مواضيع اليوم

كلهم سلفيون!! فأين تذهبون؟!

قفصة تونس

2012-04-22 10:01:33

0


"مجلس شورى العلماء: هيئة مستقلة يجمع أعضاءه عقيدة (هي عقيدة السلف الصالح) ومنهج هو (منهج الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة). ومن هذا المنطلق تكون قراراته وتوصياته وبياناته بصفه مستمرة مرتكزة على هذين الأصلين: (العقيدة، والمنهج)".
هكذا عرَّف هذا التكتل السلفي نفسه، الذي جمع أعضاءه العشرة بعضهم بعضاً، وأطلقوا على أنفسهم "مجلس شورى العلماء"، وقد وصفه (أحد أعضائه) بأنه مجلس مكوّن من أكابر العلماء!
وبهذه المقدمة التي تمثل زياً شرعياً وصبغة دينية للموقف السياسي؛ قدموا بيانهم لدعم مرشحهم للرئاسة. وهذا البيان -الذي استقبله مؤيدو المرشح بالتكبير والتهليل- يأتي في سياق متحفز جداً لدرجة التشنج لمساندة حازم أبو إسماعيل رئيساً لمصر، حيث وصل إلى حد زعم أحد خطباء السلفية أن التخلي عن دعمه قد يكون تخلياً عن الدين!! وللأسف؛ كان ذلك في حضرة (حازم) نفسه وعلى سمعه وبصره! وهو توجه خطير يفتح الكثير من أبواب النقاش والجدل في مسارات كثيرة؛ فكرية وعقائدية وسياسية!
أما الاستقواء بسمت (التّدين) والشعارات البراقة والمصطلحات الرنّانة؛ فقد برهنت نتائجه القريبة على كثير من الفشل والذوبان والفضائح في مجال الممارسة السياسية بالمرحلة السابقة؛ لكنه لا يزال عادة مألوفة في ظل الجهود التي تبذلها تلك التيارات للبحث عن دور على المسرح السياسي. في الوقت الذي لا تزال فيه الحركة الإسلامية عموماً تستفرغ قواها لطرح مبرر لوجودها، بالبحث عن تأصيل منطقي لنشأتها، ثم البرهنة على صواب أفكارها ومعتقداتها، متغافلة عن أنها نشأت - في معظمها- بوصفها ردود أفعال بمستويات مختلفة (شدة واعتدالا ورخاوة)، وأن التجمعات البشرية التي تتمثلها قد تشكلت بفعل (العواطف) الجياشة لا (الأفكار) المتمكنة، في حين ظل التراث باتساع جنباته وضخامة مؤلفاته (منجماً) قريباً، كلٌّ يهرول إليه ويتحصل منه على ما يوافق هواه، ويدعم موقعه وموقفه مباشرة أو بالتأويل.
ومن هنا لا نملك التعامل مع مصطلح (السَّلفية) إلا بوصفه مصطلحاً فضفاضاً جداً، يلجأ إلى الزمن ليستمد منه قوته، وإلى أسماء تاريخية بعينها يتترس خلفها ويتخذ من أقوالها سلاحاً في مواجهة الخصوم. واحتكار طوائف معينة لهذا المصطلح فيه كثير من الغبن للتيارات التي انضوت تحت مسميات أخرى؛ لأنك إذا فتشت في الجناح الصوفي مثلاً -على اختلاف توجهاته - ستجد كذلك أن التراثَ القديم يمثل مصدره الوحيد الذي يستمد منه وجوده ونشأته ونشوته، فـ(ابن عربي) في فتوحاته المكية لم يكن مؤلفاً قومياً، و(ابن الفارض) لم يكن شاعراً حداثياً، والحلاج لم يكن منظّراً يسارياً، وابن الجنيد والشاذلي والبدوي وغيرهم لم يكونوا من خريجي السوربون! حتى كُتُب السحر الملقاة على بعض الأرصفة في شوارع القاهرة ليست من مؤلفات المستشرقين؛ بل هي مؤلفات سلفية أيضاً، نُسِخَت –قديماً- على أوراق صفراء مغبرة ألوانها!
وبين هذين التيارين الأصوليين (الصوفي والسلفي) بون شاسع، وبينهما عشرات الاتجاهات والأفكار والمواقف، وعدم الاستناد على (منهج علمي واضح) لكيفية التعامل مع التراث، والاكتفاء بـ (فهم) شخصيات منتقاة من التاريخ؛ يلقينا في (تجمعات عاطفية)، ترتاح لهذا الشيخ وتصفه بالعلامة، وتتمايل حول ذلك الإمام وتصفه بالعارف.
(وكُلٌّ يدَّعي وَصْلاً بليلَى ... وليلى لا تُقِرُّ لهم بِذَاكَا).
وقد يصل الأمر إلى أن يتنازع الشركاء في إمام واحد؛ وفي ذلك تحدث الطرائف المضحكة المبكية، طالما أنه لا يوجد ضابط لعمليات النقل من التراث وطرائق الاستشهاد والتأويل؛ فعلى الرغم من السمعة المتشددة التي يحظى بها الفكر الحنبلي في أوساط الجماهير، والمواقف المشهورة بمحاربة الفكر الصوفي؛ فقد وجدت طوائف من (الحنابلة المتصوفة!!) من أصحاب (المقامات) الذين أخذوا من التراث الذي يشبه (جراب الحاوي) ما يناسب هذا التوجه؛ فذكر في تعريف موقعهم الإلكتروني أنه "للتعريف بعقيدة الحنابلة السنية الصحيحة، وفقههم السامي المتميز، وإثبات أنه المذهب الميسر في التعبد، والمتوسط بين المذاهب، والنافع لهذا العصر، الذي فتح باب الاجتهاد المنضبط. فهو خلاصة مذاهب أهل الحديث وأهل البيت وأهل الرأي. مع رد شبهات المخالفين وأقوال (أنصاف المتحنبلين) الذين شانوا المذهب، في سبيل الوصول إلى الحق ووحدة الكلمة وتزكية النفوس مما علق بها من تجسيم وتعطيل ونصب ورفض وإرجاء وتكفير، ثم سلوك طريق العارفين المصلحين، قال قدوة العارفين الإمام عبد القادر الجيلاني: (لا يكون لله وليٌّ إلا على معتقد الإمام أحمد). وعقيدته هي عقيدة جمهور أئمة المسلمين كأبي حنيفة ومالك بن أنس والشافعي وجعفر الصادق وأبي القاسم الجنيد وأبي الحسن الأشعري"!!
أما لفظ (الصالح) رفيق مصطلح (السلف) وتوأمه، فهو لا يفيد أكثر من صاحبه، ولا يقدم شيئاً ذا بال للعلم أو المنهج، وكان يحي بن سعيد القطان المتوفى سنة (198هـ) يقول: لم نجد الصالحين أكذب منهم في الحديث! يقصد أنهم كانوا أكثر الناس كذباً على رسول الله (ص) دون قصد ودون وعي! فالصلاح وحده لا يكفي!
إننا نعيش في القرن الخامس عشر (الواحد والعشرين الميلادي)، وخلفنا أربعة عشر قرناً من تراث السلف الذي اختلط فيه الحابل بالنابل، والصدق بالكذب، والخطأ بالصواب، وفيه تعددت الأسماء، واختلفت التوجهات، وتنوعت المشارب .. فأين تذهبون؟!

http://almesryoon.com/permalink/4729.html




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !