مواضيع اليوم

كلمة صدق فى حق عمرو موسى ومحمد البرادعى

أبومهند العيسابي

2011-03-24 11:39:39

0

كلمة صدق فى حق عمرو موسى ومحمد البرادعى

للسفير / نبيل العربي

نقلا عن جريده الشروق

كلمة صدق فى حق عمرو موسى ومحمد البرادعى مع صباح كل يوم، تُطرح علينا أسماء جديدة فى السباق الرئاسى المصرى، وصلت الآن إلى ما يزيد على 7 أسماء، رغم عدم الإعلان حتى الآن عن توقيت عقد الانتخابات.

ويُسرع المجتمع المصرى فور تلقّى هذه الأنباء إلى تقييم شخصية المرشحين، فيدور نقاش لتحديد هل المُرشَح «مؤهل» لتولى هذا المنصب الرفيع أم لا، وهو سؤال خاطئ وسابق لأوانه، فلا توجد أصلا معايير ثابتة لتحديد المؤهلات سوى المنطق العام، فضلا عن أنه من الطبيعى والصحى أن يكون هناك أكثر من مرشح مؤهل، بل إن هذا مطلوب وبقوة.

أعنى بذلك، أنه عدا من يرى الانضمام إلى الحملة الانتخابية لمرشح ما، فمن الأفضل أن ينتظر الرأى العام استكمال قائمة المرشحين لمنصب الرئاسة، وطرح كل مرشح لبرنامجه الإنتخابى، قبل اتخاذ موقف تجاه مرشح أو غيره، حتى يختار «أفضل» المرشحين، وليس مجرد المؤهل منهم، وهذا واجب علينا جميعا تجاه مجتمعنا، خاصة تجاه الأجيال القادمة، الذين كان لهم الريادة فى هذه الثورة، كما أن التريُّث والانتظار هو أفضل سبيل لحماية مصالح البلاد.

مع هذا، رأيت الكتابة اليوم، كلمة صادقة فى حق عمرو موسى، ومحمد البرادعى، رغم احترامى الكامل لحق أى ناخب فى الاتفاق أو الاختلاف مع إيّاهما فى الرأى، وذلك لشعورى أن هناك حملة تشويه جارية بشأنهما، ولإيمانى العميق بضرورة وضعنا جميعا للمعلومات الصحيحة أمام الرأى العام، فى هذه المرحلة الدقيقة من الثورة المصرية. ولقد تواصلت علاقاتى المباشرة بكليهما ما يقرب من 40 عاما، على المستويين الوظيفى بوزارة الخارجية المصرية، وعلى مستوى الصداقة الشخصية، مما سمح لى بمعرفتهم شخصيا وعن قرب، ومتابعة أمور كثيرة ودقيقة تسمح لى، بل تفرض علىّ قول كلمة فى حقهما، بصرف النظر عمّن سيحظى بصوتى الانتخابى، ذهب هذا الصوت لأحدهما أو لغيرهما، وهو أمر لم أحسمه بعد التزاما منّى بما أدعو أن يتّبعه آخرون.

باعتبار أننا كنّا جميعا من عائلة وزارة الخارجية المصرية، أبدأ بعمرو موسى أقدمنا وظيفيا. يُتهَم عمرو موسى بأن مواقفه السياسية غير واضحة، ولا ترتقى إلى مستوى قوة تصريحاته الإعلامية، والتى توصف من آنٍ لآخر بأنها عنترية وخطابية، وهو اتهام خطير يمس مصداقية عمرو موسى، وهو قادم على الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية.

لقد عملت مستشارا سياسيا لعمرو موسى لمدة 7 سنوات، عندما كان وزيرا لخارجية مصر، وأشهد له بقوة مواقفه، وانطلاقها من وطنية شديدة، وغيرة صحية على مصر ومكانتها، وسعيه دائما لتوجيه السياسات الخارجية، وللتأثير عليها، وأحيانا لتعديل القرار السياسى المصرى إذا رأى ذلك، فضلا عن عدم تردده فى مواجهة قوى إقليمية وكبرى متعددة، دفاعا عما يراه فى المصلحة المصرية.
وعمرو موسى من مؤيدى السلام العربى الإسرائيلى الشامل، وداعم لأسلوب التفاوض لتحقيق ذات السلام، مع هذا وقف بقوة ضد التطبيع المبتذل، وهو ما جعله يحذر من «الهرولة» فى القمة الاقتصادية لشمال أفريقيا بعمّان الأردن فى منتصف التسعينيات. وتمسك موسى بمواقفه القوية الداعمة للموقف الفلسطينى فى تعامله مع كل من إسرائيل وأمريكا، مما دفع إسحاق رابين إلى التصريح بأنّ هناك «رياح غير مريحة» من وزارة الخارجية المصرية، واضطرت إسرائيل للاعتذار عن هذا التصريح أمام رفضه مصريا بقوة، فضلا عن محاولات بعض المسئولين الأمريكيين خلال تولى مادلين أولبرايت منصب وزيرة الخارجية الأمريكية تجنب التعامل مع وزير الخارجية عمرو موسى، والالتفاف حول وزارة الخارجية المصرية بأكملها لا تخاذه واتخاذ الوزارة مواقف وطنية مصرية متشددة.
واتخذ موسى مواقف قوية أيضا بالنسبة لقضايا دولية متعددة، فتمسك بعدم انضمام مصر لمعاهدة حظر الأسلحة الكيميائية، قبل أن تنضم إسرائيل لمعاهدة عدم الانتشار النووى، أسوة بالدول العربية، وتصدى لضغوط عديدة على مصر لعدم إثارة الموقف الإسرائيلى فى مؤتمر تجديد معاهدة الانتشار النووى عام 1995، وتمسك بإصدار قرار عن المؤتمر يدعو إلى إنشاء منطقة منزوعة السلاح النووى بالشرق الأوسط.

ويُحسب لعمرو موسى أنه أعاد لوزارة الخارجية مكانتها فى مصر وعلى مستوى العالم، مما جعل صوت مصر والوزارة مسموعا فى مختلف المحافل الدولية، وهذا أمر لا يتحقق إلا باتخاذ مواقف محددة وقوية.

أما بالنسبة لمحمد البرادعى، فقد نال أيضا نصيبه من الاتهامات الغريبة، أخطرها أنه مسؤول عن تهيئة المناخ، الذى سمح للولايات المتحدة بضرب العراق، وأشهد أنه اتهام بعيد كل البعد عن الحقيقة.

كنتُ سفيرا لمصر بواشنطن من 1999/2008، لذا تابعت عن قرب تناول البرادعى لقضية العراق، وأتذكر إلحاحه على العراق لإظهار أكبر قدر من التعاون مع المفتشين الدوليين، لكى يدعم ذلك موقف المجتمع الدولى الرافض للتوجه الأمريكى البريطانى نحو ضرب العراق وتدميره، وتابعت تعرض البرادعى لضغوط دولية عاتية للتأثير على تقاريره إلى مجلس الأمن فى الأمم المتحدة قبل الغزو الأمريكى للعراق، وأتذكر وقوفه بقوة يفند دفوعات وأطروحات وزير الخارجية الأمريكى باول تمهيدا لضرب العراق، وذكر البرادعى بصرامة لباول، والذى كان يجلس بجواره، أن ما تطرحه الولايات المتحدة بالنسبة لشراء العراق يورانيوم من النيجر، ضمن أمور أخرى، غير سليم وأن المستندات غير صحيحة، ولقد اتصلت بالبرادعى تليفونيا بعد الجلسة مباشرة لأهنئه على عرضه القيّم والواضح، فحذرنى ــ دون جدوى ــ من أن الاتصالات التليفونية غير آمنة ومسجلة.

وأضيف أن إدارة الرئيس بوش اتصلت بى مرارا بعد ذلك، للتنويه تارة، وللمطالبة صراحة مرات أخرى بأن تتخذ مصر خطوات لإنهاء خدمة البرادعى سكرتيرا عاما للوكالة الدولية للطاقة الذرية، خاصة بعد رفضه التمشى مع الموقف الأمريكى من الملف النووى الإيرانى، فكان ردى أن مصر لن تتخذ أى خطوة تجاه البرادعى وتؤيد تجديد انتخابه، وعليهم التعامل معه باعتباره شخصية محترمة صاحب مبدأ لن يلين أمام ضغوطهم.

والاتهام الثانى الموجه لمحمد البرادعى أنه ظل طويلا غير معنىّ أو ملم بالأحوال المصرية الداخلية، وأن علاقته انقطعت بالمجتمع المصرى. بالفعل قضى البرادعى مدة طويلة بالخارج، وإنما لا يعنى هذا عدم اهتمامه بالوضع المصرى الداخلى، فأتذكر أنه عندما كان يعمل مع المرحوم والدى إسماعيل فهمى وزير الخارجية فى السبعينيات، أنه ساهم بإيجابية خاصة فى إعداد مشروع كامل لدستور مصرى جديد بدلا من دستور 1971، وتميزت نصوص هذا المشروع بضمان حقوق المصريين والحريات وتحديد السلطات التنفيذية، وقد تم عرضه على الرئيس السادات رحمه الله، وللأسف لم يطرحه للنقاش على المؤسسات المصرية والمجتمعية.

وأذكر من يدعون عدم تواصل البرادعى مع المجتمع المصرى، أن محمد البرادعى هو أول من تحدث عن أنّ الثورة المصرية قادمة، مؤكدا أن الشباب سيقود هذه الثورة، وأول من دعا إلى مليونية التوقيعات، ثم التظاهر، ثم العصيان المدنى، ولقد فوجئت مصر، بمؤسساتها، وبأغلب شعبها، بأن نبوءته تحققت بالكامل حتى الآن، فكيف نتهمه بعدم التواصل، حتى إذا لم يكن متابعا تفاصيل بعض القضايا أو المشاكل الفرعية.

هذا مجرد تنويه من جانبى لما شاهدته فى حق عمرو موسى ومحمد البرادعى، حتى يبدأ المجتمع المصرى النقاش معهما، ومع غيرهما، حول برامجهم الانتخابية، وتصوراتهم حول صورة مصر المستقبل، من أسس سليمة بعيدا عن التجريح والتشويهات المغرضة. وأكرر مرة أخرى أننى سعيد للغاية أن نرى شخصيات فى هذا المستوى تتقدم للترشح لمنصب رئيس الجمهورية، فهذا حق أصيل لكل المصريين، رجالا ونساء، مسلمين وأقباطا، ودليل على ما تشهده مصر من تغيرات، وأثق أننا سنسمع عن أسماء مصرية أخرى على نفس المستوى، بما يضع أمام المجتمع المصرى خيارات حقيقية، يمارس من خلالها حقه الشرعى فى اختيار من يتولى زمام قيادة بلاده، لتنعم مصر بنظام مدنى سلمى لتداول السلطة والمشاركة السياسية الفعالة.

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !