كل الطُرق تؤدي إلى الله
مهما تكن درجة ايمان الفرد فإنه يعرف جيداً الطريق إلى الله دونما وصاية أو إرشاد وتوجيه ، فهو ليس بحاجة لهراء البشر ووصايتهم وتطفلهم لكنه وقع بشباك من يظنون أن الله لم يهدِ سواهم لم يكن أمامه خيارات متعددة فما وجده هو التدين الاجتماعي الذي بينه وبين التقليد رابطُ وثيق ، الجميع يُقلد بعضه في كل شيء وكأن الدين لا يكون صحيحاً بغير ذلك السلوك المُشين الذي يقضي على هوية الفرد الخاصة ويجعله تابعاً في كل شيء ، في مجتمعاتنا العربية نوصم بأننا متدينون وهذه وصمه عار لأنها بمثابة شهادة حُسن سيرةِ وسلوك عند من أبتدعها وابتدع ما ليس في الدين لغايةِ في نفسه السيئة ، مجتمعاتنا منافقة تُظهر التدين وتتقمص السلوك المتدين في الشكل والهيئة لكي يُقال عنها ذات إيمان وعبادة تمارس الفحش في تعاملاتها وسلوكها الخاص دون تأنيب ضمير نفاق وصل إلى العظم والسبب التشدد الذي لولاه لكانت مجتمعاتنا بخير وسلام ، بسبب ذلك الداء "التشدد" تركت المجتمعات الحياة السوية الطبيعية تنحت جانباً وتركت للظلام حرية العبث في الحياة اليومية ، مجتمعاتنا لا تعرف الطريق إلى الله إلا بطريقين المطوع والمسجد !
المطوع كما في اللهجات الدارجة هو الفقية والداعية والواعظ والحارس الأمين على العقول والحارس المؤتمن على الأعراض هو المُبتدع للقواعد والأراء المتشددة وهو الناقل لأقوال من سبقه ، ذلك النوع من البشر أخذ أكبر من حجمه لأنه أعلى من شأن الخرافة في قصصه ومروياته وقدسته المجتمعات لأنها وجدت فيه مشروع ينقلها من الظلام إلى النور كما كانت تعتقد تعلق المجتمعات بالخرافة وبمن يرويها سببه الشعور بالهزيمة والتهميش والتخلف ؟
المسجد دار عبادة ولأنه في السابق كان بمثابة دار اجتماع سياسي وديني حرم الفقهاء التخلف عن صلاة الجماعة لأن في حضورها إظهار للوحدة والتماسك وهنا يتجلى النفاق في أقبح صورةِ له ، فالتماسك شكلي فقط ! حضور صلاة الجماعة يعني وصول الرسائل السياسية في خطب الجمعة وما بين الأذان والإقامة في الدروس اليومية فالهدف من صلاة الجماعة سياسي في المقام الأول استدعته الظروف في الحقب الماضية ، تناقل الفقهاء تحريم التخلف عن صلاة الجماعة دون أن يمعنوا النظر في الأسباب والنتائج ، بسبب الضبابية والتشدد والتخلف أهملت المجتمعات الطرق المؤدية الى الله وركزت فقط على إطاعة المطوع في كل شيء وإنشاء المزيد من المساجد ودعمها بكل وسيلةِ ممكنه ، تلك الدور أكثر بكثير من المستشفيات والمدارس والمعاهد ومنشآت رعاية الأيتام والأرامل والمُطلقات وكبار السن والفقراء ، السبب لتلك الكثرة النفاق المجتمعي والسياسي ، تلك الدور ذات الطابع المقدس لا تصل بالمجتمعات إلى الله كما يعتقد البعض هي ليست الطريق الوحيد وليست منفذ الخير اليتيم بل هناك طرق عدة ومنافذ أكثر أهمية لو وجدت لوصلت المجتمعات إلى الله بكل يسرِ وسهولة ، ليس من التدين ترك الأرامل والفقراء والمرضى والعاطلين عن العمل بدون رعاية واهتمام وتلك وظيفة أصيلة من وظائف الحكومة لكن أين التكافل الاجتماعي والقيم الإنسانية قبل الحديث عن واجبات الحكومة تجاه مواطنيها ، أليست تلك الفئات بحاجة لمن ينتشلها من القاع ويأخذ بيدها ، الأموال تذهب لبناء مساجد لا تفتح أبوابها إلا في أوقاتِ معدودة وفوائدها محصورة بين الفرد وربه ومضارها الأيديولوجية أكثر من نفعها ، لو تم تسخير أموال بناء المساجد لبناء ما هو أهم لأنتهت كثيرُ من المشكلات ولأصبحت المجتمعات متمدنه وليس متدينة فالتمدن أعلى درجة في السلم الإنساني ولا تصل المجتمعات لتلك الدرجة إلا بإصلاح واقع الفئات الضعيفة والمهمشة ، جميع الطرق تؤدي إلى الله لكن هناك من اختزلها في بناء مسجد وطاعة مطوع فالتسلط والتبعية لا تتحقق الا بذلك الطريقين وإذا عُرف السبب بطُل العجب فالله ليس بحاجة تديننا النفاقي ولسنا بحاجة شهادة حسن سيرة وسلوك وواقعنا يفتقد للحُسن في كل شيء ؟
@Riyadzahriny
التعليقات (0)