مواضيع اليوم

كلمة الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة في الدورة الأولى للاجتماع الوزاريِّ لمُنتدى التعاون العربيِّ الهنديّ في العاصمة البحرينيّة المنامة

بسم الله الرحمن الرحيم

وافر الشكر والتقدير للسيِّدة وزيرة الخارجيّة الهنديّة السيّدة سوشما سوراج، وإلى أخي العزيز الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة على حُسن الضيافة، وإلى الأستاذ الدكتور نبيل العربيّ.

صحيح أنَّ هذا هو اللقاء الأوّل غير أنَّ اللقاءات لا تـُقاس في نجاحها على أساس كم من المرّات اجتمعنا.

هناك أكثر من حُمُولة تجمع بين العرب والهند، وإنَّ هذين الطرفين لم ينطلقا في سماء العالم الجديد من فراغ، وكانت أولى هذه الحُمُولات هي الحُمُولة الحضاريّة؛ إذ العرب رُوّاد الحضارة الأولى في التاريخ، والعراق حمل بواكيرها منذ الألف السادس لميلاد السيِّد المسيح -عليه السلام-، وكان قد رسم بواكير الحضارة، ويحتلّ، ويحمل هذا الرصيد الحضاريَّ بطبيعته كإنسان يعرف قيمة الإنسان الآخر؛ لذا يتبادل الأنسنة مع كلِّ البشر سواء في اللون، أم القوميّة، أم الانتماء العِرقيّ.

والحُمُولة الثانية. حُمُولة التجربة التحرُّريّة التي نهضت بها الهند على يد المهاتما غاندي، وحَسَناً فعل الذين سبقوني فيما أشاروا في أكثر من كلمة إلى المهاتما غاندي، لكنني يجب أن أقتبس شيئاً ممّا قاله. قال غاندي: ((علـَّمني الحسين كيف أكون مظلوماً فانتصر)).

فما هو مفهوم من يُبرِّر التفجير، والقتل، والانتقام، وحرق الناس أحياءً، وما مُبرِّر  مَن يعتقد -إذا كان صادقاً- أنه يحمل اسم التحرُّر، والمُقاوَمة بصفة الإرهاب؟

هؤلاء ليس لهم الحقّ أن يتكلموا باسم قِيَم الإسلام، وقِيَم الإنسان.

الحُمُولة الثالثة التي يملكها هذان الطرفان هي حُمُولة المُجتمَعيّة المُتنوِّعة. شبه القارّة الهنديّة بهذا العدد الكبير، وهذا التنوُّع تتعامل مع مُكوِّناتها، وتنسجم بالمجموع الذي لم يُذوِّب حقوق المُكوِّنات، بل استطاع أن يُؤلـِّف بين ما يخرج كمُكوِّن مُجتمَعيٍّ مُتعدِّد تتآلف فيه المذاهب، والقوميّات المختلفة.

ورابع الحُمُولات. هي الحُمُولة الاقتصاديّة. لقد حبا الله -تبارك وتعالى- منطقة الشرق الأوسط، وكذلك الشرق الهنديّ بمُختلِف أنواع النِعَم، والثروات، حيث الثروة النفطيّة التي هي شكل مُهمّ، وأساسيّ لا تستطيع أن تتجاوزه، والثروة البشريّة.

وحُمُولة المواقع الاستراتيجيّة. دولنا العربيّة في قارّتين: (آسيا، وأفريقيا)، وتحتلّ موقعاً مُهمّاً في العالم.

المطلوب منا أن ننحا منحى جديداً، ونتعامل مع هكذا اجتماع في وقته..

هذه الحُمُولات التي توافرت لابُدَّ أن نضع أحداثها الاستراتيجيّة نُصب أعيننا، ونضع آليّات، وتنظيرات تـُوصِلنا إلى ضرورة إشاعة الأمن في عالم يعصف فيه الإرهاب. لا نستنكر بالإعلام فقط، أو نعقد اجتماعات، أو مُؤتمَرات، ولكن ينبغي النظر إلى أنَّ هناك ثقافة سبقت هذا العاصف الإرهابيَّ، ولابُدَّ من إيجاد مُعادِل ثقافيٍّ يُعيد للإنسان كرامته؛ حتى نواجه هذا التجاوز على كرامة الإنسان، واستباحة الإنسان طفلاً كان، أو شيخاً، أو امرأة، بسيطاً كان أو مشهوراً، وفي الوقت نفسه الفوارق الفاحشة في الاقتصاد بين عالم الشمال وعالم الجنوب، والفرق الفاحش في الدخل، والفرق الفاحش في الثروات.. مُجتمَعات تتضوَّر جوعاً، وأخرى حائرة أين تضع هذه الثروات، وتغرق الثروات في المُحيطات من أجل الحفاظ على سعر السوق بدعوى نظريّة مالتوس. ومَن يقرأ نظريته يجد أنّ الرجل بريء كلّ البراءة من هذا الهدر بالثروات، كما نـُؤكـِّد على تمتين العلاقة على أساس المحبّة، والثقة بين الشعوب.

لا أكتمكم سِرّاً. انتشرت اليوم ثقافة جديدة، وهي: ثقافة استباحة الدم، والكرامة، والسيادة، والمال، وكلّ شيء بسبب الخلاف. هذه الثقافة لا تمتّ للإنسانيّة بصلة؛ الإنسان السويَّ بحكم العقل والمنطق يحترم أخاه الإنسان: ((لا يُؤمِن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبّ لنفسه)).

المرأة تـُنتهَك سيادتها، وتعاني بعض المُجتمَعات من وأد جديد سواء كان في الهند، أم الصين، وحتى في المناطق الشرقية، إضافة إلى انتهاك حُرمة المرأة، وتغييبها، وانتهاك حقوقها.

الطفولة -هي الأخرى- مُنتهَكة، حيث عدد الأطفال الذي يُعتدى عليهم باغتصابهم، وتدميرهم، وغرقهم في البحار مُتزايد.

كلُّ هذه تنتظر مُبادَرات وإن جاءت مُتأخـِّرة. العالم كله ينتظر هذه المُبادَرة العربيّة- الهنديّة؛ حتى تشقَّ طريقها إلى التطبيق.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !