبب ما يلحق بنا من هزائم ومذلة وهوان !
لا كرامة لنا والسبب هذا الملعون الذي يتناسل الملاعين !
هو الشيطان بكامل عدّته الرمزية !
هي حفلة جنون لا تسكن إلا عبر قرابين الدم !
يجب أن يراق الدم لنشعر أننا قادرون على الإمساك بزمام حياتنا !
هو الآخر ، عليه أن يزول من حقلنا البصري ، من الوجود ، ومن ذواتنا !
ربما ، إن ذبحناه ، نقدر على التخلص من هذه اللعنة !
فلنذبح أنفسنا ليل نهار !
فلنقتتل على التاريخ والهوية والجغرافيا وكله بإسم الدين ! كله بإسم المذهب !
وكله يهون ويرخص ويضحّى في سبيله من أجل نقاء المذهب ! من أجل نقاء التاريخ ممن سوّد صفحته !
هو التاريخ عقدتنا !
هو التاريخ مؤسس ثقافتنا وهويتنا !
ثقافة مبنية على الكره والغضب وإراقة الدماء !
نقتل بإسم الدين ، لا .. بل نقتل بإسم المذهب !
وكل من يحمل شعار "لا إله إلا الله" هو لنا عدو !
وكل من لا يحمل هذا الشعار هو كافر دمه وعرضه وماله حلال !
كل مخالف لنا في أصل أو فرع أو شعيرة يجب أن يزال من الوجود ، لأننا لا نسمح لتاريخنا أن يحتوي سوى ما نريد ، ولا نريد في حاضرنا سوى ما يشبهنا في كل شيء ، ونملك مقدرة معرفة النوايا الخبيئة ، ومن تتزعزع نواياه ، ننزع روحه !
نحن لا نؤمن سوى بالقتل هوية لنا ، ولا نؤمن بالتأويل والإجتهاد ، فما أنتجه لنا أسلافنا لا نقدر على مجاراته أو فهمه ، نحن نملك فقط أن نجتره ونعيد ترديده كالببغاء دون عقلنة أو تدبر !
ويموت كبار أمتنا ... بالطبع سيموتون ! وهم كل يوم يموتون ...! ونمعن في قتلهم لأنهم مرآة ذواتنا المهترئة والعفنة !
مات نصر حامد أبو زيد ، ومحمد حسين فضل الله ، ومحمد عابد الجابري ، ومحمد أركون ...
وكل يوم نهرب من وجوههم ، وكل يوم نختبئ خلف جثة أجسادنا عسانا لا نرى !
ونمعن في القتل أكثر ...
ونمعن في تعذيب الآخر والتمثيل به !
شهوة الدماء طغت ... فأعمت قلوبنا فهي غفل !
نحن لا نعرف من القرآن إلا رسمه !
نحن لا نعرف من الإسلام إلا إسمه !
نحن أمة الإسلام ... أفرغنا دين السلام والمحبة واليسر من محتواه !
لا .. لا يمكننا أن نقبل بدين يدعونا إلى تقبل الآخر !
لا .. لا يمكننا أن نقبل بدين يدعونا إلى تقبل الإختلاف ..
يدعونا إلى تعزيز الإختلاف ..
إلى الحكمة ..
إلى إعمال العقل ..
إلى الموعظة الحسنة ..
إلى المجادلة بالتي هي أحسن !
لا يمكننا أن نقبل هذا الدين الإلهي الرحيم !
لا يمكننا أن نقبل أن الله غفور رحمن عادل !
لا يمكننا أن نقبل كل هذا لأنه يحتاج إلى أن نظهر في الإنسان إنسانيته !!
يحتاج منا أن نعمل عقلنا لا أن نؤجره عند السلاطين أو عند وعاظهم !
لذا فصّلنا ديناً على قياسنا !!
فصّلنا الإسلام على شاكلتنا ... مليء بالعقد ... والمساوئ .. والحسد والبغض والنفاق والكره ونبذ الإختلاف والتعدّد ...!
وصل بنا الحال أن نفصّل إلهاً كإله التوراة ... إله دموي لا يغفر لنا خطايانا إلا إن تبنا عبر قرابين الدم ؛ فأصبحنا نرسلها يومياً !
نحن أمة مريضة ،
نحن أمة مريضة ،
نحن أمة مريضة ... ومصيبتنا أن داؤنا تاريخنا ! ودواؤنا تاريخنا !!




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !