عامٌ آخر يمضي من رحلة البشرية . وتلتصق أحداثه بصفحات التاريخ الفردي أوالجماعي . عامٌ تحققت فيه إنجازات ، وحدثت فيه إنتكاسات ، وإخفاقات . عامٌ تناثر في أجوائه الوردُ ، كما تناثرت في أجوائه الأشلاء والشظايا . عامٌ أفرح القلوب، منها ماشاء ، وأحزن منها ماشاء .. ومرّ كالنسيم أحيانا ، وكالعاصفة أحيانا أخرى . لكنه مرّ رغم إصراره على إثبات وجوده ، وعلى قهرنا .
عامٌ آخر يمضي ، ويسلم أجسادنا أو ما أبقى منها للعام الجديد ، ويوهمنا حين يلفظ أنفاسه الأخيرة ، بأننا إنتصرنا . فقط لنحتفل بتسليمه المهام لعام جديد هو أكثر قوة ، وأشد بأسا ، وأكثر شبابا . في تقاطع عكسي لنا مع الزمن في القوة والضعف . لأن الزمن تتصاعد وتيرة نشاطه وقوته ، والإنسان يتضاءل حجمه ، وتتناقص قوته حتى لايبقى منها شيئا . لذلك نستقبل العام الفتي بالأمل في أن يكون أفضل من سابقه بشكل ما ، وأكثر رأفة منه على أجسادنا ونفسياتنا المرهقة والمتعبة.
إذن نحن لانحتفل بتقدمنا خطوات نحو العجز والفناء ، بقدر ماهو إحتفال بالأمل الذي يحذوا نفوسنا في تعاقب الزمان علينا ، والأمل في أن يكون تعاقبا [محمود العواقب] . الأمل في أن نهتدي بخطانا إلى بر الأمان ، لأن المسير يزداد صعوبة مع كل خطوة إلى الأمام . الأمل في استحضار [البصيرة] عندما يشح [البصر] . الأمل في استحضار [الإلهام] عندما يشح [السمع] . الأمل في رفقة طيبة تلطف أجواء المسير.
عام سعيد . وعمر مديد . رغم أن الحقيقة تبقى أنه لن يكون بالضرورة سعيدا ، والعمر ليس بالضرورة أن يكون مديدا ، لكنه [الأمل ] في أن يكون كذلك . وهي إنطلاقة جيدة تلك التي تكون بالأمل . والتطلع نحو مستقبل أفضل.
ـــــــــــــــــــــــ
تاج الديـن : 01 - 2010
التعليقات (0)