كلنا للوطن وكل الوطن لنا

كنت اكبر منها بقليل عندما وقفنا في ملعب المدرسة نريد ان نغني النشيد الوطني اللبناني فنهرنا مدير المدرسة خوفا من مركز ميليشيا تابع لاحد الاحزاب المهمينة وقتها في ميناء طرابلس..
لم يكن مسموحا ان نقول كلنا للوطن للعلا للعلم .فنحن اولا لسنا "كلنا "بل فئات مفتفتة لكل منها وطن وعلم يعلو فوق علم الوطن ويمزق فيه...ولم يكن كل الوطن لنا ايضا فقسمته المليليشات الى كنتونات مقفلة بحدود سواعدها القاتلة التي ترعب حتى من يفكر باجتيازها ..
يومها غصت كلمات النشيد الوطني في حلقي وحلق اصدقائي الصغار و حاول مدير المدرسة تهدئة غضبنا والتأكيد لنا ان لبنان سيعود يوما احسن مما كان..اذا اجتهدنا وتعلمنا وكبرنا وعلمنا اولادنا ان يعشقوا الوطن كما عشقناه ,علينا ان نكون ابناء الدولة لا ابناء المليليشيات ابناء الوطن لا ابناء الكنتونات ابناء علم واحد لا اعلام ملونة لا لون لها وكل الوطن لنا لا حدود تفتفت مناطقه وتكبل طرقاته..كبرنا وتعلمنا وهاجرنا لم يحمل الوطن حبنا له فحملنا معه حبنا الى الخارج ,الى ملعب مدرسة لبنانية في بلد الاغتراب حيث لا سلطة لميليشيا على المدرسة فيعلو النشيد اللبناني ومعه علم واحد..
يرتفع صوت ابنتي مع صوت اصدقائها ,تحلم معهم بلبنان والبيت اللبناني والقرميد الاحمر والارزة الخضراء والجبال البيضاء وترفع مع اصدقائها لوحة كتب عليها لبنان سيعود احسن مما كان ..
ماذا اقول لها ؟ هل حقا يعود ؟هل اكرر لها ما قاله مدير مدرستي ؟او اسكت او اصمت او اصرخ او اطلق لاحلامها العنان ..لتحلم صغيرتي لا خسارة في الاحلام ولا وجع في المنام ..
احلمي يا صغيرتي مع اصدقائك كما حلمت مع اصدقائي وتعلمي واكبري وهاجري الى ابعد من مهجري وانقلي الحلم الى ابنائك وابناء ابنائك فلا بد لليل ان ينجلي ولا بد ان يستجيب القدر ..كلنا للوطن وكل الوطن لنا