مواضيع اليوم

كلمة الدكتور إبراهيم الجعفري بخصوص تعليق القائمة العراقية عضويتها في مجلس النواب

maher marzougui

2011-12-18 05:24:11

0

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة، والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه المنتجبين، وجميع عباد الله الصالحين..
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته..
قال الله (تبارك وتعالى) في محكم كتابه العزيز:
((وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان))
ثمة ظاهرة ربما طفحت على السطح اليوم لم تكن الأولى، وقد لا تكون الأخيرة بأن نجد كتلة من كتلنا البرلمانية العزيزة تغادر البرلمان، وتنقطع في جلسات هذا اليوم عن الحضور.. أرجو أن لا يتحول هذا الانقطاع إلى قطيعة، وأرجو أن يراجعوا أنفسهم بأن عملاً كهذا لا يخدم العملية السياسية الوطنية العراقية التي نذرنا أنفسنا من أجلها..
ضمناً وبشكل هامشي يجب أن نقدّم الشكر إلى الأخ أسامة النجيفي؛ لأنه أثبت أنه رئيس البرلمان إضافة إلى أنه عضو في قائمة العراقية؛ فكان حضوره يحمل دلالة إيجابية في نفسي، وفي نفوسكم كذلك.
العراق الجديد.. بأي شيء جديد؟
جديد ببرلمانه، ودستوره، وحكومته، ومن خلال ما أفرزة شعبنا من الأمور الجديدة التي انعكست على البنى الفوقية، ونحن اليوم وبعد مرور ثماني سنوات نتقدم خطوات رائعة، وجيدة نحو الأمام، ونحقق إنجازات ممتازة.
حين أخاطب العقل البرلماني السياسي إنما أخاطب من ينظرون إلى المواقع ليس من خلال القضايا الشخصية - أنا لا أصفـِّر، ولا ألغي المكانة الشخصية لكل واحد - لكننا يجب أن نتذكر دائماً أن ننظر لكل شخصية من إخواننا وأخواتنا بلحاظين، اللحاظ الشخصي، وهو أن يبقى عزيزاً علينا حتى إذا غادر الموقع، فهو لا يغادر قلوبنا بالمشاعر، وعقولنا بذكريات.
الكثير من الإخوة تصدّوا لمواقع، وغادروها لم يبارحوا ذاكرتنا، واللحاظ الآخر، هو إن الموقع الذي كان يشغله له استحقاقات حتى إذا كان لدينا تحفـّظ على بعضهم غير أن استحقاقات الموقع تقتضي بأن نحترم من يشغله؛ احتراماً لعراقنا، ولدستورنا، وللمسؤوليات.. هذا الاستحقاق طبيعي، وغير قابل للتفكيك.
دافعتُ عن حكومة الدكتور إياد علاوي في عام 2004 حين كنت عضواً في رئاسة الجمهورية، ويعلم الإخوة الذين كانوا معي في رئاسة الجمهورية، منهم الأخ (غازي الياور) الذي كان رئيس الجمهورية، والأخ الدكتور روش.. يتذكران كم كنت أشمّر عن ساعد الجد، وأدافع دفاع المستميت عن كل قضية تخص الحكومة المؤقتة.
لم يكن دفاعي لعقد عاطفي مع شخص إياد علاوي إنما مع العقد الوطني الدائم بيني وبين من يتصدّى للمسؤولية؛ لذا حين نقف مع الأخ المالكي بغضّ النظر عن علاقتي الشخصية والتاريخية معه على أكثر من لحاظ إنما نقف معه، ونتعامل معه باعتباره يتصدى لرئاسة الحكومة، وفي مثل هذا الظرف الصعب، وهو الآن في الدورة الثانية، وقد جاء بإرادتكم، ووُلِد من رحمكم - رحم البرلمان -؛ لا ينبغي أن يكون الدفاع مني أو من قبل الآخرين تعبيراً عن صفقة عاطفية؛ إنما هنالك عقد سياسي بيننا وبين الذين يتصدّون للمسؤولية.
العراق اليوم يُقدِم على إنجازات رائعة.. هناك تقدّم، وإنجازات ممتازة جداً تحققت على الأرض، فلا توريث في العراق، ولا أبدية للحكام، إنما هناك تعدّدية في التصدّي، برلمانكم مرآة لكل مركبات المجتمع العراقي، وما من شريحة عراقية إلا ولها وجود في البرلمان.. برلمانكم اليوم يشرّع، ويتحدث في الفضاء وبالهواء الطلق، والحكومة تتداول كل الأمور بشكل صريح، والجميع يتنفسون برئة مفتوحة، والدستور فيه مواد ضمنت للجميع حقوقاً، ضمن الفدراليات والأقاليم بالشروط الدستورية المعروفة.
لا ندّعي عدم وجود أخطاء في الدستور، إنما أدّعي، وأثبت أن في الدستور أخطاءً، لكن وجود الأخطاء يستدعي الحوار، ولا يستدعي الخرق.. لا نخرق الدستور، لكننا نناقش الدستور..
هذا هو الفرق بين المقدّس والمحرّم.. هنالك حرم للدستور، ولكن الدستور ليس مقدساً، وليس قرآناً، أو أنجيلاً، أو توراة ً، إذن هو خاضع للنقاش، لكن لا نخرقه..
توجد أخطاء في البرلمان ينبغي أن نعالجها بطريق برلمانية، وكذا الحكومة حين تكون فيها أخطاء نعالجها بطريقة ديمقراطية.. أنا مع هذه الطريقة.
ما نراه على السطح اليوم مشاكل تترابط بشكل متكلـَّف بين منطقة ومنطقة أخرى.
لماذا نـُفاجَأ اليوم بصوت إلى الأمس القريب يقرع أسماعنا بأنه يخشى على العراق من الفيدراليات، ويخشى على العراق من الأقاليم، وبين عشيّة وضحاها ينادي بأقلمة العراق كله.. إقليم بعد إقليم، الإقليم ليس زراً كهربائياً تفتحه متى ما تشاء، وتغلقه متى ما تشاء.. يجب أن تكون هناك ثقافة: كيف حصل هذا الأمر بين عشيّة وضحاها، وأبناء المحافظة لم تـُجرَ معهم ندوات، واستفتاءات، وحوارات، وما شاكل ذلك.
هذه ممارسة لعمل صحيح في وقت سيئ، وتوقيت أسوأ.
من المسؤول عن هذه المفارقات!؟
لماذا ننحر هذه الأهداف الرائعة!؟
العالم يتطلع للعراق الآن، العراق ينجز كرامات إن لم تكن معجزات، إنجاز بعد إنجاز، وكرامة بعد كرامة.. انظروا إلى ملفات الحرب العالمية الثانية فكوريا واليابان لحد الآن تنوآن مما جرّته الحروب والأمر نفسه في ألمانيا.
العراق أنهى كل حساباته، ولم يتم عقد واحد على وجود القوات الأجنبية، وكلها ذهبت.
أليس هذا إنجازاً رائعاً يفخر به العالم كله!؟
دول العالم التي كانت تشمخ، وتتعالى على العراق، وتتهمه بمختلف الاتهامات تدين له اليوم بالسابقية، وتتعلم منا كيف تعاملنا مع شعبنا حين كانت ظاهرة التظاهرات والانتفاضات والثورات، تتعلم كيف تعامل العراق مع هذه الملفات حتى وصل إلى إشواط متقدمة في الديمقراطية؟
علينا أن نتحدث بالديمقراطية، ونعزز مواقعنا، لا أن ننحّيها جانباً، وننشغل بمعارك جانبية.
على ماذا!؟
علينا أن نفكر كيف نعِد ليوم الخروج النهائي للقوات الأجنبية من العراق؛ ليكون عيداً وطنياً بمعنى الكلمة.. اقرأوا، وانظروا إلى تجارب العالم بما فيها أميركا حين احتلتها بريطانيا، انظروا ما الذي فعلته، جعلت يوم خروج البريطانيين عيداً أسمته (عيد الاستقلال).
رئيس الحكومة سافر إلى أميركا، وتحدّث بعز العراق وكرامة العراق، تحدّث باسمكم جميعاً، ولم يتحدث باسم الشيعي دون السني، ولا باسم العربي دون الكردي.. تحدّث باسم كل العراقيين، فلا ننسَ هذا كله..
إذا كان هنالك خطأ نواجهه، وأنا مستعد لأن أواجهه أمامكم، فلا نفسد هذه الإنجازات بإثارة بعض التخرّصات.. الأخ رئيس البرلمان تعلمنا منه بأنه وطني، وأول جملة قالها عندما قال له أحدهم: إنك مسؤول، وأنت من القائمة العراقية. قال له: أنا الآن رئيس البرلمان العراقي.
غلـِّبوا الصوت الوطني، لا أقول لكم تجرّدوا عن قومياتكم وأحزابكم، لكني أقول لكم: اجعلوا الانتماء الوطني فوق كل شيء.
اسمحوا للسلطة القضائية أن تأخذ طريقها، فمما تفاخر به دول العالم هو إن السلطة القضائية مستقلة، ولا يؤثر فيها أحد..
إلى الأمس القريب في أميركا بالدورة الثانية للجمهوري ريتشارد نكسن سحبوا منه الثقة إثر فضيحة نوتركيت، وكادت الإدارة الديمقراطية أن تسحب بل كلنتون لمشكلة مونيكا إليونسكي.. تاريخنا معزّز بهذه، الخليفة الثاني عمر بن الخطاب يقول على منبر المسلمين: يخطئ عمر، وتصحّح له امرأة، والخليفة الرابع علي بن أبي طالب يجلس ويقومون بوجهه، ويتكلمون، ويتجرأون عليه، ويعطيهم الحق بأن يتكلموا بما يشاؤون.. هذا هو تاريخنا.

العراق اليوم يتقدم، فأنتم الآن تسبقون حكومة مصر، وتسبقون حكومة تونس، وحكومة ليبيا، ولا تزالون تتقدمون..
إذا أردتم تبديل الدستور فافعلوا، وإذا أردتم التعديل فلكم ذلك، لكن بالطريقة الصحيحة، وكذا الأمر بالنسبة للحكومة والبرلمان لا من موقع القطيعة والتنابز والتلاعن والتناكد؛ فهذا لا يوصلنا إلى نتيجة.
أين المرأة في العالم، لنقارن بينها وبين المرأة في العراق.. ألم تدخل المرأة العراقية في البرلمان والحكومة والإعلام في وقت مبكر.. فلا نضيّع هذه الإنجازات، وننشغل بمعارك جانبية، ونفتتح اجتماع اليوم بقضية جزئية أردتُ أن تكون في داخل التحالف، لا لأني أستحي من ذلك، بل لأني أحرص على كل القوائم من دون استثناء.
أدعو البيت الكردي أن يلملم أطرافه، ويحل مشاكله داخل البيت الكردي، وأرجو من القائمة العراقية أن تحل مشاكلها في داخل القائمة العراقية.. لا أستطيع أن أتصور برلماناً قوياً من دون كتل قوية، ولا أستطيع أن أتمنى لقائمتي الخير، وأتمنى للآخرين الشر، علـّمني رسول الله (ص) أن أتمنى الخير للجميع:
(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)
لم نأتِ إلى هنا؛ ليحكم أحدنا الآخر.. نحن نريد برلماناً قوياً، الجميع يجلسون هنا كإخوة متحابين، نعم.. كل واحد منكم انتخبته شريحة اجتماعية معينة، لكنه في البرلمان يجب أن يتكلم باسم ملايين العراقيين من دون استثناء.
العراق يريد أن يرى الشيعي يتكلم عن كل العراقيين، ويريد السني كذلك، فلا تفكروا أن تكونوا مقبولين لدى شرائحكم فقط.. لا أريد كردياً مقبولاً كردياً إنما أريد أن يكون الكردي مقبولاً عربياً وتركمانياً.. لا أريد سنياً مقبولاً سنياً فقط إنما يجب أن يكون السني مقبولاً شيعياً.. لا أريد مسلماً مقبولاً إسلامياً فقط.. أريد أن يكون مقبولاً عند بقية الديانات.
أوجه خطابي إلى أهل ديالى، وكل المناطق الأخرى التي تتواشج فيها هذه الكتل سوية سنة وشيعة: أن الأقلية في كل مدينة أو قرية أمانة في أعناق الأغلبية.


أخاطب المدينة التي فيها أغلبية شيعية: أن السنة أمانة في أعناقكم، وأخاطب المدينة التي فيها أغلبية سنية أن الشيعة أمانة في أعناقكم.
لا تـُستدرَجوا إلى افتعال معارك تساءلون عنها غداً، ويطول وقوفكم بين يدي الله، ويحتقركم التاريخ.. يجب أن نرتقي إلى مستوى همومنا فهذه الجزئيات وهذه المشاكل ليس شرفاً لأحد. ليأخذ الكفوء الموقع، وليتقدم الأكفأ.
نريد أن ننتقل من الكفوء إلى الأكفأ، والخطاب ينتقل من الخطاب القوي إلى الخطاب الأقوى، والبرلمان القوي إلى الأقوى، قال الله تعالى:
((الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه))
لا يوجد عندنا سيئ وحَسَن، إنما يوجد حَسَن وأحسن، وقوي وأقوى..
قوتكم أن نجدكم تجلسون سوية، وتتحاوروا..
ما هذه المأساة!؟
لنفترض جدلاً الآن أن ملفات فساد كـُشِفت، وهناك إدانة لأحد ما يجب على القضاء أن لا يتأثر بأي شيء مهما كان.. قوة القضاء بأن لا يتأثر بالسلطة التنفيذية فضلاً عن أن يتأثر بحاكم أو قوة تشريعية..
قوة القضاء سرّ الحضارة، وفي كل بلد يُقاس مدى استقلال السلطة القضائية في تعاملها مع الملفات، وتلك هي الأمانة:
((إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمّا يعظكم به))
أملي بكم أن تخنقوا كل التخرّصات التي تحاول أن تصدع الوحدة الوطنية، ولا تفرّقوا بين الأفراد فضلاً عن أن تفرقوا بين الكتل.. نريد أن تنتهي الدورة ونجد أنفسنا قد تقاربنا أكثر فأكثر؛ حتى نصبح أمام مخ وعقل عراقي يفكر سوية، وأيادٍ عراقية تعمل من أجل الصالح العراقي.
أرجوكم، وأتوسل إليكم أن لا تدّخروا جهداً في تقوية البرلمان، وتقوية الدستور، وتقوية الحكومة، والتفاعل مع كل الإنجازات، وفي الوقت نفسه ومن موقع الإنصاف أن تنصفوا البلد فيما عليها من سلبيات، ولكن بطريقة حضارية بنـّاءة، لا بطريقة كيدية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كلمة الدكتور إبراهيم الجعفري بخصوص تعليق القائمة العراقية عضويتها في مجلس النواب

http://www.al-jaffaary.net/index.php?aa=news&id22=872

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !