كلمة العلامة السيد محمد علي الحسيني في مؤتمر" الإسلام المعاصر" في بروكسل2015
السادة الحضور أحييکم بتحية الاسلام السلام و أدعو الله عزوجل أن يکون هذا المٶتمر مفيدا للمجتمع الدولي وأن يکون عاملا للتقارب والتعاضد والتفاهم بين شعوب العالم.
قال الله تعالى في کتابه الکريم:"ان هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم و يبشر المٶمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا کبيرا"، الدعوة لما هو أقوم أي أصح و أکثر تلاؤما وتناسبا قد اقترن بالعمل الصالح وان يسلم الناس من شر وعنف يدنا و لساننا، وهذا هو جوهر الاسلام الحقيقي الناصع، الجوهر الذي يسعى البعض بمفاهيمه المشوهة والضالة المضلة أن يحرفه عن مساره الحقيقي.
سر بقاء وديمومة الاسلام أيها السادة يعتمد على روحية المعاصرة التي تتسم به، وهذه الروحية تستمد قوتها من الدعوة الى الاصح والاقوم و الى العمل الصالح المفيد والذي ينعکس خيرا على الاوساط الاجتماعية خصوصا و على الانسانية عموما.
الفئات والجماعات المتطرفة التي تسعى اليوم من أجل تقديم صورة مشوهة عن الاسلام بما يظهر الاسلام وکأنه دين منغلق ومنطو على نفسه ولايتواصل مع العالم و لاعلاقة له بالزمن، لکن الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام قد قال قبل 1400 عاما وهو ينصح المسلمين: "لاتقسروا أولادکم على أخلاقکم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانکم"، فکيف، وان هکذا عقلية تأخذ عامل التقادم الزمني بالحسبان و تضع فرق الزمن أساسا و معيارا في التعامل، انما هو بالاساس المنطق الحيوي للإسلام، المنطق الذي يسعى للتأقلم مع العامل الزمني وعدم التعارض والاختلاف معه، في حين نجد اليوم هذه الجماعات و الفرق الضالة المضلة تحاول جهد إمکانها للظهور بمظهر المخالف والمعارض لأي تقدم او تطور علمي أو اجتماعي ويصر على التمسك بثوابت ماضية وبأطر جامدة ظنا منها بأنها على حق وان الاسلام کذلك، في حين إن المسألة على النقيض من ذلك تماما، فالاسلام يدعو و يحث ويحفز على التقدم والتطور العلمي بما ينفع و يفيد البشرية جمعاء.
السادة الحضور: الاسلام رسالة تعايش و سلام ومحبة سماوية للإنسانية تسعى من أجل خير البشرية وسعادتها ورخائها و تقدمها، ولايمکن أن يقف الاسلام يوما أبدا بوجه التقدم العلمي والحضاري والثقافي طالما کان مفيدا للإنسانية وماکان ضارا فإن المجتمعات بفطرتها الانسانية ترفضها و تأباها، واننا إذ نواجه هجمة للتطرف الديني المشفوع بالارهاب تهدف الى طرح الاسلام في قالب وطابع منغلق على نفسه و رافض للآخر، فإننا مدعوون من أجل دحض هذه الرٶية الضالة وإظهار حقيقة أن الاسلام قد جاء أساسا لکي يعاصر الازمان ويتناغم معها بما يلبي الحاجات و التطلعات الانسانية،"وقل أعملوا فسيرى الله عملکم و رسوله و المٶمنون".
محمد علي الحسيني
بروكسل 12 تشرين ثاني 2015
التعليقات (0)