كلمة هادئة بعد رحيل مبارك
لا يختلف أحد ان النظام السياسى فى مصر كان فاسدا وقد تجمعت كل أسباب الفشل فى هذا النظام من تمسك بكرسى الحكم وطول مدة الحكم وطول عمر الحاكم والتفاف رجال الاعمال الفاسدين حول النظام وبزوغ فكرة التوريث والجمع بين الرئاسة فى الدولة والرئاسة فى الحزب الوطنى (حزب الاغلبية ) وطبعا اغلبية بالتزوير , ثم تخصيص كل اجهزة الدولة من امنية واقتصادية لمصلحة النظام ومعناه ان السلطة المطلقة كانت فى يد النظام وكما قيل دائماً ( السلطة المطلقة مفسدةٌ مطلقة ) وهو ماتحقق وشاهدناه جميعا .ولا يختلف احد أن ما حدث فى الخامس والعشرين من يناير على يد الشباب هو ثورة لم يكن احد مطلقا يتخيلها ولا يحلم بها , ولكن مشيئه الله حدثت وكان ماكان والحمد لله على ماكان .ولا يختلف احد انه وبعد نجاح ثورة الشباب فى الخامس والعشرين من يناير , بدأ عهدجديد ولكن وفى نفس الوقت بدأت الأيدى تلتف حول الكعكة اما لتنال نصيبا او لتعتلى مقعدا او لتغير من جلدها كى تواكب الاحداث , وهذا ايضا ما شاهدناه فيما يجرى حولنا وما سوف نشاهده كثيرا لأن النجاح له الف اب اما الفشل فليس له الا ابٌ واحد ...
وهنا كانت هذه الكلمة الهادئة التى نحتاجها جميع فى هذه الايام الهامة من تاريخ مصر ,
وفيها يجب أولاً ان نقول ونؤكد أن الشعب المصرى شعب الحضارة ودائما ما تكون ثوراته سلمية لا دموية وذلك ما تجلى فى ثورة الشعب عام 1919 وفى ثورة الجيش عام 1952 والتى ايدها الشعب ثم ثورة الشباب الاخيرة فى يناير 2011 والتى تجمع حولها كل الشعب وايدها وساندها الجيش ,
ثم نقول ثانيا أن الرئيس مبارك بتنحيه عن السلطة رضوخا على طلب الشعب يكون قد اغلق ملفاً لعهدِ استمر ثلاثين عاما شهدت فيه مصر بعضا من الاستقرار واستطاعت سفينة القيادة فى مصر ان تبحر سالمة بين امواج عاتية وان كانت هذه السلامة فى الامن الخارجى لم تصاحبها سلامة فى الامن الداخلى وفى الامن الاجتماعى وفى الامن الاقتصادى ,حيث عانت الطبقات المتوسطة والفقيرة ( وهى الاغلبية الكبيرةمن الشعب) الكثير من تفاوت الدخل والخدمات واهمها الخدمات الاقتصادية والتعليمية والامنية ... وعلى ذلك نقول ان الثلاثين عام من عهد مبارك شهدت فترة رضا من الشعب فى العشر سنوات الاولى ثم وبعد ان بزغ نجم التوريث وعهد رجال الاعمال شهدت مصر اسوء فترات حكمها بل ونكاد نقول ان مصر لم تشهد عهدا مثيلا لهذا العهد فى كل عصورها وهو ما بين 1991 وحتى 2011 , وعليه نقول ان مبارك اجاد قليلا واخطأ كثيرا جدا جدا .
ونقول ثالثا , أن حركة الشباب التى ولدَّت شرارة ثورة الشعب فى الخامس والعشرين من يناير , لم تولد صدفة بل جائت نتيجة تحركات فى السنوات الخمس الاخيرة والتى كانت بسبب تنوع وسهولة وسائل التواصل بين الشباب من انترنت وغيره وكذلك صاحبها حرية فى التعبير فى كل مصر من فضائيات وجرائد ومواقع فى الانترنت ,وكذلك انشغال اجهزة الامن بامن الرئيس والرئاسة وإضعاف اجهزة الامن للمواطن رغم القمع والتنكيل الذى كان يحدث بين الفينة والفينة والذى لا يعبر عن قوة جهاز الامن لصالح المواطن ولكن لقمع المواطن والمعارضة .
ونقول رابعا أن ما حدث فى ميدان التحريرمنذ بداية تظاهرات يوم الغضب فى الخامس والعشرين من يناير والتى بدأها الشباب ثم ما لبث ان التحمت معه كل طوائف الشعب , أظهرت معدن الشعب المصرى الاصيل وعبقريته المبهرة , فهذا الشعب اظهر وحدة وطنية متينة واظهر تكافلاً اجتماعياً واظهر طاقة كبيرة فى العمل العام وخدمة المجتمع وكان ميدان التحرير هو صورة مصغرة لمصر فى وقت الشدائد والتى شهدنا صورتها فى اثناء حرب العبور رمضان 73 وكذلك فى ايام النكسة الحالكة فى يونيو 67 وها نحن نشاهدها فى ايام وليال ميدان التحرير 2011 , حيث لم يشكو احد من حاجة او فقر او تحرش او سرقة او اى نوع من الاحتياج , وهذه هى مصر الحقيقية .
ونؤكد خامسا أن كل الدول والفضائيات التى ايدت وهللت وتابعت احداث ثورة الشباب كانت تتخذ موقفها من مصلتحا ورؤيتها ,وهذا الكلام فى الدبلوماسية هو عين الحقيقة فليس فى علاقات الشعوب غير المصلحة وتوحد الهدف , فمثلا موقف الولايات المتحدة كان من منطلق مصلحتها فهى تؤيد النظام طالما ان بقاءه لمصلحتها وتعارض النظام طالما ان بقاءه فى غير مصلحتها , وكذلك بعض الفضائيات وانظمة الحكم فى بعض الدول كانت تؤيد النظام لمصلحتها وتهاجم النظام وبالتالى تؤيد ثورة الشباب لمصلحتها ولمعارضتها للنظام و وهذا الكلام فقط لكى نعرف صحة المقولة ( ما حك ظهرك مثلُ ظِفرِكَ)
سادسا واخيرا نقول ان نجاح ثورة الشباب اثبت فشل كل الاجهزة المعارضة فى مصر من احزاب وجماعات وان ما فعله الشباب فشل فيه كل المعارضين من احزاب ( الوفد والتجمع والغد والناصرى وغيرهم ) وكذلك الجماعات ( الاخوان المسلمين والجماعة الاسلامية السلفية وغيرهم )وكثير من الوجوه المعارضة المستقلةمثل البرادعى وعمرو موسىى وغيرهم , وعلى ذلك لا يجب ان نسمح لأحد من هؤلاء الفاشلين فى ان يستولى على الثورة بل ان يشارك الجميع بدون انتماءاتهم الحزبيةوالحركيةالتى ثبت فشلها من قبل , وكذلك لا يجب ان نبخس موقف قيادات الجيش المصرى غير الطامح للرئاسة وتأييده للتغيير الديمقراطى فى مصر وتأييده لثورة الشباب , وهنا ايضا يجب ان نحافظ على هذه الديمقراطية المكتسبة والا نكرر تجرية ثورة يوليو التى بدأت بالديمقراطية وختمت بتأصيل الديكتاتورية فى مصر وما عهد مبارك إلا ابن لنظام ثورة يوليو لمدة نصف قرن من السلطة العسكرية الديكتاتورية .وهنا نقول للجميع لنبدأ بأنفسنا و أننا جميعا سنهب لإستخراج البطاقة الانتخابية لكل منا حيث ان هذه البطاقة الانتخابية هى ضماننا للحرية والحياة الكريمة .... اللهم احم مصر وشعب مصر وشباب مصر ............
سعيد ابوالعزائم السبت الثانى عشر من فبرابير 2011
التعليقات (0)