كم هو جميل صوت الكناري وكم هو عذب لكن ماذا يقول ؟ وماذا يريد ؟ أنه يصرخ بصوت عالي يطلب شريكة حياته . أنه يعاني من الوحدة . أنه يبكي ويتالم من الوحشة . أنه كائن بائس يصرخ من شدة الألم . يصرخ ثم يصرخ ثم يصرخ . ( تعالي يا حبيبتي فقد طالت وحدتي و لم اعد أحتمل غربتي ... تعالي وأجلسي قربي وداعبيني وأشعريني بالحنان لأشعرك بالامان ) لكنه صراخ يشبه كابوس لا ينتهي . صراخ وصراخ وما من جواب . كابوس أبدي كانت له بداية وليس له نهاية . لماذا ؟؟؟ لأن هناك كائن يدعي الرقي أسمه الانسان يتمتع بسماع صرخات الكناري وندائاته اللانهائية . لان هناك كائن يتبجح بتسمية المشاعر الجميلة باسمه ويسميها ( المشاعر الانسانية ) لكنه لا يعلم ماهية هذه المشاعر . لو كان الكناري يعلم أن سبب مكوثه وحيدا بائسا هو اعجاب الانسان بصرخاته الحزينة لسكت الى الابد . لكنه قانون الغاب ( القوي ياكل الضعيف ) . تعسا للأنسان كم هو اناني وكم هو منحدر أخلاقيا من حيث يدري ومن حيث لا يدري . الأنحدار الاخلاقي يظهر حين يكون احدهم متفوق عقليا على غيره ويتمكن من تحقيق كل رغباته ويدعي أن كل ما يفعله جيد ومبرر .
ليس للعصافير قدرة على كتابة تاريخهم وليس للعصافير قدرة على تدوين معاناتهم لكن هناك من البشر من لهم أرواح طيور بريئة نقية . هناك من البشر من يملك روحا طيبة طاهرة تابى أن تقول ( عصفورا في اليد خير من عشرة على الشجرة ) وتقول بصوت متفرد تجسده الاديبة غادة السمان :
لا تصدقوا أيها العشاق الصغار
الذين لم تتشوهوا بعد
لا تصدقوا أن عصفورا في اليد
خير من عشرة على الشجرة !
بملء حنجرة أعماقي أقول لكم :
عصفور على الشجرة
خير من عشرة في اليد
فالعصفور على الشجرة هو البداية
هو دعوة للركض على قوس قزح
وانطلاقة فوق فرس بري
إلى عوالم حقيقة الذات
والعصفور في اليد هو كلمة " الخاتمة "
هو قفل في باب الخيال والهواجس
وقالب معد سلفا لسجن كل ما هو نبيل وفريد فينا !
التعليقات (0)