كان كُلُّ قوم من العرب إذا وجدوا ماء بئرهم أصبح مالحاً يقولون: يا رسول الله البئر عندنا ماؤه مالح فيقول: احضروا كوباً من الماء ويضع منه في فمه ويتمضمض ويضعه ثانية في الكوب ويقول لهم: ضعوا هذا الكوب في بئركم فيتحول إلى ماء عذبٍ فرات بأمر من يقول للشئ كن فيكون وهذا لم يحدث مرة أو مرتين بل كتب السيرة مملوءة بعشرات من هذه الروايات بمجرد وصول ريق رسول الله إلى الماء كيف يؤثر في عروق الماء نفسها أو النبع؟ هذا سرٌّ لا يعلمه إلا البديع عزَّ وجلّ وهذا الريق أيضاً شفاءٌ لكل الأمراض إذا كانت أمراض العيون أو أمراض البطن أو أمراض الجلد أو أي أمراض تنتاب الإنسان إنه شفاءُ الشفاء مع أن الأطباء يقولون: أنَّ الفَمَ كُلَّه جراثيم وميكروبات وطفيليات مهما تطهَّر توجد فيه فهو بؤرة الجراثيم والميكروبات أما سيِّدُ الأولين والآخرين فكلُّ الذي تمرض عينه يأخذ من ريقه فيشفى وهذا الكلام موجود حتى في الكتب السابقة لما علم أهل الكتاب بقرب زمان ولادته جاء كثير منهم إلى الجزيرة العربية منهم من سكن المدينة موطن هجرته ومنهم من سكن مكة وقد سكن منهم راهبٌ في مكة وسكن آخرٌ قريباً من عرفات وهم من أحبار اليهود
وفي الليلة التي وُلِدَ فيها رسول الله كانت لها علامة عندهم أن النجوم تقوم بعمل مظاهرات - ذاهبة وراجعة - حتى يعرفوا أن هذه الليلة ليلة الحضرة المحمدية وهذه كانت علامة عندهم في الكتاب ولو أعددنا الذين رأوا هذه البشارة لاحتجنا إلى كتب كالمقوقس وقيصر أيضاً كان يجيدان النظر إلى النجوم فأصبح يومها مهموماً فسألوه: ما بك؟ قال(رأيتُ الليلة كَوْكَبَ أحمد) ظهر الليلة كوكبٌ كبير ولونه أحمر ويملأ كل أركان الوجود وتزفه جميع النجوم الصغيرة ويراه كلُّ مَنْ في أرجاء الأرض في وقت واحد لكن الآن عندنا نجوم وأمريكا فيها شمس الآن لم يروا هذه النجوم واللحظة الوحيدة التي يلتقي فيه المشرقان والمغربان لحظة غروب الشمس في مكة المكرمة في وقت واحد فالراهب الذي رأى هذا النجم الذي كان يسكن بجوار مكة أرسل منادياً ينادي ويقول: يا أهل مكة مَنْ وُلِدَ له مولود الليلة فليأتني فذهب به جده إليه فعندما رآه ورأى أوصافه قال له: كن أباه فقال: أب لمن؟ قال: المولود الذي سيختم به الله عزَّ وجلَّ الرسالات
وبعد أربعة أيام رَمَدَتْ عينُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أهل مكة إذا مرض أَحَدٌ يأخذوه إلى الراهب الذي يسكن في عرفات فذهبوا به إليه فقال لهم (هذا دواؤه معه) قالوا: وكيف يكون ذلك؟ فقال (خذوا من ريقه وضعوه في عينه يشفى) فأخذوا من ريقه ووضعوه في عينه فشفى صلوات ربي وسلامه عليه وعندما أراد أن يفتح حصن خيبر هو والمسلمون ومكثوا يومين ولم يستطع أَحَدٌ الدخول وفي المساء قال لهم(غداً سأعطي الراية لِرَجُلٍ يُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُه، ويُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَه) فباتوا جميعاً يتمنون هذا الشرف وهذه المنزلة العظيمة حتى أن سيدنا عمر قال (ما تمنيت الإمارة في يوم إلا في هذا اليوم) وفي الصباح قال الرسول صلى الله عليه وسلم (أين عليّ؟ قالوا: في عينه مرض فقال: ائتوني به - وكان به رمد شديد - فأخذ من ريقه ووضع في عينه وَسَلَّمَهُ الراية وقال له: سيفتح الله عزَّ وجلَّ عليك فلم يحتج إلى مسٍّ ثلاثة أيام أو ثلاث مرات ولكنها مرةٌ واحدة فذهب الألم وشُفيت العين في الحال
كَمْ أَبْرَأَتْ وَصَباً بِاللَّمْسِ راحتُهُ
كم وكم إلى يوم الدين وليس في زمانه فقط وكذلك كان ريقه صلى الله عليه وسلم يطهر رائحة الفم وقد ورد: أن امرأة أرسلت بناتها الأربع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لتطيب بريقه أفواههن فذهبن للرسول صلى الله عليه وسلم وهو يأكل قديدًا والقديد: هو اللحم المجفف وكانت لا توجد ثلاجات فكانوا يأكلون من الذبيحة والباقي يحمِّروه ويجففوه ليعيش مدة طويلة فأعطاها قطعة لحم وقال لها: أعطِ كل واحدة من أخواتك قطعة منه بعد أن وضعها في فمه فَكُنَّ أنقى أفواه نساء المدينة رائحة ولو جلسنا نعد العلاجات التي عالج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم نجد أنها ليست لها نهاية فقد وصل به الأمر إلى أنه عمل عملية جراحية لم يقم بها أَحَدٌ من السابقين أو اللاحقين لواحد من أصحابه الكرام في غزوة بدر فقد ظَلَّ يحارب إلى أن قُطع ذراعه وتعلَّق على قطعة جلد فقط بعد قطع العظم واللحم وكان عندهم عزيمة غريبة في الجهاد نفخها فيهم سيدنا رسول الله الواحد منا يكون ذاهبًا إلى مشوار وعندما يعطس عطسة واحدة يقول: لا أذهب هذا المشوار اليوم بسبب البرد لكن هذا الرجل قُطع ذراعه وبقي القليل فقال له: أتعطلني عن الحرب في هذا اليوم؟ ووضع قدمه على ذراعه وفصله عن جسده من أجل أن يحارب ونسى ذراعه ما هذه الهمَّة يا إخواني؟ مثلما قال فيهم الله {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}
شرف ما بعده شرف أن يكونوا في هذه اللوحة هو ومن معه والتكريم يكون لكل الذين معه يوم التكريم العظيم لكل من كان معه الذي كان يطبخ له تكريم والذي كان متخلفاً في المنزل له تكريم كل مَنْ كان في الكتيبة المحمدية لا بد أن يكون مكرَّماً عند ربِّ البرية فيا هناءه كل من كان في كتيبة رسول الله وهذه موجودة إلى أن يلقى الناس الله بعد زوال الزمان وانتهاء المكان وبعدما انتهت المعركة تذكر ذراعه فذهب إلى رسول الله فقال له: احضر ذراعك وطبعاً الأنسجة والشرايين والعظم كل شئ تقطع هل هناك شئ في عالم الدنيا يضمه إلى بعضه؟ إذا كان جرحًا سطحيًا يخيط ولم يكن هناك مسامير أو جبس أو غير ذلك فأخذ من ريقه صلى الله عليه وسلم ووضع على ذراعه وضمه إلى جسده فشفي في الحال وصار خير ذراعيه كيف شفي العصب والأوردة وتنقل فيهما الدم؟ ولم يعمل إشاعة ولا غيره لأن هذه بركة ريق رسول الله
وكذلك السيدة فاطمة عندما تكون مشغولة كانت تحضر الحسن والحسين وتتركهما عند حضرة النبي في فترة الرضاعة إلى أن تنتهي من شغلها فعندما يجوع أحدهما يعطى له صلى الله عليه وسلم لسانه ليرضع فيه فيشبع بأمر الله وهذا ليس مرة ولكن مرارًا وتكرارًا هذا ريق رسول الله حتى لا يقول الجهلاء أنه في البشرية مثلنا وهكذا إذا تكلمنا في بشرية رسول الله صلى الله عليه وسلم فإننا نحتاج إلى سنين فما بالكم بالروحانية أو النورانية أو الشفافية أو الروح القدسية أو الذات المحمدية لأن هذه حقائق أخرى تحتاج إلى عوالم علوية وأرواح ساكنة في الملأ الأعلى لنفقه هذه الحكم العلية فبشرية رسول الله هذا نموذج منها الذي هو الريق وأنا قلت بعضه وليس كله لأننا لا نستطيع لا أنا ولا غيري من الأولين ولا الآخرين أن نتكلم على بشريته {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} إذاً كلنا عاجزون عن وصف بشريته فكيف نتكلم في روحانيته؟ وكيف نتكلم في نورانيته؟وكيف نتكلم في شفافيته؟ ومن الذي يستطيع أن يتجرأ ويقترب من وصف كماله القلبيّ وجماله الروحيّ
التعليقات (0)