مواضيع اليوم

كلمة العراق في الاجتماع الوزاري الطارئ لجامعة الدول العربية الخاص بمناقشة انتهاك القوات التركية للأراضي العراقية والتي ألقاها وزير الخارجية العراقي الدكتور إبراهيم الجعفري

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العامين والصلاة والسلام على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين وجميع عباد الله الصالحين..

السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته

انطلق من قول الله تبارك وتعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)..

في رحاب ذكرى مولد رسول الله محمد (ص) رسول الحب والطمأنينة والعدل والسلام نحيي الأمة الإسلامية بل نحيي أمم العالم كلها بهذا المولد الشريف كما أحيي بمولد السيد المسيح (ع) رسول الحب والحرية..

السيد الرئيس..

السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية..

ابدأ حديثي بوافر الشكر والتقدير على الاستجابة السريعة لطلب العراق المشروع بعد أن انتهكت سيادته وهو يخوض غمار حرب عجزت عنها الكثير من الدول والتحالفات، ويرسم اليوم خارطة معركة مصيرية يهزم فيها الإرهاب الذي بدء في عام 2014 وسيطر على  40% من الأراضي العراقية واليوم تقلص أمام ضربات أبنائنا الأشاوس الشجعان ولم تضحى إلا 13% وإن شاء الله الأيام القادمة ستشهد بإذن الله تعالى هزيمة الباطل وانتصار الحق..

العراق من موقع قوته وبجهود جنوده الأبطال وشعبه الصبور والصامد الذي خاض غمار حروب وتحمل ما جرى في العراق.. 3 حروب حرب الخليج الأولى وحرب الخليج الثانية وحرب الخليج الثالثة، لم يتعب شعبنا.. هـُزمت الكثير من التحالفات الدولية العسكرية على أرض العراق ولم يهزم الشعب العراقي.. بقي صامدا وصابرا ومُـصرا على اسقاط الدكتاتورية المتمثلة بصدام حسين وقد هزمته..

عندما تفرض علينا الحرب ليس لدينا خيارا إلا المقاومة نقاوم.. وهذا حق مشروع بل واجب بذمة العراقيين..

اليوم أبناء الشعب العراقي واجهوا مفارقة جديدة تتمثل بانتهاك سيادة العراق من قبل الجارة تركيا، وكنا ولم نزل حريصين أشد الحرص على إبقاء العلاقات وهذا هو عنوان الدبلوماسية العراقية الجديدة، ليست دبلوماسية القوة بل قوة الدبلوماسية بالعراق تجعله يمشي واثق الخطى، ويمد يده لكل دول العالم ويناصرها في كل المجالات..

فوجئنا في 3/12/2015 بدخول قوات عسكرية تركية تقتحم العراق وتتغلغل إلى 110 كيلومتر باتجاه الأراضي العراقي، ما كان لنا إلا أن نتبع الأسلوب الدبلوماسي الحضاري واخبرنا سفارة تركيا في بغداد بهذا التجاوز، وأعربنا عن استنكارنا، وجرى اتصال هاتفي مع السيد وزير الخارجية التركي واخبرناه بأن هذا التجاوز غير مسموح به وليس لهم إلا أن ينسحبوا من العراق، وقال بأنهم سيكفوا ويقطعوا عملية زيادة العدد والجنود، قلنا له أصل البقاء بالعراق مرفوض ولا يمكن أن نسكت عنه، بعثوا وفدا للعراق استقبلناه في بغداد وجرى معهم حوارا مستفيضا ولأكثر من ساعتين.. وعدونا بأن الموافقة المبدئية تمت على سحب القوات لكننا نتريث قليلا إلى أن نرجع إلى أنقرة، فوجئنا بأن القرار في أنقرة يؤكد على وجود هذه القوات ولا توجد نية لدى الحكومة التركية بانسحاب هذه القوات، لم يكن أمامنا إلا المضي إلى مجلس الأمن..

كنت خلال هذه الفترة ومنذ الساعات الأولى وعلى اتصال مباشر مع حضراتكم عموما كجامعة عربية ومع اخواني وزملائي فردا فردا، وزيرا وزيرا، أتحدث واشرح لهم ما يحصل في العراق..

