تحتدم على ارض اليمن وفي الفضاء المفتوح من حولها..معركة من نوع جديد بدأت نذرها تتجمع مع الزئير المصم للآذان المدوي للانفجار الذي استهدف الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وقد لا تنتهي الا باصوات فرقعة السلاح وأزيز الرصاص على هذه الارض المنكوبة والتي لم تعرف السعادة يوماً..
معركة تدور رحاها بين صورتين متناقضتين تتصارعان على أي منهما يكون الاثبت والارسخ في اذهان الرأي العام العربي والعالمي.. صورتان قد تختلفان في التوجه العام والهدف ولكنهما تشتركان في التربع على مساحة واسعة من الاعلام بشقيه الحر او الاعلام الموجه والمبرمج وتتفقان كذلك على ادعاء كل منهما القدرة على ايجاد الحلول للازمة المحتدمة على ارض اليمن منذ شهور..
صورتان اولاهما للرئيس الممدد باهمال على السرير وملامح الالم والمرض بادية على محياه مطعما بكم هائل ومتضارب من التسريبات التي تتنناول حالته الصحية والمتغيرة حسب الموقف السياسي على الارض مابين بعض الجروح والحروق السطحية والحروق حتى تصل الى فقء العين وتعطل الرئة وكسر الركبة..تقابلها صورة اخرى معاكسة للرئيس الذي نزل من سلم الطائرة على قدميه وتتحسن صحته باضطراد ويستعد للعودة الى صنعاء المهيئة لاستقباله بالحلوى والزغاريد ودموع الفرح واطلاق الرصاص في الهواء ..
وان كانت الصورة الاولى تهدف ضمنيا الى تشجيع القائم باعمال الرئيس السيد عبدربه منصور هادي على تسليك عملية انقلابية هادئة تتيح لجميع الاطراف القفز بسلاسة الى الفقرة التالية من الخطة السعودية لانتقال السلطة فان كثافة الرصاص الذي يلعلع في المشهد السياسي للصورة الثانية قد يكون السبب في تردده الاقرب الى التمنع عن القيام بتلك الخطوة..
ومع ان الموقف قد يحمل من المتغيرات الآنية والفجائية ما يجعله عصيا على توقع اي الصورتين ستكون لها الكلمة العليا في المشهد السياسي اليمني..الا اننا نستطيع ان ننظر من خلالهما الى الصورة الكاملة التي ترسم الوضع المتفجر الناتج عن تعاظم التدخل الخارجي في الشأن اليمني واتخاذه مسارات بالغة الخطورة توحي باولية ووجودية الهدف المؤدي الى قطع الطريق امام اي محاولة لتكوين الدولة المدنية الحديثة في اليمن واستمامة بعض الاطراف الاقليمية الفاعلة في استبعاد القوى الشعبية الثائرة عن المعادلة السياسية وتطرفها في هذا الهدف حد استخدامها لوسائل قد تخرجها من خانة السياسة الى خانة الارهاب ودعم عصابات الجريمة المنظمة..
فكل الطرق يراد لها ان تؤدي حتما الى ساحة السبعين..جنازة كانت ام مسيرة احتفالية بالشفاء التام..لا يهم..فالمهم ان تتجنب المرور على ساحات التغيير والثورة..وبعدها لن يكون هناك خلاف على من سيكون في المنصة الرئيسية محييا الجموع الضاجة الصاخبة الزاعقة بحب من يشار له بالرئيس بغض النظر عمن يكون..
فالخلاف يبدو انه ينحصر الآن في شكل نقل السلطة في اليمن وليس في المضمون..وهل سيكون حسب ترتيبات تتماهى مع المبادرة السعودية دون الاشارة اليها كنوع من التوفيق بين وجهات النظر وارضاء خواطر المعارضين..ام عن طريق المبادرة بشكلها وصفتها وجهاتها الراعية مع وجود بروتوكولي مطلوب للرئيس صالح ضمن مسار محدد له سلفا وبضمانات كافية قد تكون بدأت بانتقال بعض افراد عائلته الى دولة الامارات العربية..
فليس من الخفي ان جميع الاطراف قد توافقت على سلب الشباب ثورتهم..وعلى التضحية برأس النظام مقابل الحيلولة دون تشكيل مجلس انتقالي قد يشارك به شباب الثورة والحوثيون واعتبار المبادرة الخليجية الحل الامثل والاكثر امانا لحل الأزمة السياسية ونقل السلطة من الرئيس اليمني إلى نائبه..وهذا السيناريو الاقرب الى التحقق قد يكون ثمنا معقولا وعادلا لاعتماد الشباب المبالغ به على احزاب اللقاء المشترك الذين قايضوا الشظايا التي تملأ جسد الرئيس بالسبيل المعبد الذي سيصل بهم الى السلطة المتمنعة عنهم بقوة الرئيس..
ورغم ان هذا الحل قد يكون مثاليا للعديد من القوى التي لم تخف معاداتها لحق الشعوب بالحرية والتداول السلمي للسلطة..فانه تبقى هناك اسئلة كثيرة قد يفرض التاريخ على تلك القوى الاجابة عنها حول الجهة التي قامت بعملية الاغتيال..وعن تزامنه مع الانفلات الامني والصدامات المسلحة التي قامت بها العشائر الموالية للجار الشمالي..وحول اللهفة المبالغ بها لابقاء النظام اليمني ضمن فلك الحكومات الاستبدادية القمعية والحيلولة دون تحوله الى النظام الديمقراطي التعددي..والاهم..هو على اي اساس كان هذا التدخل السافر وبأي ثمن..
التعليقات (0)