استدعينا ممثلي السفراء دول دائمة العضوية في مجلس الأمن وشرحنا لهم الموقف وخرج قرارهم بالاجماع بثلاث نقاط.. أولا شجب التدخل، وثانيا مطالبة تركيا بسحب القوات، ثالثا الوقوف إلى جانبنا بالمطالبة بحقنا في مجلس الأمن، وكذلك اتصلت بوزراء خارجية الدول دائمة العضوية وزيرا وزيرا، واخبرتهم الموقف ثم ذهبنا إلى نيويورك وشرحنا الموقف وألقينا خطابا في مجلس الأمن، وفي مجلس الأمن أيضا كان التجاوب إيجابيا لكن بقيت تركيا تراوح في محلها.. بُذلت محاولات وحوار من أجل سحب القوات التركية بأسلوب متحضر ودبلوماسي ولكن الطرف التركي أصرّ على مصطلح إعادة انتشار القوات وهذا يعني ضمناً بقاء القوات لكن تنتقل من منطقة عراقية إلى منطقة عراقية أخرى..

السيادة هي السيادة والأرض واحدة والانتهاك مفهوم واحد لا يسمح أبدا بهذا..

الحشد الشعبي كجزء أساسي من القوات المسلحة العراقية والبيشمركة وشباب العشائر اجتمعت كلمتهم جميعا على تحرير الأراضي العراقية من دنس داعش وهي كذلك قادرة أن تطهر العراق من أي قوة تتغلغل في أرضه..

عندما لجأنا إلى البيت العربي اعتقادا منا ولم نزل بأن أي دولة عربية تنتهك هو انتهاك لكل الدول، لذلك نحن نهيب بكم أن يتخذ مجلس الجامعة العربية موقفا يرقى إلى مستوى حجم الانتهاك..

الانتهاك غير مسموح به وأن يتعرض العراق بلد الحضارة العريق، العراق الذي يمثل العمق العربي والعمق الإسلامي وعمق المواجهة في التصدي في الخط الأول وخط التماس الأول في مواجهة الإرهاب..

ليدرك الجميع أن عام 2014 عندما كانت الهويات والجنسيات التي جاء منها قوات داعش كانت 62 دولة واليوم أكثر من 100 دولة ماذا يعني هذا؟؟؟

يعني أن كثيرا من دول العالم لم تسيطر بعد على مواطنيها، فيتسربون إلى العراق..

لكن ماذا عن أرض المعركة؟؟

على أرض المعركة رغم ازدياد عدد الدول التي تتورط.. لا أقول حكوماتها لكن بعض عناصرها تتورط بإرسال شبابها لكن العراق يتقدم والآن تتقلص المساحة التي اغتصبت من 40% إلى 17%..

العراق يدافع بكل شرف وبكل قوة عن أرضه إنما يلتمس الحلول الدبلوماسية إمتثالا لأخلاق القرآن الكريم ونحن الآن في ذكرى مولد النبوة والتمثل بالخلق المحمدي المتميز هذه قوة وليست ضعفا..

ما بذلناه من جهود وما سنبذله من جهود دبلوماسية ليس من ضعفنا إنما من قوتنا لأننا حريصون أشد الحرص على حفظ العلاقة الدبلوماسية مع كل دول العالم، وما نؤشره بينما كنا عليه وبينما ما نحن عليه الآن امتداد بالعلاقات مع كل الدول وكانت تركيا في المقدمة لأنها دولة جوار جغرافي وراعينا استحقاق التاريخ والجغرافية والموارد الحيوية، أرجو أن يفهم هؤلاء الأخوة نحن لازلنا حريصين على إبقاء العلاقة طيبة مع جميع دول الجوار جميعا ومن ضمنها الجمهورية التركية ولكن ذلك لم ولن يعني أننا نتسامح بانتهاك سيادتنا ودونها خرط القتاد.. وهذا أمر لا مفر فيه..

شعبنا يقاتل وسيقاتل ويواصل ضد داعش بكل فصائله وبكل خلفياته ومختلف الديانات والمذاهب والقوميات والمناطق العراقية من أجل شيء واحد اسمه الدفاع عن سيادة العراق ضد داعش..

لم نكن نتمنى أن تشغلنا بعض الدول عن معركتنا الحقيقية..

نحن نقاتل في العراق ليس فقط من أجل العراقيين نحن نقاتل من أجل بلدانكم وشعوبكم ومن أجل دول العالم كلها ومن أجل جميع هؤلاء.. فهل من الوفاء الآن أن نفتح معارك مع العراق الذي يبذل كل جهده من أجل الدفاع عن الجميع..

داعش تتواجد في كل المناطق وفي أشرس خندق وهو الخندق المتقدم وهو العراق والعراقيون يلوون ذراعهم..

كان من الواجب أن تتحشد هذه الدول وتقدم المساعدات ولم نطلب من أي دولة من الدول أن تقدم جنديا واحدا ولا نريد لأبنائكم أن يقاتلوا بدلا عن أبنائنا أبدا لكن طلبنا المساعدة بالغطاء الجوي والمساعدات المالية خصوصا وأن العراق يمر بظروف استثنائية تعرفونها جيدا ليست من صنع يده الأزمة النفطية اليوم أزمة عالمية ونشرت ظلها على كبرى دول العالم على روسيا وعلى دول أخرى..

ماذا قدمت مجتمعات العالم وحكوماتها للعراق؟؟؟

العراق لا يريد دما ينزف من أبنائكم على أرضنا ولكن ألم يكن من المروءة أن تقفوا إلى جانب العراق وتقدموا ما لديكم والمأساة في عمقها والآن تفتح معركة جانبية من الخلف مع العراق وهو ينهض بهذه المهمة وشر البلية ما يضحك فهم يقولون أننا نأتي للعراق لغرض للدفاع عن العراق ضد داعش.. العراقيون يقاتلون ضد داعش وينزفون دمائهم ونساء العراق يقدمن أولادهن من أجل الدفاع ضد داعش..

لا يشتبه أحدا فالعراق ليس ضعيفا فهو يقاتل ولكنه يستحضر ويذكر ويتذكر أن العلاقة التي تربطه بدول العالم علاقة متشعبة ومتعددة ويتطلع لحضوركم المسؤول والقوي من خلال وقوفكم إلى جانب العراق وسد الطريق أمام هكذا انتهاكات..

نحن في العراق لا نفرق بالسيادة بين أرض وأخرى كما لا نفرق بين سيادات الدول العربية، السيادة كلي لا يتجزأ ونحن نتمسك بالسيادة ونحافظ عليها..

العراقيون والطائرات العراقية والطيارون العراقيون حلقوا في سماوات بعض بلدانكم في فلسطين ومصر والأردن وسورية.. القوات المسلحة العراقية ليست جبانة نسورها حلقوا في الكثير من السماوات انتصارا للقضية الفلسطينية التي هي المرتكز الأم والمفاعل الحقيقي الذي يهب ويلهم كل المقاومين والثوار من أجل أن يستمروا.. فالمعركة واحدة بأي زمن كانت وبأي أرض دارت ولن نتعب منها ولكننا نريد أن نحل القضية على أسلم وجه..

أرجو أن يفهم هؤلاء جميعا أننا في الوقت الذي نتمسك فيه بالعلاقة مع هذه الدول ونحرص عليها لكننا أقوياء وإذا جد الجد سنجيب الحجر بالحجر، ولا نريد ذلك ولكن إذا جد الجد فأن المقاومة تستطيع أن توصل العراق عبر سفينة الحوار والدفاع إذا اقتضى الأمر إلى شاطئ الطمأنينة والسلام..

نطالب من جامعة الدول العربية وقد أخبرناهم مشكورة بإصدار قرار يدعم العراق مفاده كما عبر عنه أكثر من أخ خلال الجلسة قبل قليل وكنت مأنوسا ومعتزا عندما وجدت أن محتوى البيان قد جاء على لسان أكثر من وزير من زملائي وهذه في تقديري مبعث أمل واشراقة مستقبلية جادة، لعلنا نضع ليس فقط العراق بل الدول العربية على مشارف مرحلة جديدة أنه عندما تنتهك السيادة تتداعى لها كافة القوى والوزراء من كل الدول العربية..

لا يسعني الوقت أن أشكركم وزيرا وزيرا، وحكومة حكومة، لما سمعت به من الكلام الطيب والصادق..

الإدانة يجب أن تكون صريحة وغير خجولة والقرار يجب أن يتضمن انسحاب القوات التركية فورا بدون قيد أو شرط وعدم تكرار ذلك وعدم خرق السيادة وأشكر لكم ما أجادت به قرائحكم خصوصا في الاجتماع الخاص.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !